الدخان العربي: كوهيبا الفقراء
-
ميساء رزق - 2019/03/16
- 1886
اللاذقية - ميساء رزق
لا يمكن أن تمر من أمامهم دون أن يلفتوا نظرك.. مجموعة رجال يفترشون الرصيف في الشارع المؤدي إلى كراج الفاروس مقابل مديرية زراعة اللاذقية.. في بقعة باتت معروفة لطالبي شراء بعض تبغ عربي هو بمثابة سيجار كوبي فاخر لمدخنين متمرسين بمعرفة كل صنف منه من أي أرض قطف وبأية منغلة فرم.. فهذا من بيت ياشوط وذاك من القدموس والأفضل من بطموش حيث سمّدت أرضه بروث الماعز ما أعطاه قيمة و طعمة أغنى.. وكم ربطت بين البائعين إياهم و الزبائن أواصر الصداقة ، صداقة الإدمان المشترك للدخان العربي الذي يعتبرونه أطيب من سيجار الكوهيبا .. فالبضاعة منشورة مع دفاتر ورق اللف ، ولكل طالب للسلعة أن يتذوق جميع العينات مجاناً حتى يرسو على النوع المطلوب ومن أي بائع منهم فالكل واحد .. فهذا خفيف والثاني حد المذاق والآخر ثقيل.. وهذه الكومة شقراء و تلك حمراء و الباقية مخلطة.. لك أن تشتري ما تريد بالكمية التي ترغبها حتى بمئتي ليرة فهنا متجر الفقراء وحتى الميسورين الذين يفضلون هذا النوع من التبغ.. فالبضاعة مضمونة بضمان البائعين المعروفين بوجوههم الأليفة و لهجتهم المحببة ، يأتون صباحاً من قراهم للترزق ويعودون عصراً يحملون بأيديهم ما بقي من تبغهم و في جيوبهم ثمن ما باعوا شاكرين الرزاق الكريم وفي فمهم لفافة تبغ تفوح منها رائحة عرق من: بذر وسقى وقطف و شك و جفف و كدّس و نسّل و فرم أوراق دخان يجلو احتراقه بعض هموم مخزنة في الصدور .
