ظاهرة وفاة الشباب السوري بالجلطات القلبية لغز يستحق الدراسة والمتابعة (فيديو)

ظاهرة وفاة الشباب السوري بالجلطات القلبية لغز يستحق الدراسة والمتابعة (فيديو)

اللاذقية - ميساء رزق
تطالعنا بشكل مستمر حالات وفاة لشباب بعمر الورود إثر تعرضهم لنوبات وجلطات قلبية ودماغية في ظاهرة حديثة تستدعي النظر والتدقيق والتحقيق في منشئها وسببها الحقيقي خصوصاً أن هذه الحالات كانت مقتصرة فيما مضى على كبار السن نوعاً ما.
ولكن الغريب في الأمر كثرة حدوثها بأعمار صغيرة لا تتعدى في أغلبها العقد الثاني من العمر حيث تكون قاتلة في هذه الفترة عموماً.
ولتوضيح هذه الظاهرة المقلقة استقصت المشهد بعض الجوانب المتعلقة بالموضوع من خبراء في المجال الطبي باختصاص القلب والجانب النفسي لشرح الموضوع وتعليله وإمكانية إيجاد الحلول والعلاج.


النسبة في سورية أعلى بأربعة أضعاف عالمياً
أكد الدكتور كنان علي أخصائي القلبية والذي قدم أطروحته حول احتشاء العضلة القلبية في مشفى تشرين الجامعي باللاذقية والتي شملت ٢٥٦مريضاً مصاباً باحتشاء العضلة القلبية المقبولين في وحدة العناية المشددة الإكليلية حيث ضمت ٢٣مريضاً دون عمر ٤٠ سنة وبنسبة بلغت ٩% وهي نسبة مرتفعة عند هذه المجموعة وهي على الأقل أكثر من أربعة أضعاف النسب العالمية،ومعظم هذه الحالات عبارة عن أسباب مغايرة للاحتشاء بأعمار كبيرة(بالأعمار الصغيرة زادت نسبة الصمة الإكليلية والتسلخ العفوي للشريان الإكليلي مقارنة بالأعمار أكثر من ٤٥سنة )حيث كان السبب بمعظم الحالات تمزق العصيدة الشريانية الإكليلية.

نسبة الجلطات بعمر الشباب زادت مؤخراً!
من جهته لفت الدكتور إياس الخير رئيس وحدة القثطرة القلبية في مشفى تشرين الجامعي إلى أنه ومن خلال تجربته الطويلة في هذا المجال كانت ترده حالة واحدة في العام لتتضاعف وتصله خلال السنوات القليلة الماضية أكثر من ثلاث حالات، مشيراً إلى أن السبب الحقيقة لهذا الأمر مجهولة حتى الآن ،مع العلم أن سبب الجلطة لدى الكبار غير معروفة وكثيرة كعوامل الخطر للإصابة بالجلطة ولكنها ليست سبباً حقيقياً والسبب لدى الصغار بالعمر أيضاً مدعى للتساؤل فقد يكون السبب زيادة الضغوط النفسية أو نقص التعرض للشمس ووسائل التكييف التدخين المبكر وغيرها، وهي تبقى احتمالات وليست أسباباً لأن إيجاد السبب الحقيقي للقضية يحتاج لدراسة عالمية.ونوه د.الخير إلى أن زيادة الدقة والتطور والوعي الطبي هو الذي وجه للانتشار من خلال الكشف عن سبب العلة فمن المرجح أن الحالات كانت موجودة سابقاً ولكن لم تكن تشخص بشكل دقيق،بالإضافة إلى انتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت تضيئ على هذا الأمر وتنقل أعداد الوفيات التي أكدت ازدياد حالات الوفيات عند الشباب بأعمار صغيرة.
وبيّن د.الخير أهمية زيادة برامج التوعية عبر وسائل الإعلام بكل أنواعه بأعراض الجلطة القلبية وطرق التدبير السريع وأساليب الوقاية،مشيراً إلى ترجيح القصة العائلية الوراثية التي تلعب الدور الأكبر والأساسي في انتشار الجلطات لدى الأبناء ففي هذه الحالة يجب الحرص على الفحص والتشخيص المبكر والوقاية منها وتخصيص وقت دائم للتوعية من أمراض القلب التي أصبحت معالجتها قابلة وسريعة إذا تمت بشكل سريع ودقيق.

للعادات الصحية السيئة أثرها
بدوره أكد الدكتور عفيف سليمان علي رئيس قسم التأهيل والتدريب في مركز الباسل لجراحة القلب باللاذقية انتشار حالات المراجعة للمشفى والعيادات لشباب بأعمار صغيرة بالرغم من عدم وجود احصائيات توثق الحالات ولكن من خلال ممارسة المهنة واستقبال المرضى تبين هذا الأمر لأعمار تتراوح بين ٢٠و٤٠سنة وهي أعمار لم تكن تردنا كثيراً قبل أعوام قليلة فالزيادة بالجلطات والحوادث الوعائية القلبية لدى الشباب حقيقة مؤكدة.
وعن أسباب زيادة نسبة الجلطات لدى الشباب مقارنة بالأعوام السابقة ذكر د.علي أن هنالك عوامل كثيرة معروفة تلعب دوراً في التسبب بالتصلب العصيدي الباكر التي ترجح الإصابة مثل القصة العائلية والدموية والتهاب الأوعية بالإضافة إلى استقصاءات متعددة ،ولكن بدون وجود هذه القصص يبرز دور البحث عن الأسباب للوفيات بأعمار صغيرة،وإذا أجرينا دراسة أو بحث للتقصي عن هذه الظاهرة نجد عاملين هامين هما التدخين المبكر الذي نلاحظه عند الأطفال بعمر عشر سنوات أحياناً ونوعية الغذاء السيئ الغير صحي بالإضافة للخمول، ولا نخفي الأثر الأكبر للأزمة التي تمر بها البلاد وحالة التوتر والشدة النفسية العالية التي أثرت على الشباب السوري بشكل كبير.

وتطرق د.علي إلى أهمية الانتباه من قبل الأهل إلى بعض الإنذارات التي يواجهها أبناؤهم والتي قد توحي بإمكانية تعرضهم للجلطات حيث أشار  إلى أن أعراض الاحتشاء واحدة بكل الأعمار ولكن هناك أعراضاً وصفية غير محددة قد لا تلفت النظر لصغر العمر،فالأعراض الإنذارية هي نفسها أعراض نقص  التروية النموذجية وتتلخص في الألم الصدري الحاد الذي يمتد للذراع والفك. ولكن أهم شيئ ألم الصدر الجهدي عند القيام بأي مجهود كأن يضع الشاب يده على صدره لألم خلف القص وازدياد الألم مع الجهد،حتى الألم في وقت الراحة هو ألم ضاغط مع اعراض أخرى كالغثيان والتعرق،مضيفاً بضرورة الانتباه عند وجود عوامل خطورة مثل: سكر الشباب، القصة العائلية،فرط الكوليستول،التدخين،الخمول،البدانة حيث يتوجب في هذه الحالات التوجه فوراً للطبيب ولو بأعمار صغيرةلاتخاذ الإجراءات الإسعافية والوقائية السريعة عند التعرض للجلطة والتي تقدم عند الإسعاف بتسلسل العلاجات المطلوبة كالتخطيط و إعطاء المميعات والقثطرة فكل دقيقة لها أهميتها للنجاة.

الوقاية هي الأهم
وأشار د.علي إلى أهم عوامل الوقاية التي يجب اتباعها لتلافي الجلطات لدى الكبار بشكل عام والشباب بشكل خاص وتتلخص في:تعديل نمط الحياة،إيقاف التدخين،المشي اليومي لمدة ساعة على الأقل ٥ أيام بالأسبوع،تقليل تناول الدهون المشبعة، التشجيع على تناول الخضار والفواكه بمعدل ٣ حصص يومياً، تقليل تناول الكحول، تناول المنتجات البحرية مرتين أسبوعياً، شرب الماء، ضبط الضغط الشرياني و السكر والكوليسترول، علاج الحالات النفسية والقلق والتوتر، تخفيف السهر والنوم الكافي، إنقاص الوزن.


لعلم النفس رأيه
ولتوصيف هذا الأمر من الناحية النفسية التقت المشهد المرشدة النفسية فداء يوسف التي ذكرت أن لمشاعر الانسان أهمية كبرى في حياته وإن لم يستطع إدارتها أو التحكم بها سيقع في متاهات الحياة التي لا تنتهي، وإن التعرض للأزمات النفسية والضغط العصبي والتوتر النفسي وعدم القدرة على التكيف معها والسيطرة عليها سيقع حينها في دائرة الأمراض النفسية والجسدية، وبالرغم من أن تلك العوامل كانت متاحة فيما سبق ولكن تسارع الحياة وضغوطاتها التي لا تنتهي والتي أصبحت ترخي أثقالها على عاتق الشباب هذه الأيام جعل التهديد على صحة الفرد يأخذ أبعاده إلى درجة كبيرة.

الأزمة ساعدت!
 ولفتت يوسف إلى تأثير الأزمة على هذه الحالات من الجلطات هذه الأيام وما خلفته الحرب من تبعات مخيفة أصبح كل ماضي تفاصيلنا مليء بالضغوطات المختلفة وأصبحت تؤثر تلك الضغوط في نشاطاتنا وممارساتنا اليومية وهذا يتعب القوة النفسية والجسدية للشباب،وتتباين هذه الضغوط ما بين: المشاكل العائلية، الضغوطات المادية والدراسية والإجتماعية والعاطفية والعمل،وتعرض الفرد أيضاً لمشكلة ما كخسارة مادية أو موت قريب وقد تجتمع كلها لدى شخص واحد أو تأتي تباعاً والأهم من ذلك كله أن هذه التغيرات السريعة المخيفة التي طالت شبابنا وبنفس الوقت عدم القدرة على التكيف والتأقلم والبحث عن الجديد.هذا كله ولّد لديهم(جيل الشباب) آثاراً من الحزن والألم النفسي والاكتئاب والقلق والتوتر ماينعكس بدوره على أعضاء الجسم أي بشكل فيزيولوجي وخاصة ذاك الأمر المتعلق بالعمليات التي تؤثر على إمداد الجسم بالطاقة التي تمكنه من مواجهة الضغوطات وتحسين نشاط عضلة القلب من ضخ الدم بشكل طبيعي لكافة أنحاء الجسم وبالتالي يبقى أثر هذه الضغوط والحزن الذي تولده الأمر الهام والأكبر في مضاعفة الأمراض وظهورها بشكل واضح في وقت مبكر خاصة مرحلة الشباب ولم ينته الأمر فقط عند هذا فقط في تكرار حدوث السكتات القلبية لديهم يعتبر مؤشراً على آثار تلك التغيرات والضغوط طويلة الأمد التي يظن الشخص نفسه بأنها انتهت ولكنها تعمل كالمرض الصامت الذي يظهر فجأة ويفتك بقلوب شبابنا وتعود أيضاً لحياة الكبت التي يعاني منها أغلب الشباب هذه الأيام بالتحديد،كذلك العزلة التي باتت تعتري قلوبهم وما تخلفه من خوف وقلق بما ينعكس بدوره على الصحة وبدء ظهور العديد من الأعراض التي ربما نظنها مؤقتة ولكن بالحقيقة هي مؤشر مخيف لقدر ينتظر شبابنا فعندما يكبت الإنسان مشاعره وعواطفه ورغباته ويضعها في اللاشعور فإن هذا يؤدي إلى آثار سلبية أيضاً على صحة الانسان النفسية والجسدية،وختمت يوسف بضرورة توجيه الشباب إلى التعبير عن مشاعرهم ومكنوناتهم بعيداً عن وسائل التواصل الاجتماعي منطلقين من ذواتهم إلى العالم الجميل.


في الختام: ازدياد الجلطات القلبية والوفيات لدى الشباب السوري حقيقة ملموسة ونشهد حالات بشكل مستمر نأسف لفقدها بعمر الورود.الأسباب كثيرة كما أوردنا وضرورة تفاديها مطلوبة للتقليل من الخسارات المحزنة، وهنا وجب البحث والتوعية لأهمية الحد من تلك الأسباب بتضافر جميع الجهات بدءاً من الأسرة والنية المقرونة بالفعل لإيجاد حلول للأسباب المعروفة على أقل تقدير.
 

 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


آخر المقالات

استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر