40 عاماً سخرها الزوزو لبناء قلعته الأسطورية على شاطئ جبلة (فيديو)

40 عاماً سخرها الزوزو لبناء قلعته الأسطورية على شاطئ جبلة (فيديو)

جبلة-أسعد جحجاح

أحلام تتبدد هنا وهناك على ضفاف الحياة الصعبة، لكن هناك من تحول حلمه إلى حقيقة وواقع رغم صعوبات العيش ومشاكله، مع أحمد الزوزو كان للحلم وقفة جميلة مع الزمن إذ تحدى هذا الرجل ذو العينين الزرقاوين كل الصعاب ليصل إلى مبتغاه ببناء قلعة أسطورية شيدها على الشاطئ الساحلي لمدينة جبلة.

الزوزو ومنذ صغره يعشق الآثار، وما تمثله من حضارة حملت في معالمها فناً معمارياً، ركن شهاداته الجامعية جانباً وتفرَّغ لعشقه للتراث فبدأ بتشييد قلعة حاول من خلالها  أن ينسج حقيقة ربما تجسّد شيئاً من الحضارة القديمة بفنونها المعمارية والهندسية في التاريخ الحديث لعله يترك بصمة أجدادٍ اختفت بعد ظهور الكتل الاسمنتية.

(المشهد) التقت الفنان التشكيلي أحمد الزوزو داخل قلعته حيث أكد أن فكرة بناء القلعة قديمة نشأت بفكره في مطلع  الثمانينيات ووقتها بدأ بتنفيذها على أرض تعود ملكيتها لوالدته، ولكي لايضيع وقته هدراً  بناها من باب التسلية، وعن مصدر الحجارة التي أسس بها الزوزو قلعته أشار إلى أنها تعود لبيوت قديمة، يقوم أصحابها بهدمها، موضحاً: "عندما بدأت مدينة جبلة تشهدُ تطوراً في البناء، وبدأ السكان يهدمون بيوتهم القديمة؛ استغليت الفرصة وقمت بشراء حجارة هذه البيوت، لتسخيرها في بناء قلعتي الأثرية، التي تعود في تصميمها إلى حضارات العصور الوسطى، من خلال دراسة فن البناء المقارن (الاختلاف في طرق بناء كل حضارة).
ويتابع الزوزو: "هذه الحجارة القديمة -برأيي- كان يجب الحفاظ عليها وعدم تبديدها، حتى لو هدمت، حيث يمكن بناؤها في مكان آخر، لتظهر في شكل تراثي حضاري، كما فعلت في قلعتي".

 نزعة معنوية

أما بالنسبة لتسمية القلعة، فقد رفض الزوزو أن يسمي القلعة باسمه، لأنَّ نزعته -كما يقول- معنوية وليست مادية، وقال: "إنَّ الموضوع لايحتاج إلى تسمية، فالقلعة قادرة على أن تسمي نفسها بنفسها، وغايتي ليست الشهرة من ورائها، لكن كل ما تشاهده جاء من حبي ورغبتي في قضاء الفراغ وتضييع الوقت في إنجاز أو إعادة إعمار صرح حضاري يمثل بعضاً من رموز الثقافة العربية والعالمية لتزيين شواطئنا بشيء يجعلنا نعاصر بعضاً من هذه الحضارات".

حجراً حجراً

لايحتاجُ الزوزو -على حدّ قوله- لمن يساعده في أعمال البناء، حيث رفع القلعة حجراً حجراً على كتفيه، وبيَّن أنه قادرٌ على رفع حجر يزيد وزنه عن 100 كيلو غرام، وما يزيد عن ذلك يضطره لاستخدام قطعة من الفولاذ تسمى (المخل أو العتلة) رأسها مدبب يسند عليها الحجر، فيخف وزنه ويقوم بدفعه إلى السقالة.         
تقسيمات معمارية

تمثل قلعة الزوزو فنَّ بناء الحضارة الرومانية والبيزنطية والإسلامية؛ حيث قسمها إلى عدة أقسام، معتمداً على دراسات معمارية، فالبرج في الخارج على الطراز البيزنطي، ويتألف من عدة أقبية و4ممرات أرضية، فوقها ثلاث غرف جميع سقوفها من الحجر، ونوافذ مخرمة ذات فتحتين مطلة على البحر وعلى الجهات الأخرى، وسور فتحاته رومانية يحيط بحديقة فيها أشجار برية تناسب مناخ البحر، وفي الداخل أيضاً قاعة فيها إيوان بيزنطي للجلوس، توجد خلفه حديقة، ويحتوي على عدة نقوش إضافة إلى الجدران، وتستعمل في ذلك الأدوات التقليدية (المطرقة والإزميل والشاحوطة).
أما القسم الروماني كما بيَّن الزوزو فمختلف عن البيزنطي بأشياء حركية في البناء، من حيث نحت ونفور الأفاريز والأمشاط، التي توجد على التاج المحيط بالعواميد الرافعة للقناطر.

أما الأرضيات، فقد أشار إلى أنها موزاييك أبيض وأسود على شكل مربعات ودوائر هندسية، في حين صمّمت واجهات الجدران من الداخل على الفنّ الغوطي، الذي جاء مع الحروب الصليبية، فالنوافذ تأخذ شكل أزهار أوراقها مثلثة تأخذ شكل صليب.
وبالنسبة للسقف، بين الزوزو أنه يضمّ مجموعة رسوم فنية ولوحات كبيرة (فريسكو)، عددها 8 لوحات، تدل على قوة الطبيعة، والغاية منها التوازن النفسي لمن ينظر إليها، حيث تمثل أمواجاً تشير إلى عاصفة بحرية، ولوحة رمزية تمثل حركة الشمس، مرتبطة مع فاكهة التفاح (أي دون الشمس لايوجد حياة، فاللون الأصفر يعني الحياة)- تسمى المدرسة الانطباعية، إضافة إلى لوحة تعتمد على الحركات الدائرية، تعود إلى عصر النهضة، وتحتاج كلُّ لوحة لمدة شهر كي يتمَّ إنجازها.
وأوضح الزوزو أنَّ القلعة تضمُّ أيضاً غرفة، مزج فيها بين الفن الروماني والبيزنطي، فأعمدتها مزدوجة، ورسم على سقفها لوحة من النوع (الترقيشي)، بينما تحمل الغرف الأخرى عدة أساليب في زخرفتها كالأسلوب الفرعوني الذي يمثل زهرة اللوتس، وإفريز يوناني يزنّر الحائط على شكل حب زيتون، وقناطر على شكل قلوب يختصُّ بها الأسلوب الفاطمي، أما الأبواب فهي على الطراز الإسلامي، حيث ينفصل العمود عن الجدار، وفي القسم الآخر عدة قاعات مزدوجة (فن مغربي مع أندلسي)، لأنَّ القناطر صمّمت على هيئة شلال ماء، وقاعة مقسمة بداخلها لعدة مداخل متصلة ببعضها وهو أسلوب يعود إلى عصر المماليك أبوابها على الطراز اليوناني من القرن الرابع قبل الميلاد، ويوجد فوق كل مدخل باب مثلث يرمز للقوة.

فن كلاسيكي

يبدي الزوزو إعجابه بالفنّ المعماري الكلاسيكي القديم، بما فيه من معابد وقصور قديمة تظهر فيها القباب والنوافذ والقناطر والمقرصنات، والذي تأسس على أيدي علماء ومهندسين ومخترعين فنانين أفرغوا كامل طاقاتهم العلمية في وضع التخطيط الهندسي لعمليات البناء والنحت والزخرفة، حتى يسطر التاريخ أسماء هذه الفنون وصانيعها في دفاتره.

هوية فنان
أحمد الزوزو من مواليد مدينة جبلة عام 1938، خريج  جامعة دمشق (كلية الحقوق) وهو خريج كلية الآداب قسم التاريخ والجغرافية، وخريج معهد الفنون الجميلة والتشكيلية في اللاذقية، درَّس في عدة مدارس، وعمل بالقانون مدة 15 عاماً.

 

 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر