أحياء حلب المدمرة "لا تندهي ما في حدا" !!

أحياء حلب المدمرة "لا تندهي ما في حدا" !!

المشهد- حلب ـ مصطفى رستم
دُمرت حلب أكثر من مرة على مرّ التاريخ، وفي كل مرة يتم إعادة إعمارها من جديد، في دمار المدينة الأخير يجري العمل على إعادة بناءها بالتصريحات الصحفية والوعود، والدراسات رغم مرور عامين!! وما رافقه من ضجيج إعلامي عالمي يحكي عن ألم حلب والحالة الإنسانية المتردية لسكانها وأهلها النازحين الذين تشردوا بفعل دمار بيوتهم، يطفو على السطح محاولات لترميم المواقع الأثرية في ظل نقص في الخبرات العمالية والمعمارية معاً مع عودة تدريجية وتحسناً بالخدمات.

عودة متواضعة لأهالي أحياء حلب الشرقية لمنازلهم المدمرة يتزايد بشكل متدرج، يشوب طريق العودة تباطؤ أعمال الإعمار بعد وعود حكومية أطلقتها تحت مسمى (إعادة الإعمار)، بعد انتهاء المعارك ورصدها لميزانية مالية ضخمة، فيما لا تجد بُداً من دعوة الاستثمارات، وإدخال تسهيلات للمستثمرين من أجل المساعدة، وتفعيل القطاع الصناعي في مدينة كانت على الدوام عاصمة الاقتصاد السوري.
ومع ترنح الوعود الحكومية خلال عامين على وقع آهات الحلبيين حسمت الحكومة أمرها بأن تعطي للمدينة قدرها وتعيد إعمارها على أن أولى أولوياتها في موازنة العام القادم، تأمين قطاعي الصناعة والزراعة، فالموازنة الأكبر هي لإعادة الإنتاج لسابق عهده.

لا شيء يتغير
 ولم تكن زيارة الحكومة لحلب إلا لدفع عجلة العمل، فالقرار بإعادة حلب إلى سكة الاقتصاد والعزيمة على تطبيق ذلك ليس بـ (النيات) فقط!! لذلك كان أكبر المكاسب للمدينة وهي تشهد حالة التعافي بعد انتهاء المعارك منذ عامين هي وصول كامل الحكومة للمدينة بوفد وزاري عقد جلسته الأسبوعية فيها وخصص 20 مليار ليرة لوزارة الصناعة فقط للمشاريع المباشرة، أما باقي المستلزمات فرصدت لها مئات المليارات لتأمين البنية التحتية والطاقة والدعم اللوجستي، بالإضافة للمدينة الصناعية" فيما الكهرباء كوزارة قامت بتأهيل نحو 500 محطة تحويل في أحياء شرق حلب من أصل 2000 محطة مدمرة.
الأمر الذي تستدركه مبادرات فردية خلال العامين السابقين عرابها الأول الأهالي والنازحون الذين شكلوا نسبة كبيرة بنزوحهم لأحياء غرب حلب خلال سنوات الخمس من الصراع أرادوا العودة لإحياء بيوتهم بعد دمارها مباشرة ونجح الكثيرون خلال العامين أن يعيدوا بناء بيوتهم لكن الخدمات كانت أكثر العوائق في طريقهم.
"ورشات، جلسات عمل، وغيرها" كلها حبرٌ على ورق على حد وصف أهالي الأحياء المدمرة لـ "المشهد" ففي أحياء قاسم بيوتها المشترك "الدمار"، لا يخلو منزل من ضرر أينما اتجهت، عدا عن الأبنية التي سويت أرضاً بفعل الحرب، والمعارك التي حصلت في أواخر شتاء العام المنصرم، يقول الستيني بالعمر "عبد الرحمن البيك" لقد تعافت مؤسسات الدولة شيئاً فشيئاً في أحياء شرق حلب، والأمر الذي يبشر خيراً بعودة ما كنا عليه لكن مشكلات الخدمات وإعادة الإعمار تبقى من العوائق، فلاشيْ يتغير".
الصمت والسكون والحنث بالوعود من قبل القطاعات الخدمية لإعادة هذه الأحياء كما كانت لسان حالها، يكسر صمتها أحياناً تحركات ضمن الإطار الحكومي مقتصرة على ورشات صيانة وترميم في حلب القديمة وإزالة الأتربة، وفتح عدد من الشوارع الرئيسية ليتمكن أهالي الحي من الوصول لبيوتهم المدمرة، فيما يُحكى عن جهود سريعة من الأهالي في حي "هنانو" ،"الشعار", لترميم بيوتهم بجهودهم الفردية ولتبقى أكبر الأنشطة الاهلية والمجتمعية هي حملة "سوا بترجع" أكبر الحملات المجتمعية على الإطلاق صيف هذا العام للمساعدة على إعادة إحياء المدينة يقول "نوار الحسن" طالب جامعي مشارك في الحملة:
"ساهمت مع مجموعة كبيرة من منظمات شبابية منها اتحاد الطلبة والشبيبة وجمعيات أخرى في العمل على الدعم والمساعدة في إزالة الأتربة، والتنظيف، وإعادة ما يمكن إعماره في أحياء حلب المدمرة الأمر تطلب منا جهداً قوياً وكبيراً، أقول استطعنا أن نقدم ما نستطيع، وأتوقع أنه على الأهالي العودة لإعادة بناء منازلهم".

لجنة للمتضررين
إعادة إعمار المنازل في وقت ارتفاع التكاليف المالية لأدوات وأغراض البناء أمر ليس بالسهل بالمقابل خصصت لجنة من المحافظة يمكن للمتضررين أن يراجعوها، ويقدموا طلبات لتعويضات مالية تدفع لهم بعد تقييمها من لجنة تقيم الأضرار، "التعويضات المالية لا تكفي فالمصاريف أكبر بكثير"، هكذا يقول "رامي خربوطلي" (30) عاماً وهو يعمل على إعادة بناء بيته بحي "الشعار" معتبراً أن التكاليف لا ترحم وهذه التعويضات تفي بالغرض لو أن الأضرار بسيطة لكن الأضرار في كثير من البيوت كبيرة جداً.
لا يتوقع الأهالي أن يتم إنجاز الإعمار بالسرعة المطلوبة بل بحاجة لسنوات طويلة يعزو ذلك الأمر صاحب إحدى البيوت المتضررة في حي "الكلاسة"، لعدم عودة الأهالي النازحة بالكثافة المطلوبة، كونهم يفضلون البقاء في الأحياء الغربية يدفعهم ذلك قرار التكاليف العالية التي يحتاجها إعادة إعمار منازلهم والتي ستكون على نفقتهم الخاصة يتابع "إيهاب قواص" (45) عاماً قوله:
"الدولة تدفع تعويضات للمتضررين، ولكن المبلغ قليل، مقارنة بحجم أضرار المنزل الذي دمر، وإن أردت اعماره، فهذا المبلغ المقدم كتعويض لا يكفي أجور العمال المرتفعة!!، ورغم ذلك "بحصة بتسند جرة" لا يجب أن نعتمد على الحكومة بكل شيء لابد من تكاتفنا جميعاً لإعادة كل شيء كما كان وهذه بالنتيجة بيوتنا".

لاتندهي مافي حدا
المشهد في حلب القديمة وشرق حلب وأما البيوت المهجورة تذكرك بأغنية "لا تندهي ما في حدا" لفيروز لكن بوصلة إعادة الإعمار تتجه بالإتجاه الصحيح، ورغم أن الإرادة لا تكفي لأن الدعم يجب أن يكون موجوداً وفعالاً، فيما المكتب التنفيذي لمجلس المحافظة والمدينة الجديدين، تجسد بلقاءات مع تجار أسواق المدينة القديمة واللجان المختصة بالخانات المدمرة ومحافظ حلب لمناقشة مطالبهم.
فيما مهندسو وعمال الترميم يبذلون قصار جهدهم لإعادة إحياء وترميم للأسواق والبيوت والخانات الأثرية فيما العمل جاري على إعادة أكبر صرح أثري وديني وسياحي في المدينة "الجامع الكبير" الذي دمرت مأذنته وأحرق من الداخل ليقوم فريق هندسي ببذل جهود كبيرة لإعادة إحياء الجامع من جديد رغم كل الصعوبات.

 

 

 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر