التعرفة الطبية للتريث مجدداً.. نقيب أطباء دمشق للمشهد: تناقضات هائلة بين المناطق والمراجعات بازدياد
ريم ربيع | المشهد
كلما اقترب موعد إصدار تعرفة طبية موحدة من وزارة الصحة، تتغير العوامل الاقتصادية المؤثرة بقيمة الليرة، وتصبح التعرفة "المنتظرة" غير ملائمة، فتتريث الجهات المعنية مرة بعد أخرى تاركة الساحة للفوضى والمزاجية، حيث أصبحت زيارة الطبيب "لمن يجرؤ فقط" في ظل بورصة ومنافسة تشتد بحسب المنطقة والمدينة، دون أن يقف أحد بوجهها، إذ يرى الكثيرون أن ارتفاع قيمة المعاينات الطبية أمر لا بد منه في ظل التضخم المتسارع، والتعرفة الرسمية التي ينتظرها المواطنون لن ترضي رغبتهم بأسعار منخفضة، لأن هناك مستوى عام مرتفع للأسعار، فوظيفتها هي توحيد السعر وضبطه فقط، غير أن الإشكالية تكمن في القدرة الشرائية المنخفضة للمواطن.
في دمشق تبدأ المعاينات وسطياً من 50 ألف ليرة، وصولاً لـ100-150 ألف ليرة إن تضمنت المعاينة صورة، وتتجاوز ذلك للتنظير، بينما تبدو المعاينة بريف دمشق متواضعة قياساً لأسعار العاصمة، حيث تتراوح بين 25-40 ألف ليرة، وعلى وقع هذه الأسعار المرتفعة بنظر المواطن، يواجه الكثير من الأطباء في الأرياف تراجعاً كبيراً في كمّ المعاينات، حتى بات بعضهم يستقبل 10-15 مريضاً في الشهر بأفضل الأحوال، ليصبح الصيدلاني هو من يشخّص ويصف الدواء ويبيعه!.
غير أن هذه الحالة معكوسة في دمشق على ما يبدو، حيث أكد نقيب أطباء دمشق الدكتور عماد سعادة للمشهد أنه ورغم وجود هذه الظاهرة بالأرياف ولجوء المرضى للصيادلة، إلا أن الأطباء الذين يتقاضون تعرفة أغلى بدمشق نجد أن مواعيدهم ومعايناتهم تزداد! فالوعي الصحي لدى المواطنين يتزايد لذلك لم نلمس تناقص في المراجعات، كما أن المعاينة بالمقارنة عملياً بأية سلعة أخرى فهي لا تزال مقبولة حتى الآن، بل إنها نقصت ولم ترتفع، فالتعرفة التي كانت 750 ليرة في 2003 لم تزد بذات مستوى التضخم الذي طال المستوى العام للأسعار، وبالنهاية الطبيب مواطن أيضاً ويحتاج دخل ملائم للأسعار.
ولم ينفِ سعادة أن التعرفة تحتاج للتنظيم، لكن في ظل التسارعات الهائلة بالظروف الاقتصادية فإن إصدار أي قرار لا يتخذ إلا بعد دراسة موسعة، وهو ما كان خلال الفترة الماضية، وبعد أن كان كل شيء جاهز لإصدار التعرفة، تغيرت الظروف بسرعة كبيرة، وبالتالي التريث بإصدار القرار، لافتاً إلى وجود تناقضات هائلة بين منطقة وأخرى ومشفى وآخر، وهذا أمر مرفوض، فضلاً عن عدم الالتزام بسنوات العمل والخبرة، فمن لديه خبرة 40 عام ليس كمن بدأ منذ أشهر، وهذا لا يؤخذ بعين الاعتبار إلا بجزء بسيط جداً، مثلاً ما يدفعه المريض بالميدان يدفع خمس أضعافه لطبيب جديد بأبو رمانة وهو راضٍ! بينما تعتمد التعرفة الرسمية عادةً سعر موحد لكل المناطق، مع درجة إضافية للأطباء الممارسين أكثر من 10 سنوات.
وأوضح سعادة أنه لا يمكن على الإطلاق لأي طبيب جديد أن يفتح عيادة حالياً، لذلك يميلون لبعض العيادات في المشافي، على اعتبار التكلفة الضخمة للأجهزة الطبية وتكاليف العيادات، مؤكداً أن العمل الإنساني موجود لدى أي طبيب، والدولة بمختلف قطاعاتها الصحية تقدم خدمات جيدة جداً وشبه مجانية لمن لا يملك ملائة مالية جيدة، ووجود ضغط أو انتظار هو حالة طبيعية وموجودة بأية دولة، فنظامنا الصحي ممتاز ويوجد امكانيات بالأجهزة لا تقل عن أي بلد متطور.