"أغطية الفساد السميكة".. من شرفات البناء  إلى "الخمسة الكبار"

"أغطية الفساد السميكة".. من شرفات البناء إلى "الخمسة الكبار"

عندما انهارت شرفات أحد الأبنية في حي المالكي بسبب عمليات إنشائية كانت تجري في الطابق الأرضي تخالف موافقة الترميم البسيطة المتحصل عليها، كان الاعتقاد السائد أن الأمر سيسوى بهدوء، على اعتبار أن صاحب العقار الذي وقعت فيه المخالفة شخصية بارزة في قطاع الأعمال، أي بمعنى أدق "مُغطى جيداً" وذنبه مغفور وفق التعبير الشعبي!، لكن الذي حدث بعد ذلك هو أن القانون اخذ مجراه، وتوسعت التحقيقات، وأوقف العديد من موظفي المحافظة الذين ثبت تورطهم في القضية، وصدرت مذكرة بحث بحق صاحب المخالفة، إلا انه كان أو أصبح خارج البلد!.

على كل حال هذه القضية ليست موضوعنا الرئيسي، لكنها تبدو مدخلاً مناسباً لطرح السؤال التالي: "ماذا لو لم تنهار شرفات البناء؟، الجواب الحتمي هو أن المخالفة كانت ستمر دون أن تلفت انتباه أحد، إذ لا أحد يمكن أن يخطر في باله حدوث مخالفة بناء في مثل هذا المكان الذي يعتبر أحد أرقى أحياء العاصمة دمشق، وفي وضح النهار!.. كذلك مرت مخالفات مول الميدان "big5" أو حسب الترجمة العربية للاسم الإنكليزي "الخمسة الكبار"، حيث أمضى "الخمسة الكبار" سنوات طويلة في التوسع على حساب أملاك عامة دون أي عوائق تذكر!.

تقريباً كل مخالفات البناء أو لنقل كل عمليات الفساد مرت بهذه الطريقة، وما كان لمرورها أن يكون سلساً لو لم تحظى بغطاء سميك يصعب اختراقه وانكشافه!.. الآن وبغض النظر عن النتائج التي ستؤول إليها الأمور في كلا المخالفتين المذكورتين، ثمة ما يشي بأن نزع أغطية الفساد ممكنة في حال أتيح للقانون النفاذ، أو على الأقل إن حدث شيء لم يكن في الحسبان، تماماً كانهيار شرفات البناء!.

 في المقابل نسأل هل دائماً يقود نفاذ القانون إلى تطبيق العدالة؟!، بمعنى هل يمكن اعتبار كل القوانين الموجودة محكَّمة ومضبوطة بالشكل الذي يوزع المسؤوليات على المرتكبين وفقاً للمستوى الوظيفي الذي يشغله كل منهم؟، ألم ترتكب كثير من المخالفات والتي ترتب عليها ملفات فساد كبيرة مستغلة الثغرات في بعض القوانين؟، وشكلت غطاءً آخر يضاف إلى اغطية الفساد للالتفاف على العدالة؟، هكذا نجى الكثير من أصحاب المناصب الوظيفية العليا وتجنبوا المحاسبة، حيث أن الإقالات الفردية والمفاجئة لوزراء أو محافظين دون محاسبة علنية تشبه تلك التي تطال المناصب الأدنى والتي أوصلت كثير منهم إلى السجن، ربما أو على الأغلب كانت في إطار تعويض الفاقد القانوني الذي غطوا انفسهم به جيداً وحيدهم عن المساءلة القانونية المباشرة عن المخالفات التي حظيت برعايتهم!.

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني