شارع شيكاغو.. تصحيح ألوان الدراما

شارع شيكاغو.. تصحيح ألوان الدراما

خاص - المشهد أونلاين

الدخول في الحدث وإشعال الصراع منذ المشهد اﻷول ميز نص مسلسل "شارع شيكاغو"، الذي كان قد أثار جدلاً واسعاً بعد الإعلان عن البوستر الرسمي له بسبب مشروع قبلة بين "سلاف فواخرجي"، و "مهيار خضور"، الذين يتقاسما بطولة العمل، كما إن الحوارات التي بنت الحدث في الحلقتين اللتين عرضتا من المسلسل أظهرت قدرة عالية لدى ورشة السيناريو التي عملت على تشكيل النص على الموافقة بين الحياتي والشعري، وعلى سبيل المثال وصف شخصية "مراد عكاش"، لـ "شارع شيكاغو"، بأنه "ندبة على وجه الشام"، كما إن الشعرية في بناء حوارات شخصية "مريمار"، التي تؤديها "سلاف فواخرجي"، خلقت جمالية مضافة إلى بنية العمل، فهي تعوض عن فقدانها للبصر بالقول لـ "مراد"، الذي لاحقها طويلاً "شميت ريحتك".
الاشتغال على التفاصيل الدقيقة للصورة، والذهاب نحو أماكن تصوير واقعية وماتزال تحتفظ بخصوصيتها في دمشق القديمة، ميّز المسلسل، فلم يكن ثمة حاجة لصناعة ديكور إلا لـ "شارع شيكاغو"، الذي لم يعد موجوداً بالصورة التي كان عليها في ستينات القرن الماضي، ويحسب لـ "محمد عبد العزيز"، القدرة العالية على بناء صورة بصرية ممتعة ودافئة الألون من خلال بحثه عن أماكن حقيقية ليبني مسلسله، ولا يبدو أنها كان مهمة سهلة، كما إن إدارة كم هائل من الشخصيات في مثل هذا العمل لم تكن بالمهمة السهلة أيضاً.
في عدد قليل من المشاهد يقدم "دريد لحام"، شخصية "نعمان كحل الليل"، المسن الذي يبحث عن راحة الضمير بعد خمسين سنة من قتله لـ "مريمار"، ومن خلال هذه المساحة الضيقة يقدم أبو الكوميديا السورية شخصية مختلفة تماماً عما أداه سابقاً من أعمال، وإن كان قد ظهر بهيئة قريبة من شخصيته في مسلسل "سنعود بعد قليل"، الذي لعب بطولته قبل سنوات، ويظهر "عباس النوري"، في شخصية "مراد عكاش"، المسن الذي حصل على شهادة طبية تظهر عدم مسؤوليته عن تصرفاته "شهادة جنان"، بعد فقدانه لحبيبته والبحث عنها طويلاً دون معرفة مصيرها أو مكان قبرها في حال كانت ميتة، وهي شخصية مختلفة عما قدمه النوري في مسيرته الفنية.
الجرأة التي يحملها المسلسل من خلال مكاشفة مع التاريخ لواقع دمشق في مرحلة مهمة من تاريخها (الوحدة مع مصر)، من خلال نزع الملايا عن وجه العاصمة السورية وإظهار المجتمع السوري بصورة حقيقية سبقت مرحلة الخوف التي نشأت بسبب ممارسات حركة الإخوان المسلمين في مرحلة ما بين أواخر السبعينات وثمانيات القرن الماضي، كما إن العمل الذي يؤكدك صناعه إنه سيتحوي على مشاهد جريئة في الحلقات التالية، يعيد إلى الذاكرة الأفلام السورية التي أنتجت في تلك المرحلة والتي كانت كانت لا تقف عند الخطوط الحمراء التي خلقت لاحقاً.
يعكس "شارع شيكاغو"، إمكانية أن يكون نقطة الصفر في انطلاق عملية تصحيح مسار الدراما السورية التي يتذرع صناعها بـ "العقوبات"، المفروضة على الدولة السورية لتبرير السوية السيئة التي قدمت من أعمال، كما يمكن القول إن المسلسل يحمل الكثير من التجديد في بناء الصورة البصرية للعمل الدرامي بما قد يدفع المخرجين وخاصة من جيل الشباب نحو تطوير أدواتهم وقدراتهم على صناعة نص بصري يليق بالدراما السورية كما يفعل عبد العزيز في عمله الذي كان جديراً بما أثاره من جدل على مواقع التواصل الاجتماعي ليكون وجبة فنية دسمة قد تستقطب الكثير من شركات الانتاج العربية لطلب مثل هذه الاعمال، والمأمول ألا يعمل البعض على استسناخ تجربة "شارع شيكاغو"، بل أن يكون ثمة اشتغال على إنتاج ما يفوق هذا العمل مستقبلاً

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني