الأزمة  قائمة.. والجهات الحكومية واجهة للتبريرات والتسويف

الأزمة قائمة.. والجهات الحكومية واجهة للتبريرات والتسويف

حمص - عتاب حسن

في سابقة هي الأولى من نوعها، توجه مواطن سوري، إلى مقام رئاسة الجمهورية عبر رسالة مليئة بالمناشدات المتعلقة بالوضع المعيشي الصعب، مع تنويه بنيته القيام بالانتحار في موعد قريب.
اللافت أنَّ المناشدات الواردة فيها، لا تتضمن مطالب شخصية، بل هموم عامة تمس غالبية الشعب السوري.
من ناحية أخرى لم يتوجه هذا المواطن بكلمة واحدة للحكومة، أو لأشخاص في موقع القرار، ومن غير المعلوم سبب عدم محاولته مخاطبة جهات رسمية مسؤولة بشكل مباشر عن المصاعب المعيشية، التي ذكرها في رسالته، ويمكن لنا ببساطة تخمين سبب ذلك، وهو أنَّ الرجل يطلب حلاً، وليس جواباً
هذا الأمر يأخذنا إلى مسألة نقاش الخطاب الحكومي الرسمي، على اختلاف مستوياته من الدوائر الخدمية الصغرى إلى أعلى الإدارات، فغالباً ما تأتي صيغة الرد على أي مطلب شعبي بسوق المبررات _ التي أصبحت فيها الأزمة ملاذاً كونها الحجة الجاهزة لأية مشكلة_، وفي حال لم يكن الرد كافياً يبدأ المسؤولون سرد العطايا الحكومية، وتفقيط أسعار الدعم الحكومي، للخبز، والمحروقات، والاتصالات، وغيرها بمثابة الإجابة الكافية لإغلاق فم كل مطالب بحل مشكلة عامة.
الوعود الحكومية... رسائل التبشير
لم تتغير آلية الخطاب الحكومي، نفس اللغة، والأسلوب منذ سنين طويلة، وسماته كذلك بقيت على ماهي عليه، من اللامبالاة، والاختباء خلف الإصبع، وإطلاق الوعود الخلَّبية، والتبشير بعطايا قادمة، واعتماده الأساس هو التعويل على سذاجة المتلقي له.
ذلك أنَّ الأزمة، لم تنفع في الارتقاء به، ليماشي ضخامة التضحيات التي قدمها المواطن، بل على العكس أصبحت ركيزة لدعم مبررات هذا الخطاب، ولاريب من وجود حالة من التبلد تجاه ما يصدر من مواعظ وخطابات حكومية، ولم تعد تؤخذ على محمل الجد لإيمانهم بعدم صدقيتها _ولو نسبياً_.
خطابات ميتة دون حلول
بدا واضحاً في الآونة الأخيرة، أنَّ حالة من الألم تعتصر السوريين بكل معنى الكلمة بعد أن استنزفت الأزمة، دمائهم، وأولادهم، وجيوبهم وكذلك دفئهم، ألم لا يسمح للمواطن أن يقبل خطاباً ميتاً عن سبب المشكلة دون حلها، و لا عن مبررات اختفاء الغاز من المراكز، و توفره بسعر مضاعف في أماكن أخرى، و لا عن الوعود بتوزيع المازوت، بينما تغص الطرقات العامة بباعته بسعر السوق السوداء، و لا عن اختفاء حليب الأطفال، والتذرع بالحصار الاقتصادي، وكلنا يعرف أنَّ معظمه إيراني المنشأ، و لا عن غلاء أغلب السلع أكثر من عشرين ضعفاً، علماً أنَّ القيمة الشرائية للعملة انخفضت بمعدل عشرة فقط، و تطول القائمة بين ما يسرده الخطاب الرسمي، و بين ما يعرفه المواطن، و يكبر أيضاً الهامش بين خيالية هذا الخطاب و ابتعاده عن الواقع، و بين الواقع الحقيقي المؤلم للمواطن، و من يريد معايرة هذا الهامش فليرى بنفسه المليارات المهدورة في مشاريع السكن الشبابي، و الضواحي الجديدة، و المستوى غير المسبوق من رداءة التنفيذ و الإكساء، الذي وصل حد الوقاحة فعلياً، عندما ترى بناءً جديداً ترشح فيه المياه من طابق لآخر، و بشكل معمم على كل الضاحية و ليس بعضها فقط _وهذا كمثال و ليس حصراً_ .

بالعودة إلى المواطن المتسبب بهذا السرد المختصر للنعم الحكومية، فإنه لا بد من أنَّ فكرة التوجه للجهات الرسمية قد خطرت بباله، لكن قناعته بأنَّ رد فعلها سيقتصر على تلقينه محاضرة في فروقات الأسعار المدعومة، والتذكير برخصها تجاه الدول المجاورة، وفتح عينيه على العطايا، والهبات التي يتناساها، وتنبيهه إلى ضرورة أن يعيش بما يتماشى مع دخله "المدعوم"، دون تجاوز ولومه على تخاذله تجاه أزمات بسيطة.
ومن يعلم فربما تصيب الجهات الرسمية موجة كرم عاتية وتقدم له لوازم عملية انتحاره ..... وبالمجان أيضاً.

 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني