رفع أسعار المحروقات: خطوة جريئة بآليات خاطئة!

رفع أسعار المحروقات: خطوة جريئة بآليات خاطئة!

رفعت الحكومة السورية خلال الأيام المنصرمة أسعار بعض شرائح المحروقات بنسب كبيرة هي الأعلى تاريخياً حيث وصلت بعض النسب لحوالي 100 بالمئة خاصة للبنزين المدعوم وقد نادينا سابقاً وعبر أبحاث ومقالات ونادى الكثيرون بهذا الإجراء ولكن عبر استراتيجية متكاملة وهو ما افتقده قرار الحكومة الأخير وإذا أردنا أن نحلل القرار سنسجل ملاحظاتنا عليه بكل شفافية:
لماذا الإصرار على أزمة الثقة مع المواطن السوري وهنا نقصد نشر القرارات عبر مواقع التواصل الاجتماعي في وقت متأخر من الليل؟
لماذا لم يخرج متحدث باسم الحكومة يشرح حيثيات القرار وانعكاساته على المواطنين ضمن استراتيجية متكاملة ؟
هل وضعت الحكومة استراتيجية متكاملة تتضمن رفع الأسعار ومن ثم تحويل الفائض للفئات الأشد فقراً مع إجراءات داعمة لضبط الأسواق وإذا كانت كذلك لماذا لم تعلنها لكسب الرافعة الشعبية للإجراءات المطلوبة.
بداية لنكن منطقيين فالحكومة مجبرة على الإجراءات التي اتخذتها مؤخراً تحت ضغط:
توقف إيرادات الحكومة من النفط بشكل حرم الموازنة العامة للدولة من أهم مواردها وإيراداتها.
العقوبات المفروضة على سورية والتي تزيد من صعوبة وتكاليف تأمين المواد الأساسية.
انهيار قيمة الليرة السورية أمام العملات الاجنبية حيث وصل الانهيار إلى مستويات قياسية.
هذه العوامل إضافة إلى التشوهات في سياسات الدعم المتمثلة بـ :
استنزاف جزء كبير من الدعم من قبل فئات غير مستحقة.
هدر كبير من الدعم لاسيما لموضوع الخبز.
إذاً نحن متفقون مع الحكومة بـ:
انها لا تستطيع الاستمرار بالوضع الحالي.
إن إعادة إدارة الملف بطريقة ممنهجة سيكون لها آثار إيجابية كبيرة على الطبقات الأكثر فقراً.
ولكن الخلاف مع الحكومة من حيث الشكل والمضمون فمن حيث الشكل لماذا لا يتم مصارحة المواطنين بالخطة الكاملة؟
وهنا أتساءل كأي اقتصادي: "لماذا لا يخرج الفريق الاقتصادي ويعقد مؤتمراً صحفياً يسمي الأشياء بمسمياتها أي يعلن مقدار ما تتحمله الحكومة من الدعم لكافة المواد المدعومة وآلية استنزاف وسرقة هذه المواد والاستراتيجية الحكومية في حال رفع الدعم وكيف سيتم تحويل الوفر المحقق إلى الطبقات الأكثر فقراً؟"
إن الدعم الشعبي لأي إجراءات من هذا النوع هو الأساس لنجاح هذه الإجراءات ولكن الدعم الشعبي لايمكن أن يأتي إلا من خلال عرض خطة واضحة المعالم يعرف المواطن من خلالها ما سيخسره وما سيكسبه من هذه الإجراءات وهنا نستطيع أن نحدد بعض من ملامح الخطة المرجوة:
رفع الدعم تدريجيا عن كافة السلع من بنزين ومازوت وغاز وكهرباء وخبز .
قبل البدء بتطبيق إجراءات رفع الدعم يجب أن يكون لدى الحكومة دراسات تبين مقدار الوفر المحقق من تطبيق الإجراء.
تحرير أسعار جميع المواد بشكل تدريجي متزامن مع إجراءات لرفع الرواتب والأجور بشكل مواز ومنح تعويضات نقدية لغير العاملين تعويضاً عن ارتفاع الأسعار.
فرض رقابة قوية على الأسواق لضمان عدم استغلال التجار للإجراءات ورفع الأسعار بشكل غير منطقي.
اقتصاديا ماذا يعني ذلك؟
تخفيف الأعباء التي تتحملها الحكومة وتثقل كاهلها وتعيق خططها التنموية نتيجة الدعم.
ترشيد استهلاك المواطنين خاصة لمادة الخبز التي يقدر الخبراء قيمة الهدر في استهلاكها بحوالي 35% وقيمة الدعم لها بمئات المليارات من الليرات.
اختفاء ظاهرة الأسواق السوداء للمواد المدعومة خاصة المازوت الذي يباع حاليا في السوق السوداء بحوالي 800 ليرة سورية.
إعادة توجيه الوفر المحقق نحو دعم الطبقات الفقيرة إما عبر تحسين مستوى المعيشة وإما عبر مشاريع تنموية تحسن الهيكلية الاقتصادية.
إن المرحلة التي نمر بها هي أخطر مرحلة في عمر الأزمة وفي تاريخ سورية وتحتاج إلى قرارات استثنائية على مستوى الحدث تتصف بالجرأة وقد لا تلقى القبول الشعبي في المراحل الأولى ولكن مع الزمن وحين يلمس المواطنون الآثار الإيجابية للقرارات سيكونون رافعة شعبية حاضنة للقرارات وأي تأخير في اتخاذ هذه القرارات مهما كانت مؤلمة سيكون له آثار كارثية مدمرة على الاقتصاد السوري.

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني