شح المياه يهدد بأزمات اقتصادية خانقة

شح المياه يهدد بأزمات اقتصادية خانقة

تعرضت سوريا إلى موجة جفاف شديدة خلال السنوات السابقة -بالرغم من وفرة الامطار  في العام الحالي إلى حد ما- انعكست بشكل سلبي على الزراعات السورية وترافقت مع قيام تركيا بخفض نسبة تدفق نهر الفرات ونتج عن انخفاض منسوب تدفق المياه لنهر الفرات إضافة إلى شح الأمطار خروج مساحات شاسعة من الاستثمار الزراعي وهذا انعكس على مستويات الإنتاج الزراعي وعلى حصة الفرد من الإنتاج الزراعي وإن تعويض النقص الحاصل في هذا الإنتاج من خلال الاستيراد شكل عنصراً ضاغطاً على الحكومة وعلى المواطنين بسبب ارتفاع أسعار الاستيراد لأغلب المواد الغذائية .

لقد انخفضت حصة المواطن السوري من المياه بشكل كبير وصلت في بعض المناطق إلى مادون المستويات الدنيا للإشباع المائي بسبب انخفاض مستويات الأمطار الجوفية وعدم تفجر الينابيع .

إن خط الفقر العالمي يحدد عادة عند مستوى ألف م3 سنوياً للشخص الواحد أما في المناطق الجافة وشبه الجافة فيعتبر مقنن مائي من 500 م3 مقبولا  سنوياً .

بينما في سورية انخفض متوسط المقنن  المائي في بعض المدن إلى مادون 50 م3 للفرد سنوياً وهو رقم خطير جدا" يؤثر على السلامة العامة والصحة ويهدد بتفشي الأمراض والأوبئة في ظل تداعيات جائحة كورونا والزلازل والحرب وغيرها.
مايعقد الوضع ويزيده  سوءا تقنين الكهرباء  وغياب القدرة على تأمين تغذية كهربائية مستمرة لمحطات ضخ المياه بشكل خفض ساعات ضخ المياه لاسيما في الارياف والابنية الطابقية في المدن حيث تقتصر ساعات التغذية على عدة ساعات اسبوعيا و يتم الاعتماد على الصهاريج لنقل الماء في ظل الارتفاع المستمر لتكاليفها تزامنا مع ارتفاع اسعار المحروقات

كل الدراسات الدولية والعالمية الرسمية منها وغير الرسمية تشير إلى أزمة مياه خانقة في المستقبل وتشير ان الحروب القادمة ستكون على مصادر المياه.
وهنا تطفو على السطح تساؤلات حول استراتيجية سورية للتعامل مع أزمة المياه القادمة
قبل الحرب كانت لدى الحكومة استراتيجيات واضحة لجهة التوسع في السدود وأقنية الري ومشاريع الجر والتخزين ولكن بعد الحرب وتعرض منشآت مائية كثيرة للضرر وفي ظل أزمة موارد خانقة ومواسم جفاف متتالية تتعقد الازمة المائية في سورية


من وجهة نظري الحكومة اليوم مطالبة بتبني استراتيجية فورية لمعالجة أزمة المياه قبل استفحالها عبر مجموعة خطوات آنية واستراتيجية فمثلا يجب تركيز الجهود باتجاه المزروعات الضرورية للأمن الغذائي وتحقيق الاكتفاء الذاتي وفرض قيود على بقية المحاصيل التي تستنزف الثروة المائية دون جدوى .أيضا من الاجراءات الملحة في ضوء الظروف السياسية الراهنة الضغط على الجانب التركي للالتزام بالاتفاقيات الدولية حول الانهار المشتركة بما يعيد حصة سورية إلى ما كانت عليه عام 2010 ويساهم بحل مشكلة الجفاف في المناطق الشرقية.


على المدى البعيد تبرز تجربة دول الخليج في مشاريع  تحلية مياه البحر وسد الاحتياجات الزراعية والصناعية على الأقل من مشاريع تحلية مياه البحر وهنا تطفو على السطح قضية التكاليف ولنكون واقعيين هنا تملك الحكومة خيارين الاول هو طرحها للقطاع الخاص مع حق الاستثمار والبيع وهنا قد ترتفع اصوات معارضة كون المياه ثروة وطنية وطرحها للقطاع الخاص يتعارض مع الدستور.الخيار الثاني يتضمن اعتبار المشاريع من مشاريع إعادة الاعمار -بند البنى التحتية- التي يمكن ان تنطلق تزامنا مع الظروف والانفراجات السياسية وعودة الدول العربية إلى سورية.  .

إن عدم تحقيق توازن يفضي إلى الامن المائي في سورية سيقود إلى آثار كارثية على الامن الغذائي كون مفهومي الأمن الغذائي والأمن المائي مفهومان متلازمان بحيث لا يمكن تحقيق أي منهما بغض النظر عن الآخر مع إعطاء الأولوية للأول وهما أساس الأمن الاجتماعي والاستقرار حيث أن أي اختلال قوي  في تحقيقهما وإن لم تظهر نتائجه بشكل فوري فإنه على المدى الإستراتيجي القريب والمتوسط يهدد بحصول كوارث اجتماعية.

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني