الحكومة وأنا .. الحب من طرف واحد!

الحكومة وأنا .. الحب من طرف واحد!

يوسف أحمد سعد

لا تكفُّ هذه الحكومة كما أسلافها عن إحراجي حتى أكاد أشعر أنني جاحد وناكر للجميل. هي ديدنها الإبداع والتفنن في التعبير عن حبها وهيامها بي كمواطن سوري صالح في حين أنني أتفنن في أساليب الخصام والتعبير عن عدم الإعجاب بها. تحبني وأكرهها ... تتقرب مني وأنفر منها. هي فعلت المستحيل لأرضى وأنعم بالراحة, فأعفتني من مهمة التفكير وإشغال العقل وتولت التفكير نيابة عني لأتفرغ لنشاطاتي السياحية والترفيهية.

حتى أنها تقترح لي أسماء من يمثلني في مجلس الشعب,
هي تحدد نيابة عني الكليات الجامعية التي تناسب موهبتي وفي أي المدن تكون الدراسة أكثر ملائمةً لي
هي ترهق نفسها نيابة عني في تحديد كميات البنزين والمازوت والغاز الحلال.
هي تحدد لي أي البواخر وأي التجار أصحاب البركة المناسبين لتأمين الموز والرز والسكر والبطاطا المصرية والبن البرازيلي والكولومبي والدقيق كامل الشوائب.
هي تعفيني من أعباء التفكير بتأمين الوقود وتحدد هي دون إرهاقي الناقلات والناقلين, وتحدد من يشتري ومن يبيع,
حتى أنها اعفتني من هموم استيراد أجهزة الهاتف الخليوي وحددت من الأسماء ما يحق له الانشغال بهذه المتاعب,
ليس هذا فقط بل إنها لا تتيح لي مجرد التفكير بالسعي لتجميع الخردة وصهرها وما لهذا من إرهاق ميداني ومتاعب جمَّة, فهي تتولى تكليف أحد الحمقى سواي.
ولأنها تعلم كم هو مرهق استخراج الصخور وأحجار الرخام ونقلها وتصديرها, فقد أعفتني من أي جهد في هذا المجال وكلفت من تراه يستحق هذا العناء والشقاء.
وتلطُّف الحكومة بي لم يقف عند الأعمال الشاقة وحسب بل شمل أيضاً الأعمال الفكرية, فأعفتني من عناء الانشغال بمراجعة المناهج المدرسية وإزعاج التدقيق والتمحيص في صحتها وصواب توجهاتها واعتبرت أن الأمر لا يعنيني وأنني معفى من أي التزام أو واجب.
ولمزيد من الاطمئنان فقد أراحت أعصابي وأعفتني من جنون متابعة قضايا الادعاءات الكاذبة بالفساد ما هو محلي وما هو عابر للقارات.
هي حكومتي الرؤومة التي تحبني وتحنو علي ولا تقبل أن أعكر صفائي الذهني بالخوض في أية أعمال ونشاطات مجهدة,
هي نذرت نفسها للشقاء نيابة عني, إنها تسهر حتى أنام وتغضب حتى أفرح ,وتغامر حتى اطمئن.
إنها كلفت أعضاءها ومريديها بجمع وسخ الحياة الدنيا من دنانير ونفائس فانية, لأتفرغ أنا لزيادة رصيدي من الباقيات الصالحات, فهي أبقى وأحسن عملاً.
إنها الحكومة الحلم التي يحلم أي إنسان على هذه الكرة المفلطحة أن يحظى بها.
إنها الحكومة التي يرى فيها الكريم والسخي والزاهد أثمن ما يمكن أن يتبرع به لمن يحب.
ومع ذلك ومع شديد الأسف فإن حبها لي هو حب من طرف واحد.
وليس لي عذر أو تبرير سوى ما قاله الشاعر عمر الفرا في قصيده الشهير: ابن عمي وما أريدك!

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر