الحكومة ترفع أسعار الأسمدة بعد أقل من يومين على رفع سعر البنزين

الحكومة ترفع أسعار الأسمدة بعد أقل من يومين على رفع سعر البنزين

مادلين جليس

يبدو أن شهر آذار أخذ صفة « شهر القرارات التعسّفية « فعلى الرّغم من الضّجة التي احدثها شهر شباط بأحداثه، إلا أن الفعل الحقيقي كان لشهر آذار الذي حمل ثلاثة قرارات منذ بدايته، كان أولّها تخصيص استهلاك الإنترنت، وجاء معه في اليوم ذاته رفع سعر البنزين بمقدار 25 لير سورية لليتر الواحد، لكنّ القرار الذي كان الأقوى والذي ”قسم ظهر البعير“ كما يقال، كان قرار رفع أسعار الأسمدة بنسب متفاوتة تصل إلى % 100 .


 فقد قررت الحكومة مؤخراً رفع سعر طن أسمدة السوبر فوسفات ل 304,8 آلاف ليرة بدلًا من 151.2 ألف ليرة، أي بنسبة تزيد على 100 بالمئة. وتم تحديد سعر الطن من أسمدة نترات الأمونيوم بمبلغ 206,6 آلاف ليرة بدلًا من السعر السابق 108 آلاف ليرة، أي زاد بمقدار 98,6 آلاف ليرة للطن، وهو ما يمثل معدل زيادة يزيد على 91.2 بالمئة.

 قرارات تفتقر للدّراسة

 قرار لا نستطيع وصفه إلا بالجائر، فقد تعرّض لواحد من مكونات حزمة مدخلات الإنتاج الزراعي، التي لايمكن تحقيق مستويات إنتاج اقتصادية بدونها، وواحدة من عناصر تكاليف الإنتاج الرئيسية، كما يراها الخبير الزراعي عبد الرّحمن قرنفلة المستشار الفني في اتحاد غرف الزراعة، حيث يرى قرنفلة في تصريحه ل »المشهد أنّ قيمة الأسمدة تدخل في قائمة حساب تكلفة المنتج، وهذا الأمر سوف ينعكس باتجاهات متعددة:

 الأول:تراجع تنفيذ الخطة الزراعية، نتيجة عجز الفلاحين عن تأمين التّمويل اللازم لشراء الأسمدة.

 الثاني: تراجع مردود وحدة المساحة من مختلف أنواع المنتجات الزّراعية نتيجة عدم تقديم المقنّنات السّمادية، اللازمة للمزروعات بالنسبة للفلاحين الذين سيقومون بالزراعة، دون تقديم الأسمدة، وخاصة في الأراضي الفقيرة بالعناصر السمادية اللازمة لتحقيق إنتاج اقتصادي، مما يقود إلى تعطيل العملية الإنتاجية نتيجة انعدام الجدوى الاقتصادية منها.

 والاتجاه الثالث: ارتفاع مفاجئ في أسعار كافة الخضار والفواكه، والمنتجات الزراعية والحيوانية، والتي تدخل الأسمدة في قائمة تكاليف إنتاجها، لاسيما وأنّ الحكومة أقرّت، زيادة في أسعار بيع أسمدة أساسية بنسب متفاوتة تبدأ ب 41 بالمئة وتتجاوز 100 بالمئة.

 وختم الخبير الزّراعي أنّ القرارات التي تتعلّق بالإنتاج الزراعي تحتاج دراسات معمّقة قبل إصدارها.

 الفلاح الخاسر الأول

 ولا يتوقّف أثر هذا القرار على تكاليف الإنتاج، بل سيمتد إلى كافّة حلقات الإنتاج، ونستطيع القول إنّ الفلاح هو أكثر المتضرّرين منه، كما يرى رئيس اتحاد فلاحي دمشق وريفها محمد خلوف، حين بيّن أنّ أثر هذا القرار سيكون شديد السّوء على الفلاحين، حيث سيساهم في ارتفاع تكاليف الإنتاج. وتوقّع خلوف أن يسهم في تراجع معدلات الإنتاج الزراعي في سوريا، خاصّة بعد إضافة كلفة أسعار الأسمدة الجديدة إلى الكلف الأخيرة مثل المحروقات والمبيدات وتكاليف العمالة.

 تأثيراته خطيرة .. وسيئة

 لكن مثل هذه التّوصية الصّادرة عن لجنة اقتصادية يجب أن يسبقها دراسة للتداعيات التي سيخلقها مثل هذا القرار، لجهة التضخم والقوة الشرائية لليرة السورية فمثل هذه التوصية سترفع الأسعار للمنتجات الزراعية بنسبة ما بين % 150 و% 200 مما يستوجب دراسة قدرة الدخل على الاستهلاك، ومدى تأثير ذلك على الطلب في السوق.

 خبير اقتصادي أكد في تصريح خاص ل »المشهد « أنّ الأمر حتماً سيؤدّي إلى تراجع الاستهلاك، وتباطؤ في دوران العجلة الاقتصادية، رغم التّوجيهات بأهمية وضرورة تحريكها، إضافة إلى مدى تأثير ذلك على السّعر التّنافسي للمنتج الزراعي في الأسواق الخارجية، مع الإشارة إلى ما أصاب الفلاحين من ويلات نتيجة الحرب على سورية، والتي تم مناقشتها في مؤتمرات الفلاحين التي كانت تؤكّد مراراً على دعم الزراعة، ونعتقد »والكلام للخبير « أنّ اللجنة الاقتصادية درست القروض المتعثرة على الفلاحين وما يترتب عليها من فوائد أرهقت الفلاح الذي بات بحالة عجز للنهوض بزراعاته.

 بالأرقام

 وأضاف الخبير أنّ اللجنة ذاتها درست موضوع تشجيع الفلاحين واليد العاملة الزراعية، للعودة إلى العمل الزراعي واستثمار الأراضي التي لم تزرع من سنوات، ونعتقد أيضاً أنّ اللجنة الاقتصادية درست تأثير مثل هذه التوصية على تشجيع رؤوس الأموال للاستثمار في القطاع الزراعي، ومدى تأثير ذلك على القوة العاملة، وعلى إجمالي الناتج المحلي، على اعتبار أنّ الزراعة في سوريا تشكل % 17.6 من الناتج المحلي الإجمالي في سوريا حسب تقديرات عام .2010 ويعمل في القطاع الزراعي نحو 17% من مجموع قوة العمل، أي قرابة 900 ألف عامل، كما أنّ إجمالي الصادرات السورية بلغت عن عام 2018 والربع الأول من 2019 بلغت 492,7 مليون دولار تقريباً، في حين بلغ إجمالي الصادرات الزراعية 135,6 مليون دولار، بالتالي فإنّ نسبة الصادرات الزراعية من إجمالي الصادرات وصلت إلى 27,5 % من إجمالي الصادرات السورية، وأنّ إجمالي حجم الصادرات السورية من الفترة نفسها بلغت 755 مليون كغ، بينما الوزن لإجمالي الصادرات الزراعية 173 مليون كغ، وهذا يشير إلى أنّ وزن الصادرات الزراعية من إجمالي وزن الصادرات ( 2018 - 2019 ) بلغ 22,16 %.

 كلمة أخيرة
 
 ختاماً إنّ مثل هذه التوصيات التي تدرس موضوع ارتفاع تكاليف إنتاج الأسمدة وتفضي بتوصية رفع أسعارها عليها من المفترض أن تدرس بالتوازي موضوع تكاليف المعيشة، والعمل على رفع الدّخول بما يتناسب مع توصيات تفضي لارتفاع الأسعار بشكل متوازي.

 فهل قامت اللجنة الاقتصادية بذلك؟!، هل قامت بدراسة كل ماسبق ذكره؟، وهل وضعت في حسبانها كلّ تلك الخسارات التي ستترتّب على الفلاح والمستهلك وعلى الإنتاج الزراعي ككلّ؟!

 نضع كلماتنا برسم المعنيين المهتمّين حقاً بإعادة التوازن للاقتصاد السوري، برسم أصحاب القرار المطلّعين، برسم أصحاب الضّمائر والذّمم التي لازالت حتى الآن »حية

 برسم مجلس الشعب

 ما تقدّم يطرح عدّة أسئلة ننتظر الإجابة عليها من اللجنة الاقتصادية، ونضع تساؤلاتنا برسم مجلس الشعب السوري.

 1 التعميم سيؤدي إلى ارتفاع سعر القمح أكثر من ٢٠٠ %، وهذا يعني أنّ الموازنة ستتأثّر لجهة دعم مادة الخبز، ودعم سعر كيلو القمح المشترى من الفلاحين، وهذا الارتفاع سيؤدّي إلى تفضيل استيراد القمح عن زراعته نظراً لسعره، وبهذه الحالة سيرتفع الطلب على القطع الأجنبي لتمويل عقود الاستيراد أمام شح موارد القطع؟ وضمن هذه الأسعار هل سيفضل الفلاح زراعة القمح؟.

 2 ماذا عن أسعار البطاطا التي تعتبر الغذاء الرئيس للفقير؟ فأمام هذه الزيادة في الأسعار سيصبح سعر كيلو البطاطا ما يقارب 800 ليرة سورية؟.

 3 ما تأثير ذلك على الأعلاف والثروة الحيوانية، وكم سيصبح سعر طن التبن والذرة؟ ومامدى انعكاس ذلك على موضوع استيراد الأعلاف وتمويله بالقطع الأجنبي؟.

 4 وما تأثير هذه الزيادة على موارد القطع الناتجة عن تصدير الإنتاج الزراعي؟.

 5 ما هي نتائج هكذا تعميم على مناطق الاستقرار الزراعي وموضوع هجرة اليد العاملة الزراعية من الريف إلى المدينة وتأثير ذلك على نسبة البطالة؟.

 6 ما هي الانعكاسات السّلبية التي ستخلقها مثل هذه التوصية على السياسات الاقتصادية والخطط الزراعية، ومدى قبول الفلاحين في تنفيذ تلك الخطط؟

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر