التنجيم ...  والاقتصاد السوري

التنجيم ...  والاقتصاد السوري

د.لمياء عاصي
تشكل نهاية السنة  موسما للعرافين والمنجمين, تستضيفهم الفضائيات بكثرة ويجهدون في محاولات قراءة المستقبل والتكهن بما ستحمله السنة الجديدة  من أحداث,  يقول العرافون عن سنة  2020  بأنها ستكون محطة  لتغييرات مصيرية  تأتي في خضم  أزمات مناخية واقتصادية  وتكنولوجية متعددة  تعصف بالكوكب الأزرق , المعروف  أن الإنسان يتوق إلى معرفة المستقبل بشكل عام , ولكن  يزيد اهتمامه  بقراءة الطالع  إذا زاد  حجم الضغوط التي يتعرض لها , وهذا يفسر اهتمام رجال السياسة بعالم التنجيم  ولو كانوا يعلمون أن معظم مايقولوه المنجمون هو كذب ولا يتحقق إلا بالصدفة أو كنوع من تسريب المعلومات من قبل جهات سياسية ما  , لدرجة أن  المتابعين للمنجمين والعرافين  باتوا يشعرون  بأن منهم من  يمثل تيارا سياسيا معينا , وقد يتنبأ  بما يوافق مصالح  البعض  فينقلب التنبؤ إلى لائحة أمنيات ,ويصبح نوع من دس السم  في العسل .
 هذا العام  دخل الذكاء الصنعي  على خط  التنجيم وقراءة المستقبل كأحد التكنولوجيات المتطورة, سلاحه  تحليل البيانات والمعلومات  الكبيرة ورسم البيانات ورصد الاتجاهات المختلفة  واستخراج المؤشرات بناء على ذلك التحليل و إن المميز فيه  بأنه لا يتلقى أوامره أو معلوماته من أجهزة الأمن في الدول وبذلك تكون الإجابات منطقية  على كثير من المسائل المطروحة , وليس لها علاقة  بأجندة المصالح  لهذه الجهة أو تلك . 
  فإذا أراد الذكاء الصنعي  التنبؤ بما سيحصل في سورية , بناء على  قراءة الواقع  بمعلوماته الكثيرة والمتشابكة , وما سيحصل خلال سنة 2020  , من وجهة  نظر ه ....  لعله  يتنبأ بما يلي  :
في العام القادم , الملف  السياسي  سيكون الأكثر سخونة لعام  2020 في سورية , فهو سيكون غني بالأحداث التي  ستنعكس سلبا على الملفات الاقتصادية والاجتماعية ,  بدءا من قانون سيزر الذي أقره الرئيس الأمريكي قبل أيام , وبما يحتوي من  تشديد للعقوبات على أي شركة أو كيان يتعامل مع سورية  خصوصا في ملف إعادة الإعمار ,و بالتالي فإن  تأثيره المباشر سيكون سلبيا على الشعب السوري ,  و بالانتقال إلى الحل السياسي  واللجنة الدستورية العليا , التي تم تشكيلها  بإرادات متصارعة ومختلفة , إذ أن جزء من اللجنة  تمثل المعارضة  وقسم  يمثل الأمم المتحدة وفريق مدعوم  من الحكومة السورية , هذه اللجنة  من المفترض أن تجتمع في جنيف وتكتب دستورا للسوريين , ولكنها لن تستطيع ذلك لأسباب أساسية تتعلق بالجهات الموجهة  للجنة الدستورية  , أما في ربيع العام القادم  , ستجري انتخابات مجلس الشعب  ومثل كل مرة , ستتلخص الانتخابات التشريعية  بأن تصدر قوائم الجبهة الوطنية و قوائم رجال الأعمال المبنية على تفاهمات بين رجال الدولة و المال ,  حيث أن المرشحين لانتقائهم للقائمة  يمثلون من وضع أسماءهم  في تلك القوائم , أكثر من تمثيل الناس الذين انتخبوهم .
أما اقتصاديا ,  فمن من أخبار عراف الذكاء الصنعي  , بأنه  سيحكم  الخناق أكثر على المواطن السوري  أكثر , وسيبقى يرزح تحت  حصار وعقوبات اقتصادية دولية  من جهة  ومضاربات على سعر العملة المحلية من جهة أخرى , الأمر الذي سيزيد الطين بلة  ,  حكوميا :  بعض ملفات الفساد الكبرى ستفتح  وسيهوي أصنام وأسماء  كبيرة , أما المسؤولين الذين يستمتعون  بمحاربة الفساد , فستلقى تصريحاتهم  المزيد من اهتمام الشارع , وسيبقى التناقض  والغموض  فيها سيد الموقف  للعام القادم  , مثل أن الإعلان عن تصدير السيارات بنسبة 50% من  السيارات المجمعة  في سورية  دون ذكر أي تفاصيل عن وجهة التصدير أو الميزة التنافسية  لتلك السيارات , أتى بنفس توقيت إلغاء  منح وزارة الاقتصاد لإجازات الاستيراد لهذه السيارات  المجمعة محليا , والواضح جدا أن تلك التصريحات لا تشكل إلا تصور الحكومة عن نفسها , أما  البنك المركزي  فسيعالج عدم قدرته على ضبط سعر الصرف واستقراره الذي هو من أولويات عمله ,  بالطلب إلى  المواطنين  بإصرار "الإبلاغ عن حوالاتهم المالية  "  باعتبارها تؤثر سلبا على الاقتصاد الوطني .
يواصل عراف الذكاء الصنعي قوله :  بينما  يستمر بعض رجال الأعمال  بإقامة مشاريعهم الوطنية  الكبرى , مثل افتتاح المطاعم  والمولات التجارية , ستزداد الفجوة  بين القلة الغنية التي تصرف بدون حساب وبين الأغلبية الفقيرة التي لا تكاد تحصل على الضروريات  للبقاء على قيد الحياة ,  في وسط  مجموعة كبيرة من الأزمات التي تشغل  بال المواطن وتبعثر وقته و دخله المتواضع  من أزمة الغاز إلى المازوت إلى الكهرباء  ناهيك عن ضعف فرص العمل ,  فلم يعد قادرا على التفكير بأي شيء آخر  بل جل همه أن يتقدم في طابور الغاز ..أو المازوت  وأن يتابع الغلاء في أسعار السلع الأساسية . 
أخيرا , وعلى صعيد الأنشطة ,  فستتوالى الزيارات  الجولات والميدانية  و المؤتمرات  وعقد الندوات , خلال العام الجديد  , سيعقد مؤتمر صناعي جديد هنا وآخر لمحاربة الفساد و التهرب الضريبي  هناك , وندوة  لمناقشة آثار التهريب على الاقتصاد الوطني ولن  تنفذ توصيات أي فعالية  مثل العادة  , أما المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تغنى بها  كل المسؤولين  فلن  يحصل أصحاب هذه المشاريع على القروض , ولن  يحصل تغير حقيقي في موضوع التمويل أو التسويق المنتجات , وستبقى هذه المشروعات محور التصريحات الاقتصادية ,  وسنبقى ياولدي نراوح في المكان  في أحسن  الأحوال .
 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني