عندما تدعم الحكومة السوق السوداء!...

عندما تدعم الحكومة السوق السوداء!...

تحقيقات

دمشق - محمد الحلبي

تعيش السوق السوداء على الأزمات التي تعصف في البلدان، ويعمد تجارها إلى عرقلة الإجراءات الحكومية ومحاربتها من وراء الكواليس سعياً لإطالة عمر الأزمة، والاستفادة وجني الأموال بطرق غير مشروعة أطول فترة ممكنة..
والسوق السوداء ليست مجرد سوق تصريف العملات والمضاربة على البنوك الحكومية فحسب، مع أن هذه السوق تنشط في الأزمات وغير الأزمات، لكن في الحروب تنشط أسواق سوداء من نوع آخر تمس كل ما له علاقة بحياة المواطنين، كما هو الحال في حياة المواطن السوري هذه الأيام..

محاولات حكومية

تجهد الحكومة لمكافحة هذه الأسواق بإجراءات عديدة بهدف إيصال الدعم إلى مستحقيه، لكن تجار السوق السوداء سرعان ما يتخذون من هذه القرارات مطية لزيادة أرباحهم وثرواتهم على حساب مص دم الشعب، ومحاربته بلقمة عيشه، في حين تقف حكومته عاجزة عن محاربة هؤلاء التجار الذين يعملون في الخفاء مع تواطؤ من يشرف على إيصال الدعم إلى مستحقيه، ولنورد هنا بعض الأمثلة على ذلك..
قررت وزارة حماية المستهلك أن وزن ربطة الخبز 1'1 كغ، لكن معظم المخابز تبيعها للمواطن بوزن 750 غرام، وهذا يعني أن المخبز أو من يقوم على بيع الخبز يسرق ربطة خبز من بين كل ثلاث ربطات، ويبيعها إلى تجار السوق السوداء، لتباع الربطة الواحدة بين 800 - 1000 ليرة سورية ..
السوق السوداء للبنزين.. وما أنشطه هذه الأيام،  وهنا أيضاً حاولت الحكومة إيجاد طريقة عادلة لتوزيع البنزين، فعملت على ابتكار الرسالة النصية لإبلاغ المواطن بالتوجه للكازية التي اختارها بنفسه، فاختفت الطوابير من أغلب الكازيات فيما بقيت الازدحامات على الكازيات الحكومية حيث أن عداداتها أكثر دقة، وعملية غبن المواطن تكون شبه معدومة إلا إذا ما أراد المواطن بيع مخصصاته، أما معظم الكازيات الأخرى فتعمد على سرقة المواطن بكميات لا يتوقعها، فالعشرين ليتراً تختصر بين 15-16 ليتراً فقط.. لتباع الكميات الإضافية لتجار السوق السوداء حيث وصل سعر العشرين ليتراً ل100 ألف ليرة سورية.. وكذلك الحال بالنسبة لمادة المازوت، بل يزيد عليها قرار رفع سعر ليتر المازوت الصناعي الذي نتج عنه أزمة نقل خانقة عندما راح أصحاب السرافيس يبيعون مخصصاتهم في السوق السوداء أيضاً..
نقطة نظام
وبذلك نجد أن الحكومة تدعم السوق السوداء بطرق غير مقصودة، ناتجة عن عدم دراسة القرارات الصادرة عنها من كافة جوانبها، واتباع سياسة التجريب بطرح قراراتها، وطبعاً يسهم في نشاط السوق السوداء ضعف الجهاز الرقابي، وفساد البعض فيه، وإذا ما أرادت الحكومة القضاء على هذه السوق فيجب عليها إعادة ترتيب أوراقها في مسألة إيصال الدعم لمستحقيه، كي يصل الدعم إليهم دون معاناة، فهذا الدعم ليس مكرمة أو عطاء كما يظن بعض المسؤولين، بل هو حق للمواطن طالما أن المشرع كفله له في مواد دستور البلاد.. ويتوجب إيصاله لمستحقيه بوفر ويسر ومن غير تقطير، أو تعويضه بشكل نقدي كي يصل إليهم دون معاناة، وإن حماية حقوقهم هو واجب على الدولة، وليس مكرمة منها.. وكما قال الرئيس الأسد أن المنصب مسؤولية، وليس تكريماً لشخص المسؤول، فهل وصلت الرسالة؟ نأمل ذلك..

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر