رفع أسعار الأسمدة... من سيدفع ثمن هذا الربح؟

رفع أسعار الأسمدة... من سيدفع ثمن هذا الربح؟

المشهد - خاص
رفعت الحكومة أسعار الأسمدة بنسبة تراوحت بين 42 في سماد اليوريا وصولاً إلى 100% في سماد السوبر فوسفات، مروراً برفع أسعار سماد الأمونيوم بنسبة 91% وهو الأقل إنتاجاً واستخداماً. مقابل كل من اليوريا الذي أصبح سعر الطن منه 248 ألف ليرة، والسوبر فوسفات الذي أصبح سعر الطن منه 305 ألف ليرة. وكل من هذين النوعين يشكلان نسبة تفوق 80% من استهلاك الأسمدة الكيماوية.

لا شكّ أن رفع أسعار الأسمدة سيؤدي حكماً إلى ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية المحلية، من محاصيل وحبوب، وخضار وفواكه... فالأسمدة شكّلت مكوّناً أساسياً في تكاليف المزروعات المحلية، فبينما ساهمت بنسبة تفوق 10% من تكاليف مزروعات مثل البندورة والثوم والبطاطا والبصل، فإن مساهمتها في التكاليف ترتفع في المحاصيل وتصل في القمح إلى نسبة 17%، أما في الأشجار المثمرة فإنها مكوّن أساسي في التكاليف ساهمت بنسبة تصل إلى 23% في كلفة الحمضيات ونسبة تصل إلى 33% وثلث تكاليف الزيتون وهذا وفق أرقام وزارة الزراعة في مجموعتها الإحصائية لعام 2018.

إن رفع أسعار الأسمدة لن ينعكس فقط ارتفاعاً مباشراً في أسعار المنتجات الزراعية، بل سيلعب دوراً في تقليص كميات الإنتاج وغلة الزراعة، وبالتالي يرفع الأسعار بأثر مضاعف آخر. حيث تشير البيانات الزراعية الرسمية بأن المزارعين السوريين قد قلصوا استهلاكهم للعناصر المعدنية السمادية بنسبة كبيرة خلال سنوات الأزمة مع الارتفاع التدريجي والمستمر للأسمدة، وتراجع استهلاك مجموع هذه العناصر من آزوت وفوسفور وبوتاس، من 235 ألف طن في عام 2012 وصولاً إلى أقل من 25 ألف طن في عام 2016 وبنسبة 90% فاقت التراجع في الإنتاج الزراعي وفي المساحات الزراعية عموماً.

الحكومة أصدرت قرار الرفع دون إعلامه رسمياً، بل تناوله الإعلام المحلي، وأكدته تصريحات اتحاد الفلاحين التي أبدت اعتراضها على القرار. ويذكر أن تاريخ إصدار القرار يأتي بعد عام من انطلاق العمل في معمل الأسمدة وفق عقد الشراكة بين شركة روسية خاصة وبين المؤسسة العامة للصناعات الكيماوية لاستثمار المعمل، حيث تحصل الشركة على نسبة 65% من الربح مقابل 35% للمؤسسة العامة. وذلك مقابل تطوير المعمل وتخفيض التكاليف وإعادته للعمل بطاقته التصميمية وتحسين شروطه البيئية، وهي شروط غير صعبة أو مكلفة فالشركة لن تنشئ خطوط جديدة أو أقسام جديدة بل ستقوم بعملية صيانة وتجديد ليعود المعمل إلى مستويات إنتاجه الأساسية، وعليها أن تقوم بهذه المهمة عبر استثمار مبلغ 200 مليون دولار خلال 40 سنة! إضافة إلى أن الشركة ذاتها تستثمر الفوسفات في سورية وهو مكوّن أساسي في إنتاج الأسمدة أي تحصل عليه بكلفه.

إن رفع الأسعار يتناقض مع شروط تخفيض التكاليف وزيادة الإنتاج، ولا يمكن تفسيره إلا بالانتقال للتسعير على سعر دولار 700 ليرة أو ربما أعلى... على الرغم من أن ارتفاع أسعار الأسمدة أتى أعلى من ارتفاع مستوى سعر الدولار.

لم تخرج الحكومة لتعلن القرار، وبالتالي لتبرره... وأتى القرار سريعاً ومفاجئاً لتصل أسعار الأسمدة في سورية إلى مستوى أعلى من مستويات السعر الوسطي العالمي لسعر السماد، وهي مسألة ليست جديدة في الواقع السوري الحالي حيث كل المواد تحمل تكاليف إضافية غير مفسّرة أو مبررة بذريعة العقوبات ... حتى لو كان الإنتاج من مواد خام محلية وبشراكة مع الدولة وبميزات استثمارية استثنائية وحصص كبرى للمستثمرين مقابل استثمار موارد ومعامل محلية موجودة وكانت تعمل!

سيدفع المزارعون السوريون والمستهلكون ثمن هذا الربح الإضافي من تراجع إنتاجهم الزراعي وتراجع مستوى قدرة السوريين على تحسين غذائهم واللجوء إلى الإنتاج الزراعي المحلي لتعويض مواد غذائية أخرى أصبحت فوق طاقتهم من لحوم أو منتجات غذائية مستوردة.

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني