الأسئلة الصعبة  .... ؟!!!

الأسئلة الصعبة  .... ؟!!!

د.لمياء عاصي 
يقيس مؤشر البؤس الاقتصادي جودة الحياة الاقتصادية لعموم الناس من خلال رصد معدلات كل من التضخم والبطالة  والفوائد المصرفية , قدم  الاقتصادي  آرثر اوكون  حسابا لهذا المؤشر كالتالي : مجموع  معدل  البطالة والتضخم  مضافا له معدل الفائدة المصرفية مطروحا منه الفرق بين نمو الناتج المحلي الإجمالي الفعلي ومعدل النمو المعتاد , ربما بدون حساب دقيق لمعدل البؤس الاقتصادي في سورية , نستطيع أن نعرف أن الوضع الاقتصادي لغالبية السوريين بائس جدا  , ليس فقط , لأن معدلات  التضخم والبطالة عالية  جدا,  بل بسبب ضعف الثقة  بين الناس والحكومة  . 
في البداية , تعتبر الإجابة  بصدق على عدد من الأسئلة الجوهرية  ضرورة حتمية  للسير باتجاه النهوض الاقتصادي  : 
هل ستعتمد الحكومة على السياسات الواضحة  والقوانين الاقتصادية  المستقرة ... ؟؟؟  أم تستمر في إصدار القرارات الإدارية غير الواضحة  و المتناقضة  أحيانا  ؟؟؟ , ومن أجل تنفيذ هذه القرارات , تعتمد على الضابطة العدلية .. أو مداهمات دوريات الجمارك للمحال التجارية !!!!  بما يخلق البلبلة  وعدم الاستقرار بالسوق حيث  تسود الإشاعات والتكهنات , لا بد من القول , بأن  الإجراءات الزجرية والتعسفية   لا تبني اقتصاد بل استقرار القوانين والتشريعات والسياسات .
هل ستبقى أغلبية مؤسسات القطاع العام  خاسرة إلى ما لا نهاية .....؟؟؟ إن أبسط القوانين الاقتصادية  تؤكد على كفاءة المؤسسات , وهذا يتعارض مع الطريقة التي يتم بها تعيين الإدارات لهذه المؤسسات والآليات التي تعمل بها بمعنى  , في هذا السياق , أظهرت نتائج  تقارير للجهاز المركزي للرقابة المالية خلال العام 2014 أن 29 مؤسسة وشركة حكومية فقط ، خلال خمس سنوات  , بين الأعوام ,  2006 – 2010 ،  وصلت خسائر  تلك المؤسسات إلى أكثر من تريليون ليرة سورية (20 مليار دولار وفق سعر الصرف السائد قبل الأزمة، والبالغ نحو 50 ليرة) , السؤال الأساسي هو :  عن الفرص التنموية المفقودة  نتيجة هذه الخسائر !!!, هذه الأرقام المرعبة ألا تستدعي  اتخاذ قرارات حاسمة وجذرية  لإصلاح القطاع العام الصناعي ؟؟؟  هل ستبقى الحكومة  إلى ما لا نهاية  تقوم بتشكيل لجان و تقديم دراسات ومقترحات لا تنفذ ..... !!! 
هل تستوجب عمليات إصلاح القطاع العام ….. التوجه إلى  الخصخصة ؟؟؟  بمعنى  بيع المؤسسات العامة للقطاع الخاص , وما يشوب عمليات البيع تلك من فساد وعمولات وممارسات مشبوهة , إضافة إلى تشريد العاملين في هذه المؤسسات وما يسببه ذلك من نتائج اجتماعية كارثية , ألا يمكن الاستفادة من تجارب دول أخرى لجأت في سبيل إصلاح قطاعها العام  ؟؟؟؟ وإلى تخفيف الأثار الجانبية بوسائل شتى منها التشاركية مع صغار المدخرين والمؤسسات الوطنية التي تملك أموالا ولا تقوم باستثمارها مثل المصارف والنقابات ومؤسسة التأمينات الاجتماعية على سبيل المثال .
هل سيبقى دخل الموظف الحكومي قليل جدا لا يتمكن من تلبية  احتياجاته الأساسية  ؟؟؟؟؟ وسط ارتفاع الأسعار لكافة السلع والخدمات ومنها الحكومية , وسيكون الدخل القليل سببا مباشرا في أداء متواضع  وتفشي الفساد في دهاليز وأروقة معظم المؤسسات العامة , إضافة إلى هجرة الكفاءات من القطاع العام إلى القطاع الخاص  أو خارج البلد , وهذا ما يفاقم الواقع المترهل لهذه المؤسسات .
إلى متى ستبقى إعادة الهيكلة للإيرادات الحكومية قضية مؤجلة ومسكوت عنها ؟؟؟؟... فهل ستبقى ملكيات الدولة بما فيها الأراضي والمحلات التجارية والمصانع المتوقفة فهي إما بحالة إهمال أو أن عائداتها قليلة جدا لا تتناسب مع القيمة الفعلية لهذه الملكيات , السؤال الآخر الذي لا أحد يعرف إجابته , ماذا عن مساهمة  عائدات ملكيات وزارة الأوقاف في تحقيق التنمية الاقتصادية  ؟؟؟؟  مع الِاشارة إلى أن  إدارة أملاك الدولة  تتم بطريقة مبعثرة ومشتتة , ومعروف ,  بأنه لا يمكن زيادة الإنفاق العام  كوسيلة أساسية  لإعادة  تحريك العجلة الاقتصادية  بدون إعادة هيكلة صحيحة لإيرادات الدولة . 
السؤال الأخير . هل سيتم تحديد هوية معينة للاقتصاد السوري ؟؟؟  لأن هوية الاقتصاد تحدد الأسس التي ترتكز إليها القرارات أو السياسات الاقتصادية  , فهندما يتم تبني الاقتصاد الحر فإن ذلك يفرض مفاهيم ومبادئ عدة , مثل مبدأ الكفاءة سواء في المؤسسات أو بالنسبة للأشخاص  وتعزيز قوانين  المنافسة ومنع الاحتكار , الجدوى الاقتصادية لأي مشروع بغض النظر عن التأثير والبعد الاجتماعي , الاعتماد على القطاع الخاص كلاعب رئيسي في معظم الأنشطة الاقتصادية وحصر دور الدولة في دور المشرع والمنظم والمراقب  إضافة إلى  حرية التجارة  .. الخ , الاقتصاد السوري منذ عام 1963  اتخذ طابعا اشتراكيا , حسب الوثائق والمدونات الحكومية الرسمية ,  ثم تم الإعلان عن التحول إلى اقتصاد السوق الاجتماعي امن خلال  الخطة الخمسية العاشرة 2006-2010  ,  وبرغم أنه لم يطبق شيء من مكونات هذا الاقتصاد  , سوى التحرير التجاري  وتوقف أي استثمار جديد للدولة  في القطاع العام , و البدء برفع الدعم تدريجيا ,  اليوم في عام 2020 , وفي  أحدث وثيقة  صدرت عن الحكومة  " البرنامج الوطني لسورية بعد الحرب  "  , بأنه لا تحديد لهوية الاقتصاد السوري , وهذا يؤكده تصريح السيد رئيس مجلس الوزراء "بأن هوية الاقتصاد السوري هو كل ما يخدم المواطن" ... هل  سيبقى الاقتصاد السوري رهينة  القرارات الحكومية ... و كل يوم بيومه .. ؟؟ !!!!
أخيرا .... إذا ما كانت الإجابة صريحة على هذه الأسئلة الصعبة , فإنها ستكون البدايات الأولى لخارطة طريق للتخفيف من حدة هذا البؤس الاقتصادي الذي يخيم على سورية  لتسع سنوات عجاف .   
 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني