القصر الذي أصبح بيتاً للضيافة (صور)

القصر الذي أصبح بيتاً للضيافة (صور)

موسكو - ناهل الخطيب

يعتبر هذا القصر المعلم الرئيسي لأحد شوارع موسكو الراقية سبيريدونوفكا. استحوذ رجل الاعمال سافا تيموفيفيتش ماروزوف عام 1893م، على الملكية القديمة لعائلة أكساكوف وهي عبارة عن أرض ومنزل خشبي متهالك بني عام 1814م، من قبل المهندس المعماري فيتبيرغ للشاعر دميتريف ،فور شرائه، أمر سافا ماروزوف بهدم المبنى القديم، ليبني مكانه قصراً جميلاً صممه المهندس المعماري الشاب فيودور شيختل.
وفعلا تم تشييد القصر لزوجة سافا وحبيبته زينايدا، حيث ربطتهما قصة حب أثارت الكثير من الجدل والشوشرة وسط تجار موسكو.
فزينايدا زوجة سيرجي موروزوف البالغة من العمر 18 عاما التقت مع عمه سافا في حفل راقص واقترحت زينايدا أن تصبح زوجته، واندلعت قصة حب قوية متخطية كل التقاليد والشرائع، حيث كان المجتمع وخاصة وسط التجار بأكمله ينظرون إلى ان الطلاق والزواج من المطلقين عار كبير، فبالرغم من كل ذلك تزوج سافا وزينايدا عام 1888م. وعاشا معا لمدة 17 عاما.
والجدير بالذكر أن هذا المنزل في سبيريدونافكا واحد من أول الأعمال المستقلة الكبيرة للمهندس شيختل، حيث قدم للمالك ثلاثة مخططات بأنماط مختلفة للمبنى.
لكن عائلة موروزوف كانت تربطها علاقة طويلة الأمد بنسيج مانشستر، وسافا نفسه بعد تخرجه من جامعة موسكو أكمل دراسته في جامعة كامبريدج، لذلك اختار النمط القوطي الإنجليزي الجديد.
وتم بناء المبنى الرئيسي للقصر وربطه بممر تحت الأرض مع مبنى خارجي، حيث توجد جميع خدمات المرافق وتم كل شيء وفقا للمعايير الأوروبية الحديثة، وكان القصر أفضل مبنى قوطي جديد في موسكو.
خلقت الأشكال الهندسية الحادة تكويناً غير متماثل مع جزء من البرج على شكل زاوية.
كما تباينت التصاميم الداخلية مع المظهر الخارجي المتقن للمبنى، والأثاث الداخلي العتيق يعيدان الأجواء الرومانسية لعصر القرون الوسطى، ناهيك عن السجاد والثريات والتحف والساعات الأثرية التي ما زالت تعمل بدقة لحد الآن.
يقع المدخل الرئيسي في الجانب الأيمن من المبنى يعلوه شرفة بارزة مع ثلاثة بوابات مقوسة، أما الجزء الأيسر من المبنى الأكثر خصوصية فيطل على حديقة صغيرة.
تسود الزخارف القوطية الرائعة داخل المبنى، وبعض الغرف الأخرى من عصر النهضة، لكن الديكورات الخشبية في كل مكان والأثاث الفاخر شكل تصميماً رائعاً.
واللافت للانتباه نافذة الزجاج الملون على الجدار في القاعة المؤدية للأدراج الداخلية.
ويبدأ الدرج بمنحوتة خشبية قمة في الإبداع والجمال.
كما وتنتشر لوحات لرسامين وفنانين مشهورين معلقة على الجدران في كل مكان.
في بداية العام 1897م، أصبح القصر جاهزاً، حيث انتقل سافا وزوجته للعيش في هذا القصر الرائع،
لكن السعادة العائلية للأسف لم تدم طويلاً، حيث أصبح سافا موروزوف أحد المساهمين الرئيسيين في مسرح موسكو للفنون، والتقى الممثلة ماريا أندريفا.
وهنا كانت بداية قصة حب جديدة، دمرت كل شي في حياة سافا: الأسرة، العمل والصحة أيضاً، وفي شهر أيار من عام 1905م،  عثر على سافا ماروزوف ميتاً في غرفته بالفندق في مدينة كان الفرنسية.
وبدأ حينها جدل قوي حول ما إذا كانت وفاته انتحاراً أم اغتيالاً سياسياً.
وللعلم فإن الكثير من مشاهير موسكو آنذاك كانوا يزورون هذا البيت، فقد كان ماروزوف صديقاً لستانيسلافسكي وغوركي، وغالباً ما كان وزوجته زينايدا يستقبلان ممثلي الأوساط الأدبية الثقافية والفنية.  
الجدير ذكره، أن ماروزوف قدم الكثير من المساعدات المالية للبلاشفة، وفي نفس هذا القصر اختبأ لبعض الوقت أخطر ثائر في تلك الفترة: باومن.
وللمصادفة في هذا الوقت زار صديق ماروزوف الحاكم العام في موسكو "سيرغي أليكساندروفيتش" في منزله.
تم استقباله على أكمل وجه، وكان الحاكم جالساً على المائدة ولم يشك للحظة واحدة بوجود باومن في نفس المكان، حيث كان مطلوباً وشرطة موسكو بأكملها تبحث عنه.
نعود إلى زينايدا التي تزوجت بعد عامين من وفاة زوجها من اللواء رينبوت عام 1909م.
ثم باعت القصر حيث أن روح زوجها لا تسمح لها بالعيش في هذا البيت كما قالت، مدعية مشاهدته في الليل بالمكتب وسماع سعاله ومشيته وتحرك بعض الأشياء على مكتبه.
انتقل ريابوشينسكي - المالك الجديد إلى المنزل مع زوجته الجميلة وابنته ومجموعة رائعة من اللوحات لفنانين روس وأوروبيين غربيين.
لم يغير ريابوشينسكي في القصر أيَّ شي سوى في عام 1912م. حيث أضاف ثلاث لوحات لغرفة البيانو للفنان بوغايفسكي بطلب منه.
وجاءت الثورة وصادرت القصر، حيث انتقلت الملكية إلى المفوضية الشعبية للشؤون الخارجية في عام 1929م..
والجدير بالذكر الآن أن هذا القصر الخاص التابع لوزارة خارجية روسيا الإتحادية يستخدم للاستقبالات عالية المستوى، وعلى سبيل المثال ولا للحصر جرى اجتماع مجموعة الثمانية في هذا المكان عام 1996م.
وللعلم فإنه بتاريخ 4 آب عام 1995م، اندلع حريق مدمر، ولكن وفي وقت قصير نسبياً تمت استعادة القصر وفقاً للرسومات والمخططات الناجية مع التوقيع الشخصي للمهندس المعماري شيختل.
وللآن ما زال القصر تحفة فنية معمارية رائعة وملفتة للانتباه، وهناك الكثير ممن يرغبون بزيارته.

 

 


القصر الذي أصبح بيتاً للضيافة


شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر