زيادة الأجور بين المطلوب والمقدور عليه

زيادة الأجور بين المطلوب والمقدور عليه

تتفاقم الأزمة المعيشية للمواطن السوري يوما بعد يوم بشكل فاق كل الحواجز والتوقعات وانحدرت مستويات الدخل الحقيقية خاصة لفئة أصحاب الدخول الثابتة لأدنى الحدود في تاريخ سورية.

الأسواق السورية تشهد موجات جنونية لارتفاع الأسعار وما يصاحبها من ارتفاع معدلات التضخم وفق متواليات هندسية فاقت قدرة المواطن السوري وامتصت كامل دخله ومدخراته 

مؤخرا بدأت بعض الاخبار تتناقل عن زيادة قريبة للرواتب والاجور أكدتها تصريحات صحفية لرئيس الاتحاد العام لنقابات العمال مع بعض اعضاء مجلس الشعب.

المواطن ينتظر زيادة على الرواتب تتخطى الحواجز لتبلغ عدة اضعاف منطلقا في حساباته من عدة اعتبارات اولها اقتصادي يتعلق بعدم جدوى أي زيادة خارج تلك النسب لمجاراة معدلات التضخم ومتوالية الاسعار المتزايدة بشكل مخيف, الاعتبار الثاني سياسي يتعلق بعودة العلاقات السياسية مع الدول العربية تباعا وعدم وجود موقف امريكي جدي تجاه تلك العودة باستثناء بعض التصريحات لحفظ ماء الوجه, الاعتبار الثالث يتعلق بإعلان بعض الدول العربية استعدادها للبدء بعملية إعادة الاعمار في سورية مما قد ينشط الدورة الاقتصادية.

الحكومة تحاول الزيادة ولكن ضمن حدود بعيدة كل البعد عما ينتظره المواطن منطلقة من عدة اعتبارات أيضا: الاعتبار الاول يتعلق بشح الموارد فالحكومة لم تستعد السيطرة على حقول النفط والقمح الموجودة بحماية أمريكية حتى تاريخه , الاعتبار الثاني يتعلق بعدم رفع العقوبات من أي جهة فرضتها حتى تاريخه وكل التدفقات لم تتعدى مساعدات انسانية متعلقة بمواجهة الزلزال, الاعتبار الثالث يتعلق بعدم الرغبة برفع الاجور بدون رفع الانتاج حتى لا يمتص التضخم الزيادة وندخل في الحلقة المفرغة للأسعار من جديد.

بالعودة إلى تجارب سابقة تحولت زيادة الرواتب والاجور لعدم مرافقتها بتثبيت الاسعار إلى زيادة تضخمية وحملت آثار سلبية كثيرة على الاقتصاد نتيجة زيادة الانفاق على السلع الأساسية لزيادة معدلات الاشباع. ونتيجة لظروف الحرب والحصار ارتفعت الاسعار نتيجة عدم القدرة على مجاراة الطلب المتزايد وهنا تحمل الضرر بشكل اساسي فئة غير الموظفين كالمزارعين والعمال العاديين وغيرهم نتيجة عدم رفع اجورهم وبالتالي انخفاض دخلهم الحقيقي بمقدار زيادة الرواتب والاجور

أي زيادة في الرواتب والاجور ضمن المعطيات الاقتصادية الحالية يمكن أن تحرك الاسواق بشكل آني ولكن الاسعار ستمتصها على المدى القصير الاجل ويكفي أن نقارن أسعار المواد الاساسية خلال الفترة الماضية لنجد أنها ارتفعت بحوالي الضعف خلال الفترة التي رافقت الزيادة وحتى تاريخه .

السؤال المطروح هل تلبي الزيادة على الرواتب والأجور التطلعات لتحسين المستوى المعيشي؟

الجواب برأي لا تلبي التطلعات بسبب غياب القدرة على تثبيت مستويات الاسعار وبالتالي النتيجة على المدى القصير انخفاض الدخول الحقيقية 

اليوم كل الدراسات شبه الرسمية وغير الرسمية تؤكد أن الحد الادنى للمعيشة في سورية يتجاوز المليوني ليرة سورية حاليا". أي ان الموظف والمتقاعد يحصل على عشرة بالمائة من الحد الادنى للمعيشة مع الانتباه أن أغلبية المتقاعدين من كبار السن وممن لديهم امراض وبالتالي سيستنزف كل ما حصل عليه المتقاعد من خلال الارتفاع في سعر الادوية.

إن زيادة الرواتب والاجور مطلب شعبي وجماهيري ولكنها حتى تكون فعالة يجب ان تترافق مع تحريك عجلة الانتاج لتكون حقيقية وليست تضخمية وتحتاج إلى إبداع في استخدام أدوات السياسات الاقتصادية والمالية بشكل يقود إلى زيادة الطلب الفعال ومن ثم رفع الاستثمارات وتشغيل الطاقات المعطلة وتخفيف معدلات البطالة وتحسين الدخل الحقيقي وليس الدخل النقدي دون أن يكون لدينا ضغوط تضخمية جامحة شريطة السيطرة على الاسواق من خلال الفوترة وانظمة الربط الالكتروني وتخفيف التعاملات الورقية.

اليوم الظروف والمناخات السياسية مناسبة أكثر من أي وقت مضى لخلق مناخ استثماري يشكل عامل جزب لرأس المال الخليجي للوصول على المسار الاقتصادي المنشود بتحريك الانتاج وكسر الجمود في دورة الحياة الاقتصادية السورية .

خلافا لذلك سنبقى ندور في حلقة مفرغة من رفع الاجور وارتفاع الاسعار وموجات التضخم الجامح

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني