حتى البندورة لم تعد لنا...الخضار بين لبنان وسورية

حتى البندورة لم تعد لنا...الخضار بين لبنان وسورية

المشهد- عشتار محمود
تتالى الأخبار والصور من مصادرات الجمارك اللبنانية للمنتجات الزراعية السورية... دون تعليق يذكر من الطرف السوري، بينما وقائع الأسعار في السوق المحلية تفضح التهريب الذي تظهر نتائجه جليّة في سعر كيلو البندورة والبطاطا والبرتقال والتفاح وغيرها من الخضار التي سجلت أرقامها القياسية مع مطلع الشهر الحالي.
تضاعفت أسعار المنتجات الزراعية الأساسية بمعدل وسطي مرتين ونصف تقريباً، بين موسمي 2019-2020، أعلاها في سعر الليمون الذي ارتفع 8 مرات بين الموسمين، وصولاً إلى الخيار والبصل اللذان تضاعفا، مروراً بالبندورة التي ارتفعت مرتين ونصف، والبطاطا التي تضاعفت مرتين.
إنّ مثل هذا الارتفاع لا يحصل من ارتفاع التكاليف، لأن التكاليف لم ترتفع بهذا المستوى في أي مجال آخر حتى في المجال الزراعي يدل على هذا عدم ارتفاع أسعار خضار أخرى مثل الكوسى والباذنجان والجزر إلا بنسبة 20% تقريباً.
لا يوجد ما يفسر هذا الارتفاع الكبير، إلا نقص الكميات، وهذا بالتأكيد لم ينتج عن تراجع الإنتاج خلال عام واحد... لأن أكثر المراحل تدهوراً في الإنتاج الزراعي خلال عامي 2013-2014 لم تشهد مثل هذا المستوى من تضاعف السعر، رغم تراجع المساحات المزروعة وكميات الإنتاج، ومنذ عام 2018 أغلب الخضروات والفواكه قاربت مستويات إنتاجها في عام 2010.
طالت الارتفاعات الكبرى أسعار الخضروات والفواكه الأهم والتي تتمتع بفائض تصديري، كما في حالة البندورة والحمضيات والتفاح... أو التي تتمتع بأهمية نسبية في سلة الاستهلاك سواء في سورية أو في غيرها مثل البصل والثوم والخيار والبطاطا.
إن الكميات نقصت إما بسبب التصدير أو التهريب، ومع تشديد العقوبات وصعوبات الاستيراد يحق لنا الاستنتاج بأن التهريب المنظم للخضروات يتحمل مسؤولية خلو موائد السوريين من آخر ما تبقى من منتجات الغذاء (معقول الثمن)، ويبدو أن على السوريين أن يودعوا الخضروات والفواكه الأساسية وأن يتقشفوا في آخر ما تبقى، من أجل ربح المهربين!
ربما يظهر التهريب واضحاً من وصول أسعار بعض المنتجات في سوق الجملة السورية، إلى مستوى الأسعار في سوق الجملة اللبنانية بل أعلى منها في بعض المواد. فتهريب الخضار يؤدي إلى تقليل الكميات المعروضة منها في السوق المحلية، ويرفع أسعارها، حتى أصبحت بمستويات الأسعار اللبنانية للمرة الأولى!
تصدر وزارة الزراعة اللبنانية نشرة تسعير رسمية دورية لأسعار الجملة للخضروات والفواكه الأساسية، كما تفعل مديريات التجارة الداخلية التابعة للوزارة في سورية، الملفت أنه في شهر نيسان الحالي، تشير 

النشرات الرسمية في البلدين إلى أسعار متقاربة ما يدل على أن التكاليف في سورية أصبحت (دولارية) كما هي في لبنان، ولا يوجد أي أثر لما تصر الحكومة على تسميته الدعم الزراعي، وخصوصاً للخضار الأهم والأوسع انتشاراً وزراعة في سورية أي البندورة والبطاطا. فالمزارع السوري أصبح كما اللبناني دون أي دعم: فلا المازوت مدعوم، ولا البذار ولا يوجد قروض وتمويل، ولا الأسمدة المحلية مدعومة بل عالمية السعر (حتى بعد تخفيضها الأخير)، وحتى أجور العمال الزراعيين مع قلتهم في سورية تقاربت بين سورية ولبنان، إضافة إلى وجود تكاليف إضافية في سورية تتعلق بالأتاوات التي تؤخذ على طرق نقل المنتجات الزراعية ومداخل أسواق الهال، والتي ترتب تكاليف إضافية على المزارعين.
فإذا ما قارنا أسعار البندورة والبطاطا، يتبين أن سعر الجملة في سورية أعلى منه في لبنان بنسب لا يستهان بها. وسنأخذ الأسعار من النشرات المحلية للبلدين لشهر نيسان، ونحول من الليرة اللبنانية إلى دولار (بسعر مصرف لبنان 3050 ل.ل)، ومن اليرة السورية إلى دولار (بسعر مصرف سورية المركزي 700 ل.س).

مقارنة أسعار الجملة الرسمية بين سورية ولبنان البندورة البطاطا
سعر الكغ في لبنان- $ 0.73 0.40
سعر الكغ في سورية- $ 1 0.64
ارتفاع السعر السوري عن اللبناني +37% +60%

لقد أصبحت أسعار الخضروات الأساسية في سورية متساوية مع أسعار الإقليم، دون أن تتساوى الأجور طبعاً... فلا يزال الحد الأدنى للأجر في لبنان 500 دولار، بينما الحد الأدنى للأجور في سورية يقل عن 50 دولار، بينما الأجر السوري يستطيع أن يشتري 50 كيلو بندورة واللبناني يستطيع أن يشتري 500 كيلو! ولكن حتى البندورة لم تعد لنا... وإن كانت تذهب (للبنانية الدروايش) فربما يقول السوري.. لا بأس! ولكن الخضار تتحول أرباحاً ودولارات لسوق الفوضى بين البلدين وتتدفق من سورية إلى لبنان إلى أسواق الخليج..

.

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر