الكذب.. وقول الحقيقة!

الكذب.. وقول الحقيقة!

يكذب المسؤول لدينا لسببين.. إما لتبرير فشله في تحقيق المهام المطلوبة منه، فتراه يخترع الأكاذيب، يشوه الحقائق... ويصل به الأمر أحياناً إلى حد التلاعب بالبيانات والأرقام الخاصة بعمله...

وإما لتغطية فساده وتجاوزاته. وشريحة هذا النوع من المسؤولين بمختلف مستوياتهم الوظيفية باتت مقلقة في المجتمع، وهي لا تشمل فقط المسؤولين في الجهات العامة، وإنما أيضاً المسؤولين في القطاع الخاص والمجتمع الأهلي.

ولدينا من التصريحات ما يكفي لسوق عشرات الأمثلة، التي بتنا نحفظ خلفياتها ومراميها التي لا تصب في خدمة المصلحة العامة، وإن فعلت أحياناً فإن ما تحصل عليه الدولة والمجتمع لا يكون إلا عبارة عن فتات.

والمثير للسخرية أن هناك شريحة من أثرياء الحرب أصبحت تنافس بعض المسؤولين في الكذب بغية تبييض سمعتهم، وتقديم أنفسهم كأصحاب فكر اقتصادي ورسالة مجتمعية وإنسانية..!

في المقابل... قد يكون المسؤول مضطراً أحياناً لإخفاء حقائق ما أو أجزاء منها، لاسيما عندما يكون البوح بالحقيقة كما هي مكلفاً للدولة والمجتمع. إنما الحالات التي يمكن أن تدرج تحت هذا التصنيف محدودة جداً، ومقيدة بمبررات موضوعية...

هنا لا يحبذ كثيرون استخدام كلمة كذب، وإنما يفضلون استبدالها بعبارة إخفاء بعض الحقائق أو عدم البوح بكل المعلومات المتوفرة..

فمثلاً... في فترة من الفترات لم يكن هناك في البلاد ما يكفي من مادة الدقيق إلا ليوم واحد أو حتى لنصف يوم، لكن كان على المسؤول المعني أن يخرج على الرأي العام ليقول: إنه لدينا ما يكفي لتأمين احتياجات المواطن من مادة الخبز. وإلا فإن قوله الحقيقة كان سيتسبب بازدحام شعبي كبير على الأفران... وربما حدوث ما هو أبعد من ذلك.

مع العلم أنه ثمة فرق بين طمأنة الرأي العام لتجاوز المشكلة دون حدوث أبعاد خطيرة، وبين التحقيق الموضوعي في الأسباب التي أدت مثلاً إلى تراجع الاحتياطي من مادة الدقيق، أو أي سلعة أخرى.

هناك من سيقول إن مواطننا واع، وسيكون متفهما عندما نصارحه بالحقيقة... وهذا صحيح بالنسبة لشريحة مطلعة على الشأن العام وتعقيداته، لكن عند شرائح أخرى سيكون الوضع مختلفاً، خاصة إذا كانت المسألة مرتبطة بأساسيات الحياة.

أعود للتأكيد أن الاضطرار إلى إخفاء الحقيقة أو بعض منها يفترض أن يكون محدوداً، وفي حالات تتعلق بالأمن الاقتصادي والاجتماعي المباشر للبلاد، وهذا يحدث في جميع الدول، ومنها ما يخفي حقائقه لعشرات السنوات.

لذلك، ولمواجهة كذب الفاسدين والمقصرين وأصحاب الإمكانيات الجوفاء، ليس أمامنا سوى فك القيود المفروضة على المعلومة، ونشرها لتكون متاحة أمام الجميع لتحليلها وقراءتها... وهذه دون شك مهمة وسائل الإعلام، التي يغرد بعضها اليوم بعيداً عن العمق المعرفي والمهني الذي تحتاجه بلادنا... لكن من سيهتم لذلك؟ ومن الذي سيكون مستعداً لخوض معارك نعرف حجمها جيداَ؟

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني