"لا يوجد عاقل يضخ أمواله بالمجهول".. عن شراكة العام والخاص التي انتهت قبل بدايتها

"لا يوجد عاقل يضخ أمواله بالمجهول".. عن شراكة العام والخاص التي انتهت قبل بدايتها


ريم ربيع | المشهد

يبدو أن شد الحبل ما بين الحكومة والقطاع الخاص انتقل إلى مرحلة أكثر علنية ومباشرة، إذ خرجت "المناوشات" -لاسيما من الطرف الحكومي- من الغرف المغلقة أو التصريحات المناورة حول الهدف الأساسي، إلى الأحاديث المباشرة في أي لقاء واجتماع أمام الإعلام، لتصبح شروط ومتطلبات كل طرف واضحة للجميع، و"الأشطر" من ينجح بشد الحبل لطرفه ويجني المكاسب الأكثر، فمقابل ما يطلبه الخاص من تسهيلات وتحرير للاقتصاد بشكل كامل، لا تثق الحكومة بما لديها من مخزون تجارب باءت بالفشل بعد إجراءات انعكست سلباً على الواقع الاقتصادي، ليسقط شعار الشراكة في زحمة الشروط والمطالب بينهما قبل أن يتحول لواقع حتى.


ورغم أن المطالب المباشرة هي سمة لأحاديث رجال الأعمال في أي لقاء، حيث باتوا يشترطون تقديم تسهيلات وتغيير قوانين حتى يتجرؤوا للعمل في هذه البيئة، إلا أن الاختلاف اليوم بمظهر الحكومة الجديد التي حيّدت شعارات الشراكة والتعاون، وباتت تسائِل في كل مناسبة عن الأموال المخبأة، وتكاسل الخاص عن المساهمة بدور فعال بالاقتصاد، فمن يتابع الاجتماعات واللقاءات العامة التي حضرها رئيس الحكومة خلال هذا العام، يجد أنه لم يوفر أي منها ليذكر بالأموال المخبأة "تحت البلاطة" لدى رجال الأعمال، ويطالب بتحريرها وضخها بالاقتصاد لتملأ مكان القطاع العام المنكمش، إذ كان صريحاً ومباشراً بأن الحكومة لم تعد قادرة بمفردها على تلبية كل القطاعات، ولا يمكن الاعتماد بعد الآن على أبوية الدولة.


على الطرف المقابل، يرفض الخاص هذا الطرح ما لم يحصل على ضمانات وبيئة ملائمة، فحسب تعبير أحد رجال الأعمال الاقتصاد مشوه لأبعد الحدود، والقوانين النافذة تقيد حرية التصرف بالأموال خاصة بالقطع الأجنبي، ولا يوجد "عاقل" يضخ أمواله بالمجهول، لاسيما في بيئة قانونية تهدده بالسجن والغرامات مع كل خطوة، معتبراً أن سمعة التاجر باتت مشوهة أمام الجميع لأنه مضطر لتحميل كل الخسائر الناجمة عن تخبط قرارات الحكومة على أسعار السلع، وهذه الحكومة ذاتها تغض طرفها عن بعض التجاوزات بحجة أنها تريد تيسير عمل التاجر، لتعاود ملاحقته من باب آخر كما يحدث في الرسوم الجمركية مثلاً، فهناك شبه توافق –أو على الأقل غض بصر- على تخفيض المستوردين قيمة مستورداتهم ضمن البيان حتى تقل الرسوم المدفوعة ولا تحمّل للسلع الغذائية خاصةً، لكن عند الضريبة يطالَب المستورد بفواتير وبيانات دقيقة، فما تطلبه وزارة التجارة مختلف عن المالية والاقتصاد والصناعة، وكل منها يعمل منعزلاً عن الآخر! لذلك حين تطلب الحكومة تدخل الخاص عليها أن تيسر عمله لا تعرقله.

وأمام هذا الجدل العقيم وإحجام أي من الطرفين عن المبادرة بالخطوة الأولى، رأى رجل الأعمال أن شعار الشراكة بين القطاعين بات فضفاضاً أكثر من اللازم، ولا يتعدى بعض عزومات الغداء والعشاء، لاسيما مع هذا المظهر الجديد للحكومة الذي تحاول به رمي الكرة بملعب القطاع الخاص.


أما الرأي الحكومي بهذا الجدل، فهو يعتمد حسب تصريحاتها على تجارب غير ناجحة، بدءاً بنسب الأرباح الباهظة التي يرفض التجار تخفيضها بحجج كثيرة، للتهرب الضريبي المقدر بالمليارات رغم أن نسبة الضريبة في سورية ليست كبيرة، ومساهمتها بالإيرادات هي مأخذ ضد الحكومة وليس معها فالضرائب المباشرة لم تتجاوز 4.5% من الإيرادات طيلة سنوات الحرب، فضلاً عن القروض التي تحول لقطع أجنبي وتخبأ أو تهرّب، والمنصة التي سرعان ما تراجع المركزي والاقتصاد عن إلغائها نتيجة الارتفاع السريع الذي حدث بسعر الصرف.

وهنا، ليس للمواطن سوى الفرجة على هذا الجدل، بينما يسدد هو خسائر الطرفين من جيبه "المبخوش".

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر