"ألعاب الموت" تسالي العيد

"ألعاب الموت" تسالي العيد

خاص - نور علي 
اختلفت مفاهيم ألعاب العيد عند الأطفال اختلافاً جذرياً منذ أن دخلت ثقافة الحرب على مجتمعهم ومشاهد الدم والقتال المتكررة، بالإضافة للأحاديث السياسية التي يتداولها الأهل أمام أطفالهم بشكل طبيعي دون أن يدركوا انعكاساتها على عقولهم الصغيرة التي تخزن كل معلومة سلبية كانت أم إيجابية، الأمر الذي يفجر حماسهم الطفولي ورغبتهم الفطرية في تقليد الكبار، ويعزز الإصرار على تحويل الصورة في أذهانهم إلى واقع، فماذا لو أصبحت فرحة العيد للطفل هي المأساة بحد ذاتها؟

- لعبة الموت.. خطر بين يدي أطفال العيد

وسط أجواء العيد تنتشر بين يدي الأطفال أسلحة ذات شكل حقيقي مصنوعة من البلاستيك، مثل "المسدسات والبنادق" المحشوة بالخرز، يطلقونها على بعضهم بشكل عشوائي علناً في الشوارع وبين الأزقة في مشهد أشبه بحرب العصابات، التي تعرض العديد منهم لإصابات عينية تنتهي بفقدان البصر والعمى، فضلاً عن كمية الأذى التي يتلقاها المارة وأصحاب المحلات التجارية وحتى أصحاب المنازل من كسر للزجاج أو لمصابيح الإنارة، في ظل غياب تام لأهلهم وذويهم.

يقول أحد المواطنين للمشهد :"وصول ألعاب كهذه إلى يدي أي طفل هو إنذار بالكارثة، فالسلاح بغض النظر عن نوعه هو قاتل بأيديهم، والخطر لا ينحصر بالطفل وحده، فهو يمتد إلى أطفال كثيرون غيره، فهم يطلقون مقذوف الخرز كيفما كان وأين ماكان دون أن يعلموا من المقصود وماهي النتائج".

وتضيف مواطنة أخرى :"هذه الظاهرة لم تعد مقبولة أبدا ً، البارحة مساءً تعرضت والدتي وهي سيدة خمسينية لرشقات من الخرز أصابت رقبتها وقدميها، وماذا لو أصابت إحداهن عينيها من هو المسؤول، أين الأسرة عن طفل يتخذ من الشارع مكاناً للعب ومن الأدوات الخطرة ألعاباً للتسلية".

أحد أصحاب المحلات التجارية يروي للمشهد قائلاً :"طفل ممن يحملون بندقية الخرز تسبب اليوم صباحاً بكسر زجاج واجهة المحل الخاص بي، شتمته بلحظة غضب وتوعدته إن عاد سيكون حسابه عسيراً، وإذا افاجئ بقدوم والد الطفل وتهديدي بإغلاق محلي التجاري بالشمع الأحمر إن ضايقت طفله مرة أخرى ولم يعر اهتماماً بما لحق بي، وأنا اكتفي بذكر روايتي دون التطرق لذكر اسمي أو عرض صورتي تحسباً لأي ردة فعل أو أذى".

وحول هذه الظاهرة كان قد سجل مشفى تشرين الجامعي حالة لإصابة عينية حادة لأحد الأطفال بسبب "بارودة الخرز" والتي تسببت باختراق أمامي وخلفي لقرنية عينه اليمنى مع نزف دموي داخلي. 

- الإهمال الأسري والغياب الأمني

في ظل هذه الفوضى المنتشرة بين الأطفال، يبقى إهمال الأهل هو المسبب الرئيسي، فكل طفل يقيم سلوكه تبعاً للبيئة الأسرية التي ينحدر منها.

يقول الموجه التربوي "سليمان رجوب" للمشهد :"في الحالات المذكورة لا يلام الطفل، بل من يجب أن يلام حقاً هو المؤسسة التربوية الصغيرة التي تحيط به وأقصد بها الأم والأب، فكيف لطفل أن يشتري سلاحاً دون علم أحد طرفي الأهل، ومن أين حصل على ثمنه إن لم يكن أهله على إطلاع، وهل من الممكن أن يرتاد طفلي الشارع ويلعب بهذه الطريقة الهمجية وبهذه الألعاب الخطيرة وأنا آخر من يعلم؟ طبعاً هذا غير ممكن إلا في حالتين، أن أكون أنا من شجعته على ذلك ودفعته إلى الشارع، أو أنني مهمل لدرجة لا تخولني أن أكون فيها مسؤول عن أسرة وطفل وذات الأمر بالنسبة للأم التي باتت مواقع التواصل الاجتماعي والسوشال ميديا شغلها الشاغل وأصبح التفاعل على منشوراتها له الأفضلية والأولوية، وأنا لا أعمم".

وكما للأسرة دور، فالرقابة الأمنية لها دور أيضاً، حيث أن هذه الحالات تملأ الشوارع وبشكل صريح وعلني، مع العلم أن فترة العيد هي أكثر مايمكن أن يتم فرض الرقابة المشددة عليها، نظراً لتكرار الحوادث التي تسجل خلالها.

- تجار الأسلحة البلاستيكية.. إلى متى؟

رغم تسجيل العديد من الحوادث سواء في أعياد الأعوام السابقة أو الأعياد الحالية، لايزال الإتجار بهكذا نوع من الألعاب مستمراً، بل ويتطور من حيث الأداء والشكل، ففي كل سنة تضاف على هذه الأسلحة تحديثات جديدة لتصبح أكثر فتكاً بالطفل ومن حوله، ويصبح ثمنها أكثر منفعة على التاجر الذي يحرمها على أطفاله لأنه يعلم تماماً مدى خطورتها ويحللها على أطفال الغير، وكل هذا وذاك هو أمام غياب أمني بامتياز. 

يقول التاجر الذي أطلق على نفسه لقب "أبو منتجب" للمشهد :"أنا أتاجر بالألعاب ولست من يصنعها، فالأسلحة البلاستيكية ليست محلية الصنع وأساساً أنا أجهل مصدرها، من يشتري هذه الألعاب يأتي برفقة والده أو والدته وأنا لا أنكر أن أطفال كثر يشترونها بمفردهم ولكن الغالبية هم مع ذويهم"، مضيفا: "نعم أنا لا أسمح لأطفالي باقتناء هذه الألعاب، ليس لسبب وإنما رغبة شخصية، ولكني لست مخولاً أن أمنع أي طفل من شرائها، فأنا بائع بالنهاية وماتبقى هو مسؤولية الأهل"، و إذا كانت هذه الأسلحة ليست محلية الصنع، فكيف يسمح باستيرادها وهي دون أدنى شك ستطرح بالأسواق لتكون بمتناول الأطفال حصراً، أين الرقابة الجمركية والأمنية والاجتماعية عن هكذا نوع من الألعاب وهكذا نوع من التجارة؟
الأسرة هي المسؤول المباشر هذا لا يختلف عليه اثنان، ولكن ثمة عوامل أخرى تساهم بتفشي هذه الظواهر وغطرسة تجارها الذين يتم التغطية عليهم من قبل شخصيات ما مفترض أن تكون المحاسب وليست المستفيد، ألا وهي الغياب الأمني الذي يترك ورائه علامات استفهام عديدة.

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر