حتى جامعاتنا!

حتى جامعاتنا!

أسوأ صفة فينا، كأشخاص ومؤسسات، أننا مغرورون جداً بماضينا، وما حمله من نقاط مضيئة في مجالات عدة...
هذا الغرور جعلنا من ناحية نستخف بالدول الأخرى ونقيمها على أساس ماضيها وماضينا، ومن ناحية أخرى نضيّع ما أنجز سابقاً... فلا نحن أضفنا عليه ما يغنيه ولا حافظنا على زخمه وبريقه.
والأمثلة كثيرة...
لكن أعتقد أن تناول ملف واقع التعليم العالي، سيكون كافياً ليضيء على تلك الفكرة.
فقد أصدرت مؤخراً مؤسسة (كيو إس) تصنيفها السنوي لعام 2021، الخاص بترتيب أفضل الجامعات الإقليمية والدولية تبعاً لستة معايير أساسية...
اللافت في النتائج على المستوى العربي، هو غياب أي حضور للجامعات السورية، العامة أو الخاصة، ضمن قائمة أفضل 42 جامعة عربية، حيث تصدرت جامعة الملك عبد العزيز قائمة الجامعات العربية، تلتها جامعة الملك فهد، فجامعة خليفة في الإمارات العربية المتحدة والمؤسسة في العام 2007.
وبغض النظر إن كانت جامعاتنا ضمن الجامعات العربية والعالمية التي خضعت للتصنيف أو لم تكن، مع قناعتي أن الأمر في كلا الحالتين سيان، إلا أن النتائج المعلنة منذ نحو شهر يفترض أن تجعلنا نفكر جدياً في واقع جامعاتنا ومستقبلها بكل جرأة وشفافية....
إذ من المحزن فعلاً أن تتراجع جامعة مثل جامعة دمشق، والتي تعتبر أولى الجامعات المؤسسة في المنطقة، في التصنيفات الجامعية الدولية، هذا في وقت تتصدر فيه جامعات لم يمض على تأسيسها سوى بضعة عقود قليلة أو لا تزال حديثة العهد...
لذلك إذا كنا حريصين فعلاً على مستقبل سورية... وأبنائها، فعلينا أن نكون صادقين وجديين في تقييم واقع جامعاتنا، وتوصيف العوامل السلبية التي أوصلتها إلى هذه الحالة من الضعف الأكاديمي والعلمي والإداري...
علينا الاعتراف أن هناك انحرافات عدة شهدها العمل الأكاديمي على مدار السنوات السابقة، بدءاً من مخالفة بعض أساتذة الجامعات للقيم والأخلاق العلمية والتربوية، وصولاً إلى سلوكيات الطلاب والموظفين الخاطئة... بدليل المخرجات الجامعية، التي يتفق الجميع على ضعفها وفقرها ومحدودية تأثيرها في حياة الشخص والمجتمع... وكذلك بدليل حالات التزوير وعمليات الغش الواسعة التي تكتشف بين الفينة والأخرى.
علينا الاعتراف أن المحسوبيات والعلاقات الشخصية وجدت طريقها إلى الجامعات، وفي العديد من  الأنشطة والمشروعات العلمية منها والإدارية والمالية... وكل جامعة فيها ما يكفي من أمثلة، سواء فيما يتعلق بالبعثات العلمية أو مهمات البحث العلمي أو الدراسات العليا أو حتى في التعيينات الخاصة بالجامعات.
علينا الاعتراف أن تدخل جهات عدة في إدارة ملف التعليم العالي أسهم في اتخاذ قرارات لم تكن في مصلحة هذا القطاع، وهنا أرجو لمن يرغب بالاستزادة العودة إلى محاضرة وزير التعليم الأسبق الدكتور عامر مارديني في مؤتمر "حق المواطن في الإعلام" المنعقد عام 2017.
هل يجب أن يبقى هذا القطاع على حاله، في مرحلة تتطلب حضوره القوي علمياً وفنياً؟
بالطريقة الحالية لن يحدث ما نتمناه، وستظل مؤشرات هذا القطاع غير مرضية مهما حاول البعض تمويه ذلك، وتالياً فإن التغيير سيكون ضرورياً ونتائجه ستكون رهناً بالشخصيات المشهود لها بالعلم وسعة الفكر وجرأة الطرح التي يفترض اختيارها لقيادة المرحلة.
ملاحظة: هذه ليست زاوية سياسية، ولا تحمل أي إسقاط سياسي يتعلق بعلاقات سورية الخارجية... وتالياً فإن كل ما يرد في هذه الزاوية ليس له سوى أبعاد بحثية وعلمية... لا لشيء، وإنما توفيراً لوقت بعض أصحاب "المزايدات" الوطنية.

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني