ثبات الأسعار دليل عافية أم مؤشر جمود الاقتصاد
ما تزال قيمة الليرة السورية ترتفع مقابل الدولار في مؤشر غريب لم يكن متوقعاً من قبل الخبراء الاقتصاديين، وذلك على الرغم عدم حدوث أي خرق اقتصادي يقلب الأوضاع.
مطلع العام توقع خبراء الاقتصاد والمصرفيون، انحدار سعر الليرة بشكل كبير ، لكن وخلال الاسبوع أو العشرة أيام الاخيرة، تحسن سعر الليرة بشكل ملفت وسط توقعات باستمرار التحسن من قبل الخبراء والمتابعين لسعر الصرف.
بعض المحللين يقول أن سبب الانخفاض هو عدة عوامل، أهمها زيادة طلب المستوردين على الليرة السورية بموجب قرار المركزي الأخير (1130) في آب الماضي الذي ألغى بموجبه القرار (970) الذي نوع مصادر تمويل المستوردين من خارج المنصة.
البعض الاخر يرى أنه رغم انخفاض سعر الصرف، إلا أن الأسعار لا تزال ترتفع، على سبيل المثال، سعر علبة المحارم كان نحو 18 ألف ليرة عند سعر 14 ألف ليرة للدولار، واليوم هي 20 ألف ليرة عند أقل من 13 ألف ليرة للدولار.
البعض يرى أن هذه الحال لن تستمر طويلاً، وهي مرتبطة بارتفاع الحوالات في شهر رمضان وتدفق القطع الاجنبي من الخارج أما المتشائمون يرون أن حفاظ المركزي على سعر دولار منخفض وخفضه للسيولة وخلق الطلب على الليرة من قبل التجار، سيكلفه الكثير من القطع الأجنبي، بالتالي قد ينفلت سعر الليرة ويعود إلى سعره الطبيعي قياساً بالوضع الاقتصادي ولو بعد حين. حيث يعمل مصرف سوريا المركزي حالياً على رفع سعر الدولار رسمياً وخفض السعر في السوداء ليصل إلى سعر متقارب بحسب مصادر في المصرف، وهذه العملية أيضاً تكلف المركزي الكثير من القطع الأجنبي الذي يجب أن يضخه في السوق، بهدف أن يجذب بسعره الرسمي حوالات المغتربين التي قد لا تكفيه، لكنه بذات الوقت يرفع بقراراته كلف الخدمات والمواد الأساسية المقدمة من قبل الحكومة تباعاً ومنها المحروقات.
بعض الخبراء المعنيين بأسواق المال والعملات رأوا إنه في حال تحقيق التوازن بين السعر الرسمي والموازي للدولار، قد يفلح المركزي بجذب التحويلات، لكن الاقتصاد السوري سيخسر في المقابل من خلال التضخم وارتفاع الأسعار،
البعض يقول أن سعر الليرة الحالي غير منطقي، وقالت في تقرير لها إن "عوامل الحفاظ على الليرة بقيمتها مقابل العملات الأجنبية لم يطرأ عليها أي تغير إيجابي خلال الفترة القريبة الماضية، فلا زيادة في معدلات الإنتاج والاستهلاك، بل هناك تقلص مستمر بمعدلات الاستهلاك وتراجع بمعدلات الإنتاج، ولا بضائع مصدرة بكميات إضافية، أو نوعية، تستقطب المزيد من القطع الأجنبي، ومقابل تراجع الإنتاج ترتفع فاتورة الاستيراد، أي مزيد من استنزاف القطع الأجنبي، ومعدل التحويلات الخارجية من السوريين في الخارج لذويهم في الداخل على حالها نسبياً، والواقع السياسي العام على مستوى الأزمة الوطنية الشاملة من سيئ إلى أسوأ دون حلول منظورة".
قد يمل المتابع من السرد الطويل لآراء المحللين ولكن الهدف من السرد ان الجميع يغفل الجانب السياسي في الموضوع فالعلاقات مع المملكة العربية السعودية تشهد تحسنا كبيرا ارتفعت وتيرته خلال الايام الماضية من خلال الزيارات وتبادل الرسائل المعلن منها وغير المعلن إضافة إلى تسارع الحميمية في العلاقة مع الامارات العربية المتحدة وبرأيي هذا الجانب السياسي هو ما يفسر الجانب غير المفهوم من تحسن قيمة الليرة وهذا يعني اننا اليوم مقبلون على مرحلة جديدة قد تشهد ضخا للاستثمارات في سورية وهو قد يترافق مع تصريحات امريكية عن انسحاب وشيك من شرق سورية واعتقد ان التصريحات جدية في تلك المرحلة وتعكس دفئ العلاقات مع الخليج العربي وإن حصلت حتى ولو لم ينخفض سعر صرف الدولار لكن قد يحصل ارتفاع للأجور بعدة اضعاف ومع ذلك فالتحليلات السابقة خاصة المتعلقة بشهر رمضان والحوالات قد تصيب وينخفض سعر الليرة من جديد ولكن هذه حالة طبيعية حاليا" بانتظار ما ستؤول إليه الامور.