المعابر الحدودية شريان الاقتصاد السوري هل سننجح بإعادة ما خربه الإرهاب؟

المعابر الحدودية شريان الاقتصاد السوري هل سننجح بإعادة ما خربه الإرهاب؟

المشهد – نور ملحم
بعد اقتراب السنة التاسعة من الحرب السورية على نهايتها ودخول السنة العاشرة، يبدو المشهد أقل عنفاً مما بدا عليه عام 2011، فالأمور تتجه نحو الأمان والاستقرار، والدول المجاورة تقوم بعقد اتفاقيات ثنائية لتعيد العلاقات لما كانت عليه سابقاً.
لم تعد الجغرافية العسكرية مهمة كثيرة بالنسبة لدمشق، خاصة بعد سيطرتها على معظم الأراضي السورية باستثناء مدينتي إدلب والرقة، لذلك تحولت جميع الأنظار إلى الاقتصاد لإنقاذ ما تبقى منه ضمن ظروف العقوبات الاقتصادية الجائرة على سورية لذلك فالأولوية اليوم للدولة السورية إعادة تشغيل المعابر الحدودية مع دول الجوار.

المتنفس للدولة
تعد المعابر الحدودية المتنفس الأول لأي دولة، بحسب ما صرح به مصدر مسؤول من الجمارك السورية لـ " المشهد" مبيناً أن المنافذ الحدودية العاملة حالياً هي أربع فقط "معبر نصيب، معبر جديدة يابوس، معبر جوسيه، معبر القائم" أما باقي المعابر فهي خارج السيطرة وبعض المعابر تعمل ولكن بشكل غير قانوني.
وأضاف المصدر تتميز سورية بطول حدودها مع جيرانها من الدول إذ نجد لها عدة معابر مع كل دولة تجاورها (العراق-تركيا-لبنان-الأردن)، وهذا ما جعل الجغرافية السورية تحتل مكانة هامة على الصعيدين العربي والدولي.
لافتاً إلى أن للمعابر الحدودية أهمية كبيرة لسورية والدول المجاورة، ولكن لا يمكن فتحها إلا بمناخ سياسي يحكمه الانسجام، ولذلك فإن إغلاق المعابر أو فتحها دليل على عمق التعاون والانسجام أو فقدانه والقطيعة بين البلدان المتجاورة.

شريان الاقتصاد
بدأت الحكومة السورية حرباً من نوع آخر وهي حرب المعابر وشرعنه ذاتها سياسياً واقتصادياً مع دول الجوار أولاً والعالم ثانياً، وهذا ما تجلى بالزخم الكبير الذي رافق افتتاح معابر القنيطرة ومعبر نصيب الحدودي مع الأردن، والعمل على فتح المعابر مع العراق.
ولا يخفى على من شهد تلك المرحلة أن المعابر الحدودية  تشكل شريان الضخ التجاري بين البلدان بحسب كلام رئيس اتحاد الغرف التجارية غسان القلاع مؤكداً في تصريحه " للمشهد"  أن إعادة فتح المعابر الحدودية  تشكل خطوة بالغة الأهمية ومنعطفاً أساسيا في سياق حل الأزمة الاقتصادية الناجمة عن غياب تصريف الإنتاج السوري براً، وهذا سيسهم في تعزيز العلاقات التجارية بين البلدين الذين تجمعهما اتفاقية تجارية وعلاقات تاريخية، كما سترفع من حجم التبادل التجاري، وتساهم في إنعاش اقتصاد البلدين وتضع حداً للأزمة الاقتصادية القائمة، من خلال بدء عملية تصدير المنتجات السورية عبر العراق او الأردن الى دول أخرى.

بوابة الشرق الأوسط
تبقى المنافذ الحدودية، الشرعية أو غير الشرعية، أحد المفاتيح الرئيسية لفهم تفاعلات دول الشرق الأوسط، سواء الداخلية أو البينية، ويمكن تلخيص الأهمية لجهة فتح المعابر الحدودية، بحسب ما صرح به التاجر عيسى بيتنجانة لـ " المشهد " إلى أن الناحية الاقتصادية ستؤثر وبشكل مباشر على كافة النواحي السياسية والاجتماعية، فالاقتصاد ضروري لإعادة بناء العلاقات مع دول الجوار.
لافتاً إلى أن معبر نصيب الحدودي هو البوابة الجنوبية لسورية أما المعابر مع العراق، فهي تُشكل شريانا اقتصاديا لكل من لبنان وسوريا و العراق، وذلك لأنه يسهل حركة التبادلات التجارية على نحو ما هو قائم بين لبنان وسورية و يوفر كلفة النقل الغالية جدا إن كان عبر الطائرات أو عبر البحر.
مؤكداً إلى أن إغلاق المعابر يولد نكسة اقتصادية على سورية وجيرانها والسبب في ذلك عدم وجود ضبط لعملية الاستيراد والتصدير وحاجة السوق، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار وقلة الوارد من النقد الأجنبي بسبب فقدان خزينة الدولة هذه المعابر، وازدياد معدلات التضخم وتداول العملات الأجنبية دون ضوابط.

تنشيط الصادرات
أسهم فتح معبر نصيب الحدودي بين سوريا والأردن في تنشيط الصادرات إلى أسواق الدول العربية الأعضاء في منظمة التجارة العربية الكبرى، ولاسيما العراق ومصر والأردن ودول الخليج، حيث تجاوزت قيمة الصادرات السورية عبر معبر نصيب 3 مليارات ليرة سورية بحسب مديرية الاقتصاد والتجارة الخارجية في درعا، واشتملت تلك الصادرات على الفائض من الإنتاج الزراعي كالحمضيات والتفاح والرمان والجزر والبصل والخضار الأخرى، إضافة إلى المربيات.
ومن المتوقع أن يتحقق ضعف هذا الرقم بعدما تم افتتاح معبر القائم مع العراق حيث كانت قد قدرت قيمة الصادرات السورية عبر معبر البوكمال خلال عام 2010 بأكثر من 40 مليار ليرة سورية، بينما بلغت قيمة المستوردات نحو 57 مليار ليرة سورية، في حين وصل حجم الصادرات خلال عام 2013 وحتى تاريخ إغلاق المعبر في بداية 2014 أكثر من 35 مليار ليرة سورية، بينما بلغت قيمة المستوردات 80 مليار ليرة.

عوائد اقتصادية
وبذلك فأن أهمية التبادل التجاري المأمول بين البلدين ولاسيما في المرحلة القادمة بما يمكن أن يحققه من عوائد اقتصادية على الطرفين قد تتجاوز مليارات الدولارات حيث يشير خبير الاقتصاد د. عمار اليوسف في تصريحه " للمشهد"  إلى أن فتح معبر القائم الحدودي خطوة في طريق التعافي الاقتصادي السوري، ومؤشر مهم على الصعيد الاقتصادي والسياسي ولكن لا ينبغي لنا التفاؤل إلى حد بعيد بهذه الخطوة اذ أنه لم يعد التبادل الاقتصادي في ما بين العراق وسوريا بالأهمية السابقة لعدة أسباب منها أن الدمار الذي لحق بالصناعة السورية كان له التأثير الكبير في ضعف الإنتاج السوري، ولم يعد من الممكن تصدير المنتجات السورية بالحجم القديم ما قبل الحرب إضافة لذلك وحسب المعلومات المتوفرة أن كثير من الصناعيين السوريين قاموا خلال الحرب بإنشاء معامل في العراق والأردن قامت بضخ المنتجات السورية في الأسواق العراقية، إضافةً إلى أن العراقيين أنفسهم قد اتجهوا إلى الاعتماد على أسواق بديلة للأسواق السورية إضافة إلى أنهم بدأوا بإيجاد بعض الصناعات البسيطة لديهم للابتعاد ما أمكن عن الاستيراد والاعتماد على التصنيع المحلي .

لافتاً إلى أن فتح معبر القائم قد شكل نوعاً من الربط الاقتصادي والمواصلاتي فيما بين الدول الأربعة إيران العراق سورية لبنان مما سيفعل حركة الترانزيت بين هذه الدول ولعل المستفيد الأكبر من فتح هذا المعبر هم الإيرانيون والذي سيصبح لديهم خط واصل من إيران إلى البحر الأبيض المتوسط.

المصالح الاستراتيجية
شروط تعميق نطاق العلاقات الاقتصادية، وتوسيع مضامينها، يحتاج إلى العمل على إعادة ما خربه الإرهاب لذلك فإن افتتاح أي معبر حدودي يعد خطوة إيجابية بحسب ما صرح به خبير الاقتصاد الدكتور مدين علي لافتاً إلى أن سورية تمتلك الموانئ الاستراتيجية المطلة على المتوسط، القريبة من أوروبا والغرب، وتتوافر لديها الإمكانات الزراعية والسياحية، وبعض الصناعات المتوسطة والحرفية، وتتوافر لديها الموارد البشرية.

في كافة الأحوال، تعدُّ عملية إعادة فتح المعابر خطوة مهمة في الظروف الراهنة، يجب أن تُتبع بخطوات أخرى، تنطلق من منظور المصالح الاستراتيجية للبلدين الجارين، وضرورة الاستفادة بصورة مكثفة من المزايا النسبية للاقتصادَين، بما في ذلك تنشيط تجارة الترانزيت والمبادلات التجارية، وعمليات النقل البري، والعمل المكثّف.

أخيراً
تحاول الحكومة السورية خلق شريان جديد يدعم الاقتصاد السوري من خلال الربط التجاري البري لتحقيق المزيد من فرص التعاون في المجالات الاقتصادية والاستفادة من المقومات الكثيرة التي يتمتع بها البلدان في هذا الإطار على أمل أن تكون هذه الخطوة إيجابية بشكل فعلي على هذا البلد الذي نال الويلات نتيجة الحرب لا أن تكون عبارة عن باب رزق لأصحاب النفوذ والكرسي الذي يبقى الأهم الأكبر لهم جمع أكبر كمية من المال ولو على حساب المواطن الجائع  .

على الهامش، أبرز المعابر الحدودية:
المعابر مع الاردن:
- معبر نصيب (جابر من الجهة الاردنية) في محافظة درعا (جنوب)، هو أحد المعبرين الحدوديين الرئيسيين بين الأردن وسورية، وهو تحت سيطرة الجيش.
- معبر الجمرك القديم في درعا (الرمثا).

المعابر مع لبنان:
- كل المعابر الحدودية بين لبنان وسورية (محافظتي حمص ودمشق) هي تحت سيطرة الجيش السوري ، وعدد المعابر الرسمية خمسة، وهي: جديدة يابوس (المصنع من الجانب اللبناني)، والدبوسية (العبودية من الجانب اللبناني)، وجوسية (القاع)، وتلكلخ-البقيعة، وطرطوس (العريضة).
وتوجد على طول الحدود اللبنانية السورية معابر عدة "غير قانونية"، معظمها في مناطق جبلية وعرة، تستخدم لأغراض التهريب

الحدود مع العراق:
- معبر البوكمال في محافظة دير الزور (شرق). يطلق عليه معبر القائم في الجانب العراقي يسيطر عليه الجيش.
- معبر اليعربية في محافظة الحسكة. يسيطر عليه الأكراد.
- معبر التنف (الوليد) جنوب دير الزور تسيطر عليه القوات الأمريكية

الحدود مع تركيا:
- معبر كسب، تحت سيطرة الجيش.
- معبر باب الهوى في محافظة ادلب (شمال غرب)، وهو تحت سيطرة كتائب عدة مسلحة.
معبر باب السلامة في منطقة إعزاز في محافظة حلب (شمال)، وهو أيضاً تحت سيطرة كتائب مقاتلة في المعارضة.
- معبر جرابلس في محافظة حلب،
- معبر عين العرب في محافظة حلب، ويسيطر عليه الاكراد.
- معبر تل ابيض، تحت سيطرة الأكراد
- معبر راس العين في محافظة الحسكة (شمال شرق) تحت سيطرة الأكراد
- معبر القامشلي- نصيبين، هو المعبر الوحيد في محافظة الحسكة الذي لا يزال تحت سيطرة الجيش.
- معبر عين ديوار في الحسكة: تحت سيطرة الاكراد.

 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني