هل بدأت عاصفة تضخمية جديدة
لا يكاد ينتهي اعصار تضخمي حتى يبدأ آخر وكل الظروف والمستجدات المحلية والدولية تدفع باتجاه استمرار الموجات التضخمية الجامحة
هل نبدأ من الظروف الحالية أم من النتائج؟
موجة قرارات حكومية خلال الفترة المنصرمة كلها تصب في اطار تخفيف الدعم وإعادة ترشيده بدءً من الرفع المتدرج لأسعار المحروقات وما صاحبها من موجات غلاء انتهاء قبل يومين بتحرير سعر المازوت للمداجن
إذا اردنا مقارنة اسعار بعض السلع اليوم مع اسعارها العام الماضي في نفس الفترة سندخل في إحباط قاتل :
كيلو السكر ارتفع من 7000 ووصل لحوالي 14000 ليرة والرز تقريبا بنفس النسبة.
لتر الزيت ارتفع من 8000 ليرة ليصل 24000 بنسبة ارتفاع 300%.
اللحمة ارتفعت من حوالي 40000 لتصل 170000 والفروج الحي يصل بحدود 40000 ليرة للكيلو.
القهوة وصلت لحدود 100000 ليرة سورية والشاي اصبحت سلعة رفاهية وكمالية.
الليرة السورية خسرت بشكل هائل من قيمتها مقابل الدولار الامريكي خلال والذهب سجل ارقام قياسية جاوزت900000 ليرة للغرام في الاسواق السوداء.
اليوم ينتظر الجميع رفعا لأسعار الكهرباء شبه معلن عنه من قبل وزارة الكهرباء.
كل هذه الزيادات في الأسواق تأتي ومتوسط دخل المواطن لا يتجاوز 20 دولارا أمريكيا، فمن المسؤول عن هذه الزيادات، وما هي الأسباب التي تدفع الأسعار إلى هذه المستويات الجنونية، ولماذا لا تستطيع الجهات المسؤولة في سوريا ضبط هذا الانفلات في الأسعار؟
البعض يقول ان قرارات المصرف المركزي برفع سعر دولار الحوالات ساهمت بشكل كبير بتثبيت مستويات مرتفعة لسعر الصرف في الاسواق السوداء!
قد يكون ذلك صحيحا ولكن باعتقادي لم يكن لدى المصرف خيار إما استمرار التحويل عبر الاسواق السوداء وما يحمله من آثار كارثية على الاقتصاد الوطني او الشكل الحالي وهو اختار اهون الشرور أو أفضل الاسوأ!
هذه الموجة التضخمية هي الاعنف منذ بداية الحرب لجهة الانفجار الحاصل في تزايد الاسعار وتراجع قيمة العملة .
اليوم يمكن القول ان الطبقة المتوسطة سحقت بشكل كامل في المجتمع السوري وعبر التاريخ الطبقة المتوسطة هي الرافعة لأي نهضة او عملية تنموية في أي مجتمع وهذا اخطر من ارتفاع الاسعار بشكل كبير.
الوضع خطير جدا وبحاجة إلى حلول خلاقة ومبدعة تتجاوز الطريقة الكلاسيكية الجامدة في معالجة الازمات ونحن دخلنا في دوامة تضخمية وعلى طريقة السباحين والبحارة لايمكن الخروج من الدوامة بدون صدمة قوية والصدمة تقتضي اليوم تأمين تمويل خارجي وإحكام منافذ التسرب خارج الدورة الاقتصادية ومن ثم على التوازي تحريك الاجور بشكل فعال يؤدي إلى تحريك الطلب ومن ثم تنشيط الانتاج اما السياسات المتبعة حاليا تركز على تجفيف السيولة في السوق وحتى إن ساهمت بخفض الضغوط التضخمية لكنها تقود إلى شلل كلي في الحياة الاقتصادية.