بين التوجيهات العامة والتوجيه الخاص

بين التوجيهات العامة والتوجيه الخاص

معظم لقاءات الرئيس بشار الأسد مع الحكومة تركزت على توجيهات عامة في أولويات العمل الحكومي على مستوى الاستراتيجيات والخطط العامة للدولة، وفي لقائه مع الحكومة الحالية بعد أدائها اليمين الدستورية أكد أن الأولوية في المرحلة الراهنة هي لدعم الإنتاج وفرص العمل باعتباره ضرورة لاستمرار الاستقرار بعد أن تم تحرير الجزء الأكبر من الأراضي السورية من الإرهابيين.


وبعد ذلك عقدت الحكومة اجتماعات متكررة لتحويل التوجيهات إلى خطة عمل ومنها دعم الإنتاج الزراعي والصناعي باعتبار أن هذين القطاعين يشكلان معاً عمود الاقتصاد السوري بعدما حيدت الحرب الإرهابية المفروضة على سورية والحصار الغربي الجائر قطاعات السياحة وتجارة الخدمات والترانزيت والاستثمار الخارجي من مسار الاقتصاد السوري.


في سورية اليوم محاصيل إستراتيجية تشمل القمح والقطن والزيت والحمضيات والتفاحيات والخضروات وقد يضاف إليها الدخان بشكل رئيسي وتشكل هذه الزراعات معاً مصدر دخل لنسبة كبيرة من السوريين وتؤمن مع الصناعات المرتبطة بها الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي وتمكن البلاد من مواجهة الحصار من جهة ودعم صمودها في وجه الحرب على مختلف المستويات.. وقد أكدت الحكومة أنها تبذل قصارى جهدها لدعم الصناعيين والفلاحين والمزارعين المنتجين بشكل عام ولاسيما منتجي هذه المواسم.

رغم ذلك، ومع كل موسم نجد أن الفلاحين والمنتجين لهذه المواسم غير راضين عن إجراءات وخطط الحكومة لدعم هذه القطاعات واستلام أو تصريف المحصول، وترتفع أصوات الفلاحين ويعلو صراخهم من الخسائر التي يتعرضون لها جراء عدم وجود خطة واقعية ومجدية من قبل الحكومة بوزاراتها المعنية لاستجرار وتصريف الإنتاج محلياً أو خارجياً، وتغرق الوزارات المعنية في شبر ماء بسبب عدم وجود خطط عملية تلحظ حجم الإنتاج من جهة وحاجة السوق المحلية وكيفية تصريف الفائض تصديراً من جهة ثانية.

ورغم أن هذه المواسم سنوية ويمكن تقدير حجم الإنتاج والحاجة المحلية، نرى أن المشكلة تكبر ويخسر الفلاحون والمزارعون كميات كبيرة من الإنتاج حتى تبدأ الوزارات والمؤسسات المعنية بالتدخل للمعالجة وأحياناً كثيرة لا تتدخل إلا بتوجيه خاص من السيد رئيس الجمهورية حتى تحل المشكلة.

في منطق العمل والمهام، عادةً يكون التوجيه الرئاسي في قضية خاصة مستجدة خارج سياق العمل الطبيعي للحكومة كحالة الحرائق التي تعرضت لها المناطق الساحلية عام 2020، أما أن ينتظر المسؤول حتى تأتيه التوجيهات للتحرك في قضايا هي من صميم مسؤولياته الطبيعية فهذا يشكل تقصيرا يصعب تقبله مهما كانت المبررات، سواء بفائض المحصول والإنتاج أم بأي مبررات أخرى. فطالما أنه تم إيجاد الحلول بعد التوجيه، فيعني ذلك أنه كان ممكناً قبل التوجيه وقبل أن تتفاقم المشكلة. 

رئيس الحكومة أكد في لقائه الإعلامي المتلفز مطلع العام الجاري أن الحكومة تركز على دعم الإنتاج الزراعي الذي يوفر الأمن الغذائي ودعم المشاريع الصناعية لتحقيق الاكتفاء الذاتي، لكنه في معرض حديثه، ذكر أن الحكومة لم تستلم سوى 365 ألف طن من القمح العام الماضي رغم رفع سعر الشراء من الفلاحين.. صحيح أن الموسم تعرض للجفاف ولم تستلم الدولة كيلو غرام واحد من محافظة الحسكة حسب رئيس الحكومة، لكن أعتقد أنه ينبغي البحث بشكل حقيقي في أسباب أخرى وكم كان إنتاج المناطق التي تخضع لسيطرة الحكومة بدقة.

بالعودة إلى موسم الحمضيات لاحظ الجميع كيف استنفرت الحكومة بوزاراتها المعنية واتجهت إلى حقول الحمضيات في اللاذقية وطرطوس بعد التوجيه الرئاسي، وأكدت أنه من الغد سيلحظ الفلاحون والمزارعون فرقاً وتم خلال يومين فقط استجرار 80 طناً من الحمضيات وكشف رئيس اتحاد غرف الزراعة محمد كشتو عن توقيع عقود لتصدير الحمضيات إلى دول الجوار والشحنات التصديرية ستبدأ خلال أسبوع باتجاه العراق.

السؤال هنا لماذا لم يكن هناك عقود مع العراق قبل ذلك؟ لماذا لم يتحرك اتحاد غرف الزراعة واتحاد الفلاحين والوزارات المعنية لإيجاد حلول لمشكلة تكدس الحمضيات وإتلاف بعضها من قبل الفلاحين لعدم جدوى البيع قياساً بالتكاليف؟ 
أحد مزارعي البرتقال في اللاذقية قال في تصريح لوكالة سانا أنه بعد التدخل أصبحت الأسعار 650 للصنف الأول و550 للصنف الثاني والثالث بعد أن كان سعر الصنف الأول 300 ليرة فقط مشيراً إلى أن توجيهات السيد الرئيس بشار الأسد لتسويق الحمضيات جاءت في الوقت المناسب.


"فزعة" حكومية متأخرة لانقاذ موسم الحمضيات.. ووزير التجارة الداخلية أرادها طبخة "بحص"!

نعم الإجراءات الأخيرة قد تكون حلاً لموسم وفير من الحمضيات، ونأمل ألا ننتظر في الموسم القادم توجيهاً للحكومة في أي من المواسم التي تعمل لزيادة إنتاجها، وعندما يفيض الإنتاج تتعثر في إيجاد التصريف المناسب له.

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني