المقاهي تفتقد زوارها متأثرةً بموجة الغلاء وكورونا..

المقاهي تفتقد زوارها متأثرةً بموجة الغلاء وكورونا..

تحقيقات

دمشق - رولا نويساتي
تعيش سوريا حالة من الانفصام كما يحلو لعلماء النفس تسميتها، فهي لم تتعافى بعد من هموم الحرب التي أثقلت كاهلها، حتى جار عليها تجار الأزمة بإغراقها وأهلها بغلاء المواد الأساسية للحياة..

دمشق اليوم مرهقة، تعبق فيها رائحة الجوع والموت والفقر والفاقة، أهاليها بالكاد يرشفون طعم الحياة، بل يرشفون طعم الموت أكثر منه كل يومٍ، ربما يهربون إلى الشوارع من البيوت المعتمة، التي أصبحت خانقة بمسؤولياتها وطلبات أهلها مقابل أيدٍ عاجزة، وتسمع في الشوارع أحاديثهم التي باتت تقتصر على غلاء المعيشة وصعوبة الحال والعجز أمام متطلبات الحياة.
فما بين تراشق المسؤوليات، وواقع صعب، وانفصال عن الواقع، يعيش السوريون اليوم حياتهم مثقلة بالهموم، متعبون من الواقع الذي بات الكثير منهم يحاول اشغال نفسه بأي شيء عسى أن يستطيع الخلاص من يومه بعيدا عن أزمة قلبية، أو الدخول في غيبوبة بسبب الصدمات المتلاحقة ، أو حتى جلطة دماغية، فغالبا ما يهرب السوريون بعد يوم شاق يحمل الكثير من العناء إلى أحضان الليل ليختبئوا به من هموم الصباح التي عبقت بهم، فمنهم من يتجول في حارات (باب توما)، المنطقة الشعبية التي يعشقها أغلب السوريين، ومنهم من يرتاد المقاهي ليلا مع بعض أصدقائه، يتجاذبون أطراف الحديث ويلعبون ورق الشدة علهم يتناسون ما ألم بهم في الصباح من هموم ومصاعب ..

لكن وللأسف حتى هربوهم هذا أصبح يشكل لهم عائقا" كبيرا" ومسؤولية تزيد تعبهم تعباً بعد الارتفاع الكبير الذي طرأ على أسعار المقاهي.. فكوب الشاي الواحدة أصبح ب 1000 ليرة سورية في مقاهي دمشق الشعبية، هذا ما قاله ماهر للمشهد، ناهيك عن ما إذا أردت أن تأكل سندويشة تسد بها جوع نهار بأكمله تكلفك 1000 ليرة كحد أدنى، فتخرج بها من نهارك وكأنك لم تتعب ولم تشقى البتة، ف2000 ليرة هو ثمن لعناء نهار بأكملة..

أما شادي فيقول: اعتدت ارتياد المقاهي منذ أكثر من سنة مع بعض أصدقائي، لكن جائحة كورونا أوقفت اجتماعاتنا لفترة من الزمن، وها هنا اليوم قد عدنا إلى تلك الاجتماعات لكن دون طعم ولون للحياة، فقد كنا نرتاد المقاهي الشعبية وننفث دخان الأركيلة التي تأخذ من صدورنا بعضا" من الهموم والمشاكل التي تحيق بنا طيلة اليوم، أما الآن بعد أن منعت الأراكيل فلم يعد هناك طعم للجلوس في المقهى، ومع ارتفاع الأسعار الرهيب التي تشهده المقاهي بتنا نخاف من قرار عودة تقديم النراجيل إليها، فبكم ياترى سيصبح ثمن تنزيل النرجيلةإذا ما عاد ذلك القرار ليأخذ حيز التنفيذ..

أما رائد الذي كان يتكلم بحسرة فقد قال للمشهد نحن شلة من شباب الجامعة اعتدنا المكوث في المقهى وتجاذب أحاديث الجامعة وهمومها، لكننا اليوم بتنا نفترش الأرصفة وأزقة الشوارع بعد ذلك الغلاء الفاحش الذي ألقى بكاهله على المقاهي، فنحن ندرس في الصباح ونعمل في المساء، ونسترق من الليل سويعات ننفض به عن كاهلنا همومنا الصباحية في جلساتنا مع الأصدقاء، لكن ما نتقاضاه من أجرة لم يعد يكفي حتى بعضا" من تكاليف الجامعة، فكيف بنا أن نعود لارتياد تلك المقاهي الشعبية بعد الآن..
أما بعد
بات ارتياد  المقاهي خارج حسابات المواطن السوري، فالاحتياجات الاساسية ومتطلبات الحياة اليومية قضت على كل ما اسمه كماليات.. فإلى متى ستبقى هذه الحال؟!..

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


آخر المقالات

استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر