الشركة العامة للدراسات المائية من الأمل بالتوسع إلى التفريغ بالدمج

الشركة العامة للدراسات المائية من الأمل بالتوسع إلى التفريغ بالدمج

حمص - خاص

يجهل كثير من المواطنين وجود هذه الشركة على خارطة الشركات الإنشائية، كونها لا تقدم خدمات مباشرة إليهم، ولا تحتك مع مصالحهم، إذ لا يستلزم عملها وجود مراجعين لها، فهي تختص بقطاع مهم من العمل الهندسي ، المعروف بأهميته الكبيرة إن كان بسبب الزيادة السكانية التي تستتبع الطلب المتزايد على المياه لأغراض الشرب و الري و التصنيع و الاستخدامات الأخرى، أو بسبب تناقص الواردات المائية الجوفية و السطحية، و هذا التناقض بين الطلب المتزايد، و الوارد المتناقص هو الذي ربما خلق مفاهيم حروب المياه، و الأمن المائي، و غيرها مما يرتبط بأهمية الحصول على الماء، و لا يخفى على أحد وجود خلافات مع الدول المجاورة على موضوع حصص المياه من الأنهار الدولية، و إن كانت هذه الخلافات لم تصل إلى حد حروب المياه –حتى الآن-
   آمال منسية
   تم تأسيس الشركة العامة للدراسات المائية في عام 1983 لتحل محل مديرية الأحواض المائية، ومنذ ذلك الحين، والشركة في طور التوسع، من حيث الكادر والمعدات، وتم طرح أفكار منذ أكثر من خمسة عشر عاماً، لتطويرها لتصبح هيئة علمية عامة ولكن لم تترجم هذه الآمال فعلياً، وبقيت الشركة على وضعها إلى وقت الأزمة، حيث أصابها ما أصاب بقية مؤسسات الدولة من نهب وسرقات وتخريب لكنها حافظت على اكتفاءها الذاتي من حيث تمويل رواتب العمال ومستلزمات العمل والإصلاح، وتأمين آليات وحفارات جديدة وإصلاح القديم وزجه في المشاريع، علماً أنَّ المشاريع الرئيسة والكبرى للشركة كانت في المناطق الشرقية والشمالية الشرقية وهي متوقفة حالياً.
الدمج والتقزيم
 تم طرح مشروع قانون الدمج بين الشركة العامة للدراسات المائية والشركة العامة للدراسات والاستشارات الفنية على مجلس الشعب في عام 2018، وتم رفض المشروع آنذاك، بعد أن رفعت الشركة مذكرة تبين من خلالها عدم جدوى الدمج، بل وأضراره المستقبلية، يقول أحد فنيي الشركة رافضاً الكشف عن اسمه لـ "المشهد" لا ندري ما هي الأسباب الحقيقة لإعادة طرح مشروع قانون الدمج بعد أقل من عام على رفضه تحت قبة البرلمان، لماذا كل هذا الإصرار؟ علماً أن معظم الخبراء والفنيين والمهندسين في الشركة إن لم نقل كلهم يرفضون الدمج".
 يعتبر كثيرون أن الموافقة على مشروع قرار الدمج مؤخراً سببه الحجج والذرائع التي تقدَّمت بها وزارة الأشغال العامة، أي الدمج بحجة (التقنين وتوفير النفقات)، ويستذكر آخرون أنَّ فكرة التقنين التي نُفذت من خلال دمج بعض الشركات والمؤسسات تكون بالنسبة إلى المؤسسات التي تقوم بعمل شبه متطابق، ومنها حالة الدمج التي تمت بين المؤسسة الاستهلاكية، ومؤسسة سندس، فالمؤسستان تقومان بذات العمل، (استجرار المواد وعرضها للبيع عبر منافذها نقداً وبالتقسيط)، ولذلك لم يثار آنذاك أي كلام عن هذا الدمج".
يخلق مشروع قرار الدمج بحسب رأي اختصاصين في الشركة كثيراً من التباينات، وتشاركهما تحت عنوان "الدراسات الهندسية" ليس كافياً، وأبسط منافع الدمج  تكمن في قيام فروع الشركات المدمجة بعمل الأخرى، لتوفير نفقات الانتقال، ومبيت العاملين وغير ذلك، وهذا ما لا يمكن حصوله في هذه الحالة كون دراسات السدود والجريانات المائية، وما يلحقها من اختصاصات دقيقة، بعيدة كل البعد عن الدراسات الإنشائية والمعمارية".
الدمج بالقرارات فقط
قال وزير الأشغال العامة والإسكان في معرض مناقشته لمشروع القانون أمام مجلس الشعب:" الشركة العامة للدراسات المائية ستحتفظ بهيكليتها الإدارية"، وهنا يتساءل موظفو الشركة انطلاقاً من كلام الوزير أين مكمن الفائدة من الدمج؟ إن كانت هناك فكرة بعدم قدرة دمج الشركة كاملاً!
  محاذير تستحق النقاش
البعض ممن تم أخذ رأيهم يطرح محاذيراً متعددة لهذا القرار "في حال تم تبنيه"، وأبسط هذه المحاذير هي هجرة الكفاءات والخبرات من الشركة بعد الدمج (وهذا الأمر موضح في مذكرة الشركة سابقة الذكر)، حيث علمت "المشهد" بشكل غير مؤكد  استقالة خمسة من أهم الاختصاصات في الشركة بعد تيَّقنهم بحدوث مشروع الدمج، علماً أن الفنيين العاملين في الشركة هم غير مستفيدين من مناصبهم الوظيفية إلا معنوياً،  لأن الشركة هي شركة دارسة و غير معنية بعقود التنفيذ التي قد تثير شبهة ما عن دوافع التمسك بالوضع الوظيفي، وهذا الكلام صرَّح به أحد العاملين في الشركة .
 معاون وزير الأشغال العامة محمد سيف الدين أكد في اتصال هاتفي مع "المشهد" أنَّ مشروع قرار الدمج لم يصدر بعد، وهو قيد المناقشة تحت قبة البرلمان"، ولدى سؤال سيف الدين عن رفض بعض الاختصاصين والفنيين ضمن الشركة العامة للدراسات المائية قرار الدمج أجابنا قائلاً:" أغلب المعترضين على قرار الدمج هم من الفئة غير المستفيدة، وبالتأكيد لا يناسبهم قرار الدمج، أما من تهمه المصلحة العامة فسيجد في قرار الدمج قراراً مهماً ويقع في الصالح العام". 
  الآثار السلبية لقرار الدمج
هي صرخة أطلقها أحد فنيي الشركة، مطالباً بالكشف عن الشخص أو الجهة التي تتبنى مشروع الدمج بهذا الإصرار الغريب، فليس هناك من هو فوق مستوى الشبهة، و في الحقيقة، و برغم أن هذا الكلام يرى فيه البعض مبالغةً في تحميل الأمور، إلا أن البعض الآخر يرى أن هذه الخطوة قد تكون ناتجة عن عدم تبصر بالنتائج المستقبلية على أقل احتمال، و الخطورة الرئيسة تكمن في أن هذا القرار إن اتُخذ و كان له آثار سلبية على البنية الفنية للشركة فإن هذا الضرر غير قابل للترميم إلا عبر سنوات طويلة، و استعانة بخبرات أجنبية باهظة الكلفة،  و هذه الخطوات هي تحديداً نفس الخطوات التي قطعتها الشركة عبر مسيرتها لأكثر من ثلاثين عاماً حيث أنها استطاعت الاستغناء عن 95% من الخبرات الاستشارية الأجنبية قبل الأزمة ، و كان لدراساتها الهيدرولوجية الأثر الفعال في دراسة الموازنة المائية لموقع مشروع سد الصداقة على نهر العاصي في منطقة دركوش مع الجانب التركي،  و بناءً على دراستها تم إيقاف العمل بهذا السد لما تبين من استغلال الجانب التركي لأكثر من 300 مليون م3 من المياه السورية (وفق الدراسة المقدَّمة من الجانب التركي) و بناءً على ذلك قررت القيادة السورية إيقاف المشروع ، و كانت هذه الشركة عضواً مقرراً في اللجنة الدولية المشتركة المشكَّلة عام 2010 لمعالجة شكوى العراق عن استغلال حصته من مياه الفرات، و بيَّنت الشركة أن تركيا هي التي لا تلتزم بحصص سوريا و العراق،  و كانت  مكلفة بدراسة أحد أضخم المشاريع التنموية في القطر لري 210 ألاف هكتار جنوب الحسكة عبر جر مياه دجلة (محطات ضخ و قناة جر و دراسة نفق كراتشوك) بطاقة 100 م3/ثا لإرواء هذا القطاع الضخم الذي يعتبر خزاناً زراعياً لسورية، وفق ما قاله بعض فنيو الشركة
  بلغة الحوار وليس التخوين
  البعض قد يقول كلاماً قاسياً، و آخرون أقل قسوة، و لكن في جوهر الأمر فإن من يتكلم فهو ينطق بأوجاع و مخاوف على مستقبل هذا البلد و مستقبل أبناءه و خبراته و ليس رغبةً في اتهام الغير جزافاً كوسيلة للضغط، و الأكيد أن المطلوب ممن هم في مراكز القرار النظر و التبحر بشكل أكثر عمقاً في نتائج القرارات التي قد يكون لها مخاطر مستقبلية ،و التباحث مع الأشخاص الأكثر درايةً بنطاق هذه القرارات و آثارها المحتملة , فأهل مكة أدرى بشعابها .

 

 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر