اليوم التالي ..

اليوم التالي ..

لا نذيع سرا عندما تقول بأن الملف الاقتصادي يمثل جل اهتمام السوريين في الانتخابات الرئاسية 2021 ، بما يتضمن من ضغوط وعقوبات اقتصادية شديدة خصوصا الأمريكية والأوروبية,  وبما خلفته سنوات الحرب العشر من انكماش في الناتج المحلي الإجمالي نتيجة النقص في الإنتاج الصناعي والزراعي وما نتج عنه من تدني كبير في سعر صرف الليرة السورية, طبعا , كان للفساد بكل أشكاله حصة كبيرة في انهاك الخزينة العامة وتردي الإيرادات العامة  للدولة سواء في هدر المال العام أو استباحته,
 السؤال المطروح الآن : ماذا نريد كسوريين وبعد انتهاء الانتخابات الرئاسية 2021 
لعل القدرة الشرائية للفرد السوري ستحتل رأس الأولويات المطلوبة، لأنها الأساس في تحريك عجلة الإنتاج الصناعي والزراعي والخدمي والمساهمة  في تطوره, إضافة إلى أن  اجتذاب رؤوس الأموال الخارجية مرهون بشكل كبير بالقدرة الشرائية للفرد في السوق الداخلية,  وعندما كنت سفيرة لبلادي في ماليزيا, في لقاء مع غرفة التجارة هناك , أول سؤال توجه به أعضاء الغرفة لي:  كم يبلغ الناتج المحلي الإجمالي لسورية ؟؟؟؟  وكم يبلغ دخل الفرد السنوي؟؟؟ تعتبر قوة السوق الداخلي أحد المحفزات الهامة لاجتذاب الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة للبلد.
لا بد من اتباع سياسات اقتصادية ومالية ونقدية، تهدف لترميم القدرة الشرائية للمواطنين تدريجيا، أهمها: العودة الى السياسات الحمائية لحماية المنتج المحلي ولو لفترة معينة، لتمكينه من المنافسة، فإذا كان المنتج المحلي سيتعرض للمنافسة مع منتجات الأسواق الآسيوية وغيرها، فانه سينهار حتما، وسنعيد مرة أخرى اغلاق المعامل الصغيرة والورش، اضافة إلى مراجعة الاتفاقيات التجارية مع الدول الأخرى وخصوصا مع الدول العربية، بالإضافة الى محاولة استمرار الاستقرار في سعر الصرف. 
في سياق الإصلاح الاقتصادي ، صدر في دمشق في الأيام الماضية، القانون 18 لتشجيع الاستثمار بكل أنواعه الصناعي والزراعي والسياحي، تضمن قانون الاستثمار الجديد قدرا عاليا وغير مسبوق من المزايا والإعفاءات الضريبية والجمركية لخطوط الإنتاج والآلات، والجديد في هذا القانون, إنشاء مركز التحكيم المستقل في اتحاد غرفة التجارة،  
خطوة إصلاحية أخرى تمثلت في إنجاز "المسودة النهائية لمشروع الصك التشريعي الخاص بالشركات المساهمة العمومية والشركات المشتركة" تمهيدا لمناقشتها في مجلس الوزراء  , هذه المسودة قامت بتفصيل عملية تحويل الشركات العامة المملوكة للدولة الى شركات مساهمة وخضوعها بالتالي لقانون الشركات رقم 29 لعام 2011 , حسب ما جاء في المادة 216,  والتي نصت على ما يلي :
تحويل الشكل القانوني لشركات القطاع العام إلى شركات مساهمة مغفلة عامة:
 يجوز للمؤسسات والشركات الاقتصادية العامة ان تحول شكلها القانوني إلى شركة مساهمة مغفلة عامة وذلك بإتباع الإجراءات التالية:
1/ ان تحصل على موافقة مجلس الوزراء والجهة التابعة لها، ويصدر قرار عن مجلس الوزراء بتحويلها بناء على اقتراح الوزير المختص تحدد فيه الضوابط التي تخضع لها الشركة بعد التحول وتتولى الحكومة اتخاذ الإجراءات القانونية لتنفيذ ذلك.
2/ يخضع تحويل الشكل القانوني للشركات العامة (المملوكة للدولة) إلى شركات مساهمة مغفلة عامة للقواعد والأنظمة المتعلقة بهذا الخصوص.
واضح أن المادة المذكورة وضعت بدون تفاصيل ولكنها هدفت الى إجازة موضوع "تحويل الشركات العامة المملوكة للدولة الى شركات مساهمة مع الاحتفاظ بملكية الدولة للقطاع العام" , مع الإشارة إلى أن هذه الشركات العامة استعصت مشاكلها على الحل منذ بداية الألفية الثالثة, حيث شكلت لجنة ال 35 في عام 2001, لإصلاح القطاع العام . 
بالعودة الى قانون الاستثمار الجديد، صحيح أنه قانون حافل بالمزايا والإعفاءات ويحسب له قبول مركز التحكيم التجاري الذي سيتم إنشاؤه في غرف التجارة، ولكن لا بد من ذكر عدة نقاط حتى تكون مشاريع إصلاحية حقيقية:
النقطة الأولى: تتعلق بتحديد هوية الاقتصاد السوري، بدون هوية واضحة للاقتصاد لا يمكن حسم الجدل بشأن كثير من القضايا، بل ستكون متبدلة حسب الظروف وهذا التغير المحتمل عاجز عن استقطاب الاستثمارات غير المباشرة، 
النقطة الثانية: خلق القضاء التجاري المستقل، والذي يقوم بالبت بالمنازعات بالسرعة اللازمة، بشكل يعزز ثقة المستثمرين بأن القضاء سينصفهم وسيبت بالقضايا التي ترفع له والأحكام التي تصدر عنه واجبة التنفيذ.
النقطة الثالثة: يجب أن تكون المشاريع وفق قانون الاستثمار أو قانون التشاركية، بعيدة عن قانون الاستملاك على الأقل لمدة محددة، قد تكون خمس وعشرون سنة أو أكثر, لأن قانون الاستملاك " بعبع " الاستثمار ومع ورود كلمة "السعر الحقيقي " في نص قانون الاستثمار رقم 18 , إلا أن تفسير المصطلحات غالبا ما يخضع لأهواء ومصالح شخصية , فيجب حماية المشروع حسب قانون الاستثمار من أي شكل من اشكال نزع الملكية. 
النقطة الرابعة: تتعلق بحوامل الطاقة والمواد الأولية، يجب ان ينص القانون على إمكانية أن يقوم صاحب لمشروع أو إدارته باستيراد المشتقات النفطية والمواد الأولية عندما لا تؤمن له في السوق المحلية.
النقطة الأخيرة: تتعلق بالكوادر البشرية، فقد ذكر قانون هيئة الاستثمار، بأن كوادر الهيئة يعملون وفق قانون العاملين الموحد في الدولة، الحقيقة التي يعلمها جميع من عملوا في حقل الاستثمار، بأن قانون العاملين الموحد والرواتب الحالية، لا تصلح لمهمة شاقة نعلق عليها آمال كبيرة، ولا تؤدي إلى أي نجاح.
أخيرا .... ماذا بعد انتهاء العملية الانتخابية الرئاسية 2021؟ صحيح أن فترة الحرب التي امتدت لسنوات عشر، أثرت سلبيا على كل مكونات القضايا التنموية والاقتصادية وجعلت الوضع محبطا وثقيلا، تجلى في المعاناة المعيشية للسوريين ... 
ولكن , لا خيار سوى أن تستمر الخطوات الإصلاحية...  والناس يحلمون بغد أفضل مفعم بالأمل.

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني