هل تنجح الصين وروسيا بضرب الدولار

هل تنجح الصين وروسيا بضرب الدولار

في خطوة جديدة نحو التخلي عن الدولار الأمريكي، أعلنت البرازيل والصين الأسبوع الماضي أنهما اتفقتا على استخدام عملتيهما المحليتين في التبادل التجاري فيما بينهما، بدلًا من استخدام الدولار.
جاء الاتفاق خلال منتدى أعمال صيني برازيلي رفيع المستوى عقد في بكين، ويعدّ خطوة جديدة تضاف لسلسلة من الاتفاقيات السابقة نحو التعامل بالعملات المحلية بدلًا من العملة الأمريكية، فيما تستمر الصين بضم المزيد من الدول إلى دائرة البلدان المتعاملة بالإيوان والعملات المحلية في التجارة الخارجية.
إن الاتجاه في التخلي عن الدولار ليس جديدًا في دول العالم، اذ سبقه إجراءات مماثلة بين دول عدة خلال السنوات الماضية، لكن الجديد في القرار الصيني البرازيلي، هو أنه يأتي بين دولتين كبيرتين اقتصاديًا، ما يعني أنه خطوة إضافية نحو إحداث تغيير في آليات التعامل الاقتصادي."
هنا بدأ الخبراء يتساءلون هل بدأ عصر أفول الدولار الامريكي؟
القضية ليست بالبساطة التي يتصورها البعض

يعتبر الدولار الأمريكي العملة المعتمدة في معظم الحركات التجارية العالمية منذ الحرب العالمية الثانية، وهو ما يعطي الاقتصاد الأمريكي ميزة، لأنه يطبع الأوراق النقدية المستخدمة في التجارة الدولية، و هذا يشكّل فائدة للولايات المتحدة على حساب العملات المحلية في دول العالم، التي تكون مضطرة لشراء الدولار لتسديد تجارتها الخارجية. 

بعض الخبراء يقللون من الآثار الاقتصادية للقرار، "حيث إن 60% من دول العالم لا تزال تستخدم الدولار الأمريكي كاحتياطي أجنبي في بنوكها المركزية. بالإضافة إلى أن التجارة العالمية والمؤسسات المالية الدولية والمؤسسات المالية التابعة للأمم المتحدة جميعها تعتمد على الدولار الأمريكي، ما يؤشر على القوة المالية والنقدية التي يتمتع بها الدولار ومن خلفه الولايات المتحدة."

خبراء آخرون يعتقدون العكس انطلاقا من أن طرفا الاتفاق يلعبان أدوارًا مهمة في شكل السوق العالمي، فالصين هي صاحبة ثاني أقوى اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة، فيما تعتبر البرازيل أكبر اقتصاد في أمريكا اللاتينية، ويعدّ هذا الاتفاق هو الأول من نوعه الذي تعقده الصين مع إحدى دول أمريكا اللاتينية، لا سيما وأن بكين هي الشريك التجاري الأكبر للبرازيل، حيث بلغت قيمة التبادل التجاري بينهما نحو 150 مليار دولار العام الماضي.

ويعزز هؤلاء الخبراء رأيهم بالمحاولات السياسية التي تتزعمها دول الصين وروسيا منذ فترة لإسقاط دور الدولار الأمريكي كرائد في التجارة العالمية، ويعود السبب لرغبة الدولتين في إضعاف هيمنة الولايات المتحدة على العالم سياسيًا واقتصاديًا وتكنولوجيًا، ضمن السعي لخلق نظام عالمي متعدد القطبية لا تتبوأ فيه الولايات المتحدة مركز الصدارة أو الهيمنة.
وهنا يطفو على السطح التساؤل التالي : على الرغم من الفائدة التي ستعود على بكين، هل من مصلحتها إضعاف الدولار الأمريكي إلى حدّ كبير، وهي التي تملك أكبر احتياطي من الدولار في العالم بعد الولايات المتحدة، نظرًا لحجم التبادلات التجارية الكبيرة بين الدولتين


سابقا" اتخذت العديد من الدول في العالم خطوات مشابها حيث أعلنت البرازيل والأرجنتين استعدادهما لإطلاق عملة مشتركة بينهما تشبه اليورو. كما تعمل روسيا وإيران معًا على إنشاء عملة مشفرة مدعومة بالذهب لاستخدامها في التجارة العالمية. كما وقّعت الإمارات والهند اتفاقية تجارة حرة في العام الماضي بهدف زيادة المعاملات غير النفطية مع طرح فكرة إجراء تجارة غير نفطية باستخدام الروبية.

يمكننا القول أن كل إجراء يتم فيه التحول عن الاعتماد على الدولار يزيد من الأعباء الاقتصادية الأمريكية، دون أن يؤثر عليها الآن بشكل مباشرو لكن الخسائر الامريكية لمثل هذا العمل ستكون ضئيلة للغاية، وسرعان ما سيتم التراجع عن هذه القرارات من قبل الدول التي لن تتمكن من الاستمرار في هذا النهج لعدة اعتبارات.

الاعتبار الاول أن الصين لا تفكر في إضعاف الاقتصاد الأمريكي، لكنها تريد أن تلعب دورًا في تقليل هيمنة الدولار، ودفع الولايات المتحدة نحو القبول بشراكة في هذا المجال، للوصول لصيغ اقتصادية ومالية جديدة، عبر الضغوط التي تمارس من قبل بكين وروسيا.

الاعتبار الثاني لا يوجد خطر على الدولار حاليًا، ذلك لأن العملة الخضراء لا تزال متجذرة في التعاملات بين دول كثيرة في العالم، وتدخل في مفاصل اقتصادية كثيرة.

الاعتبار الثالث المرحلة الحالية هي مرحلة انتقالية حتى يتم ترسيخ نظام عالمي جديد متعدد القطبية اقتصادياً وسياسياً، من أجل الوصول لصيغة جديدة تعيد النظر بدور الدولار، وتتوصل لاتفاقيات حول عملات جديدة أو سلة عملات أو عملة مدعمة من خلال البنك الدولي لكن بعد تعديل نظامه بحيث يكون هناك مساهمة لكل الأطراف القوية اقتصاديًا، بحيث يصدر عن البنك عملة جديدة وتكون هذه العملة من صلاحية هذه المؤسسة وليست من صلاحية دولة ولكن لنصل إلى تلك الخطوة اعتقد اننا بحاجة عشرات السنين من الحرب الباردة أو حرب عالمية جديدة ولا يوجد أي طرف مستعد لها حاليا".
بشكل عام يبدو أن قواعد اللعبة بدأت تتغير استراتيجيا" ولكن لنكن واقعيين هذا يتطلب سنوات طويلة كون جميع المصارف تحتفظ بالجزء الاكبر من رأسمالها بالدولار الامريكي.

 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني