ميزانية الأسرة السورية .. عجز 3000%

ميزانية الأسرة السورية .. عجز 3000%

الميزانية مصطلح محاسبي يشير إلى جانبين: النفقات والايرادات عادة يسعى الافراد والحكومات لزيادة الايرادات لخلق فوائض ووفورات وفي بعض الاحيان يكون الإنفاق اكبر فتقع الميزانية في حالة عجز تغطيه الحكومات من مصادر مختلفة اما الافراد خياراتهم محدودة إما المدخرات أو بيع المنقولات أو الاستدانة. 
اليوم سنتناول ميزانية الاسرة السورية ضمن المعطيات الجديدة المتمثلة في الانهيار الكبير في قيمة العملة وارتفاع سعر صرف الدولار الامريكي وموجة الاسعار التضخمية الجارفة!
كنا اشرنا في مقال سابق إلى الاعجاز الذي يحققه المواطن السوري في المواءمة بين دخله ومتطلبات الحياة وقدرته على الاستمرار في ظل ظروف يعجز الانسان عن تخيلها :اليوم تستمر معادلة ميزانية الاسرة السورية العصية على الحل في تصدرها للمشهد الاقتصادي في ظل المعطيات الجديدة :
فمتوسط احتياجات الاسرة السورية بالحد الادنى لاستمرارية الحياة وهو حد الكفاف حوالي 1,200,000 ليرة سورية شهريا متضمنة وجبتي فلافل بمعدل سندويشة لكل فرد بالوجبة. وهنا عند حد الكفاف وبالمقارنة مع اعلى دخل وهو سقف الفئة الاولى يكون متوسط العجز حوالي 700% شهريا
ولكن العجز هنا مقاس على فرضية البقاء على قيد الحياة لجهة المأكل والمشرب؟
والسؤال هنا هل يكفي المأكل والمشرب لحد الكفاف؟
أليس هناك نفقات صحية بالرغم من كل الدعم الحكومي للقطاع الصحي ولكن هناك ثمن ادوية ونحن على بعد ساعات من قرار جديد لرفع سعر الادوية.
اليوم متوسط النقل من منطقة لأخرى ضمن نفس المدينة للذهاب والعودة من العمل حوالي 2000 ليرة للشخص بالمتوسط أي حوالي 44000 ليرة لعدد ايام الدوام الفعلي ومع دمج نفقات الصحة يكون العجز حوالي 1000 %!
المواطن استنزف كل الوسائل التي مكنته سابقا من تغطية العجز واستمرارية صموده من التقشف إلى ابعد حد ممكن واستنزاف كافة مدخراته النقدية والحلي الذهبية والتخلي عن ابسط متطلبات الحياة.
ولم يعد بقدرته التكيف أكثر من ذلك
الحد الادنى الضروري للمعيشة عند حد الكفاف متضمنة المأكل والملبس والنقل والصحة والتعليم بشكل تقريبي يتراوح بين 3 و3.5  مليون ليرة شهريا لأسرة مكونة من أربع أشخاص بحسب اغلب الدراسات وهو ما يعادل 300 دولار  شهريا ونبقى عند هذا الرقم على رأس قائمة الدول الاكثر فقرا في العالم!
فيكون مقدار العجز الشهري حوالي3000 بالمائة أو ما يعادل 2,850,000 ليرة سورية.
لنكن منصفين الحكومة ضمن الظروف الموضوعية الحالية من عقوبات وحصار وسيطرة جماعات قسد المدعومة أمريكيا غير قادرة على فعل أي شيء أكثر ويسجل لها استمرار خدمات التعليم والصحة المجانية أو شبه المجانية  وهي تحاول ضمن المتاح دعم ميزانية المواطن السوري من خلال تخفيف التضخم عبر الرقابة التموينية اللصيقة على الاسواق والاسعار مع بحث إمكانية زيادة الرواتب والاجور مع محاولة الحفاظ على الاسعار وهناك حديث عن رفع الدعم وتحرير كافة الاسعار وتحريك الاجور وإيجاد آليات جديدة للدعم توزع نقدا للمستحقين فقط.
ولكن هذه اللحظة لم تتبلور أية رؤية أو قرارات تزامنا مع ضخ منظم على وسائل التواصل الاجتماعي قد يكون خطيرا جدا تحت ستارة المطالب المعيشية المحقة !
اليوم الجميع مطالب بالحذر الشديد فالوضع دقيق وخطير ويحتاج إلى اجراءات لا تحتمل التأجيل حلول غير عادية ومبتكرة لمواجهة الظروف غير العادية وكل يوم تأخير في هذه الاجراءات يحمل في طياته زيادة الفقر والبؤس وتعميق الازمة الاقتصادية والاجتماعية وأعتقد ان أي حل لا ينطلق من تحرير حقول النفط لن يكون حلا يتصف بالاستدامة ايضا
المواطن يجب ان يكون حذرا  فالضغوط الاقتصادية والسياسية التي نتعرض تشكل بيئة خصبة للاستثمار من قبل المتربصين بالوطن للعب على مطالب المواطنين ونحن لانقول ان الوضع محتمل ولكن يجب الموازنة بين ما يخطط له من انفلات امني وفوضى وانعكاساته الكارثية لأجيال قادمة وبين ما تحاول الحكومة فعله ولو بطيئا واضعين نصب اعيننا ان الخارج يريد لسورية ان تغرق في حمام من الدم قد لا نخرج منه لعشرات السنين.

 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


آخر المقالات

استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني