يرجع من موته مع ولادة كل قصة حب ..في ذكرى وفاة "الدمشقي" نزار قباني

يرجع من موته مع ولادة كل قصة حب ..في ذكرى وفاة "الدمشقي" نزار قباني

اللاذقية-ميساء رزق

يرجع الشاعر نزار قباني من موته مع كل قصة حب تخلق على اختلاف زمانها، الشخصية الجدلية التي تركت أثراً- ولا تزال- في لاوعي كل من وقعت عيناه على شطرٍ من كلماته، وتشرب عبق الياسمين في صفحات كتبه. 

نزار بن توفيق القباني دبلوماسي وشاعر سوري معاصر ، ولد في 21 آذار عام 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة، إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي، درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 إنخرط في السلك الدبلوماسي متنقلاً بين عواصم مختلفة حتى قدم استقالته عام 1966.

أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء"، ويقول عنه:"حين صدر ديواني الأول، أحدث وجعاً عميقاً في جسد المدينة التي ترفض أن تعترف بجسدها أو بأحلامها… لقد هاجموني بشراسة وحش مطعون، وكان لحمي يومئذ طرياً.

وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني". 

ولم يكتف بكونه " شاعر المرأة"، بل تنوعت قصائده لتشمل السياسة والحنين للوطن حيث كان لدمشق حيِز خاص في أشعاره لعل أبرزها "القصيدة الدمشقية"، حيث أحسسنا بأغصان الياسمين تعربش على حروفه مختصراً كل شوق الغائبين بقول "إني أحب وبعض الحب ذباح". 

وكان لوالديه وجود في شعره، فعند وفاة والده توفيق القباني بكاه في قصيدة "أمات أبوك؟ "، مبيناً أثر والده الكبير عليه بقول:"أشيلك حتى بنبرة صوتي.. فكيف ذهبت.. ولا زلت بي؟، وخص" قديسته الحلوة" بقصيدة"خمس رسائل إلى أمي". 

وعلى الصعيد الشخصي، عرف قباني مآسٍ عديدة في حياته، بدايةً مع انتحار شقيقته وصال في فترة طفولته، بعد أن أجبرها أهلها على الزواج من رجل لم تكن تحبه، ويعزو العديد من النقاد أن شهيدة الحب وصال شكلت نواة الفلسفة "النزارية" في دفاعها عن الأنثى ، تلاها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجير إنتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، حيث لم يجد عنواناً أبلغ من اسمها لتكون قصيدة رثاء لها بفاجعة ظهرت جلية "نامي بحفظ الله.. أيتها الجميلة.. فالشعر بعدك مستحيل.. والأنوثة مستحيلة" ، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني".

بعد مقتل زوجته بلقيس، غادر نزار لبنان متنقلاً بين باريس وجنيف حتى استقر في النهاية في لندن حيث قضى الخمسة عشرة عاماً الأخيرة من حياته، واستمر بنشر دواوينه وقصائده المثيرة، وفي عام 1997 كان قباني يعاني من تردٍ في وضعه الصحي وبعد عدة أشهر توفي في 30 نيسان 1998 عن عمر ناهز 75 عاماً في لندن، بسبب أزمة قلبية، وفي وصيته والتي كان قد كتبها عندما كان في المشفى أوصى بأن يتم دفنه في دمشق التي وصفها في وصيته"الرحم الذي علمني الشعر, الذي علمني الإبداع والذي علمني أبجدية الياسمين".

ومن أعمال قباني: خبز وحشيش وقمر، هوامش على دفتر النكسة، بلقيس، حرب تشرين، والعديد من القصائد التي حفرت في روح كل قاريء على اختلاف ثقافته بسبب أسلوبه السهل الممتنع، وتغنى بكلماته أصوات عظيمة كأم كلثوم وعبد الحليم حافظ وفيروز، وصولاً إلى كاظم الساهر. 

وكما بقي نزار وفيّاً لدمشق، بقيت هي وفيةً له إذ أُصدِر مرسوم جمهوري بتسمية شارع في منطقة المهاجرين باسم «شارع نزار قباني»، وعبر نزار عن فرحه بقوله: " هذا الشارع الذي أهدته دمشق إليّ هو هدية العمر، وهو أجمل بيتٍ أمتلكه على تراب الجنة، تذكروا أنني كنت يوماً ولداً من أولاد هذا الشارع لعبت فوق حجارته، وقطفت أزهاره، وبللت أصابعي بماء نوافيره".

رحل مؤسس مدرسة "الرسم بالكلمات" الدمشقي الجميل بعد أن قام بإزالة جميع الخطوط الحمراء التي وسمت على جسد المرأة، وقال ما لم يجرؤ أي شاعر آخر بمجرد التفكير فيه في السياسة والدين والوطن والعادات، مغيراً عقلية الشرق المتحجر بفصاحة أسلوبه وعمق تأثير كلماته والصور الغنية المباشرة في المواضيع التي تناولها شعره.

 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر