"الكمأة" طعام الأغنياء .. ضحيته الفقراء
-
ميساء رزق - 2021/04/10
- 898
ميساء رزق - المشهد
تعتبر الكمأة من أغلى أنواع المأكولات في المنطقة والعالم لندرتها وتواجدها في أوقات وأماكن وظروف جوية محددة، وتنبت الكمأة في مناطق متعددة بالبادية السورية بين محافظات الرقة وحلب وحماه وحمص ودير الزور ودمشق والسويداء وهو فطر بري موسمي ليس له جذور تتشكل نواته باتحاد النتروجين والهيدروجين بفعل الشرارة الكهربائية الناتجة عن البرق والتي تدور فوق التراب جاذبة إليه الأملاح المختلفة التي تهبهه القيمة الغذائية العالية التي تضاهي اللحوم فهو يظهر بعد هطول المطر وحصول العواصف الرعدية ولذلك سمي" نبتة الرعد"حيث ساد الاعتقاد الشعبي بأنه جنين يزرعه البرق في رحم الأرض لحظة سقوطه عليها .
ويعتبر موسم الكماة فرصة ذهبية للعديد من عائلات تلك المناطق لجنيه لغلاء أسعاره حيث وصل سعر الكيلو الواحد هذا العام في أسواق دير الزور إلى ما يقارب ٧٩ ألف ليرة .
ولكن لا يخفى على أحد المخاطر الكبيرة التي تواجه العاملين بجني محصول الكماة نظراً لعشوائية اختيار الأماكن والمجازفة بالعمل في أماكن محفوفة بالخطر خلال السنوات القليلة الماضية والفترة الحالية حيث بقايا الألغام التي خلفتها المجموعات الإرهابية في المناطق التي ينتشر بها المحصول، فلا يمر وقت طويل إلا ونسمع بضحايا لأفراد وعائلات قضوا بسبب انفجار الألغام الغادرة بهم وهم يبحثون عن الكماة .
ثمن كبير تحققه الكمأة بأرواح بريئة لفقراء يبحثون عن لقمة عيشهم مخاطرين في البادية وبين حقول الألغام المختبئة بكل غدر، وكأن هذا الكنز المدفون بالرمال المستعد للتواجد على موائد الأغنياء يستحق تلك الدماء البريئة الطاهرة التي حفرت بيديها قبرها وسقت بدمائها الكمأة للموسم المقبل علّه يكون أوفر وبلا إزهاق للارواح الباحثة عن "نبتة رعد" يودعها البرق جنيناً في رحم التراب .
لأوراح كل من قضوا بحثاً عن الكماة الرحمة والسلام، وهنيئاً مريئاً لمن يأكلها وما ضره الترحم على روح قاطفها .
