في اليوم العالمي لحقوق الإنسان.. ماذا ينقصنا كي نحتفل؟!

في اليوم العالمي لحقوق الإنسان.. ماذا ينقصنا كي نحتفل؟!

حسن يوسف فخور | المشهد 
 
غفى "فلان" بعد نهارٍ مرهقٍ بين الجامعة وعمله في أحد مطاعم الوجبات السريعة، والوقت المستقطع بينهما للركض خلف مندوب الخبز وسيارة المياه، وما زاد النهار إرهاقاً تكليفه بافتتاح أمسيةٍ شعريةٍ بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان من قبل اتحاد الطلبة في كلَّيته.

قرر "فلان" أن يكون افتتاحه عفوياً نابعاً من الجو العام للأمسية، فاستيقظ صباحاً ليستحم بعد أن قضى أخوه الليل يملأ الخزان عنه على اعتباره موكلاً اليوم بمهمةٍ رسميةٍ حساسةٍ، فلم يجد مياهاً ساخنة؛ اضطر أن يلجأ إلى جرة الغاز التي ينتظرون رسالتها منذ شهرين، استحمَّ وخرج مسرعاً إلى موقف "السيرفيس" الذي لم يسعفه بسبب أزمة المشتقات النفطية التي تجتاح البلاد؛ مما اضطره للجوء إلى "باص النقل الداخلي" الذي توفره الحكومة _ رعاها الله_ كحلولٍ إسعافيةٍ تنقذُ الطلاب والموظفين من عقوبات التأخير.

صعد "فلان" إلى "الباص" متمسكاً بقبضة الباب بكل ثباتٍ، بينما الباص يسابق أرواح الأطفال المشردين على قارعة الطرقات على وقع ارتفاع الأسعار، وصراخ الركّاب الذين يرتبهم معاون السائق كما ترتب أمهات هذه البلاد "المكدوس"، فالمكدوس مبدأٌ في حياتنا، وعلى وقع اصطكاك أسنان المتجمهرين على مواقف "الباص"؛ أحد أبشع المواقف التي من الممكن أن تمر بها في حياتك،  والدخان المتصاعد من مداخن دمشق المحشوة بالأخشاب والأكياس البلاستيكية والثياب المهترئة وشهادات لم تُغني ولم تُسمِن؛ كل، شيءٍ في هذه البلاد متناغمٌ كموسيقا سيمفونيةٍ خرجت من رحم لوحةٍ سرياليةٍ.

نزل "فلان" من "الباص" لتلاقيه فتاةٌ يُفترَض أنّها في المدرسة تشحذ منه ثمن سندويشةٍ؛ كما يدعي أغلب من امتهن الشحاذة بعد أن عصفت الحرب هذه البلاد الموقرة.


تناول جواله ليقرأ رسالةً وصلته لتوها؛ مفادها الاستغناء عن خدماته؛ لأن المطعم سيُغلَقُ بسبب عجز إدارته عن تأمين الغاز.
دخل إلى المحاضرة متأخراً؛ وبّخه أستاذه، وجلس في المقعد الأخير ينفخ جوفه في يديه بعد أن خاب أمله باحتياطي الكلّية من الدفء، وحين موعد الاحتفال المرتقب وقف "فلان" يفتتح الأمسية قائلاً:
"غفوتُ البارحة وأنا  أسأل نفسي: ماذا ينقصنا كي نحتفل بهذا اليوم؟! محاولاً أن أكتب شيئاً يليق به ولم أستطع، فقررت أن يكون ما سأقوله عفوياً إلا أن رحلتي مع معارك الظروف التي نقاسيها منذ أن استيقظتُ صباحاً حتى دخلت هذه القاعة، جعلتني أجد جواباً لطالما خشيتُ أن يكون محقاً؛ ما ينقصنا يا أخوتي كي نحتفل باليوم العالمي لحقوق الإنسان هو أن نشعر بأننا بشرٌ حقاً!".

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر