الصناعي فواز الحلبي: الصناعة تنتظر قرارات جريئة من الحكومة (فيديو)

الصناعي فواز الحلبي: الصناعة تنتظر قرارات جريئة من الحكومة (فيديو)

المشهد – ريم غانم
كانت الصناعة السورية في مراحل متقدمة وكادت تقترب وتنافس الصناعات العالمية وكانت المعامل السورية نتنج كل شيء تقريبا إلى أن أتت الحرب وعادت بها سنوات للوراء.
على الرغم من كل الجهود الحكومية لإعادة إحياء الصناعة وتنشيطها إلا أنها ظلت بحاجة إلى الكثير من الوقت لتعود الى وضعها الطبيعي، هذا ماقاله الصناعي ورجل الأعمال السوري فواز أسطة الحلبي صاحب معامل لإنتاج البلاستيك، وأضاف، أنه في حال تم التركيز على دعم الصناعة واليد العاملة فسنعود لننافس كبرى الدول الصناعية، وهو ما يحتاج إلى قرار حكومي كبير وجدي يرقى لمستوى الخسائر ورغبة حقيقية من الصناعيين المغتربين بالعودة ودعم بلدهم.

في الطريق إلى معمل الحلبي الذي يقع في منطقة فضلون الصناعية في ريف دمشق التي تحررت من الإرهاب منذ سنتين ترى حجم الدمار الذي طال الصناعة السورية كونها نموذج عما تعرضت له باقي المدن الصناعية.

في مكتبه الذي رممه مؤخراً ترى كل مايحيط بالمعمل وكأنه خارج نطاق الحياة، التي سرقت من البلد على مدى عشر سنوات بكل نواحيها، وبحذر شديد ورغبة في الحديث عن القرارات الحكومية في قطاع الصناعة، وتوصيف حالها خضنا الحوار التالي مع رجل الأعمال والصناعي:

كيف بدأت العمل في صناعة البلاستيك وما هي الأنواع المتخصص بإنتاجها؟

يعد معمل الحلبي للصناعات البلاستيكية من أوائل المصانع التي افتتحت في دمشق والذي افتتحه والدي عام 1979 وأكملت العمل من بعده إلى اليوم، وعلى اعتبار أن سورية من أكثر الدول استهلاكا للبلاستيك باعتباره خفيف الوزن وسهل التصنيع وقليل الهدر الصناعي ورخيص الثمن ويمكن استعماله في الكثير من مجالات الحياة اليومية لذلك قمنا بتوسيع هذه الصناعة لتشمل تصنيع الأنابيب البلاستيكية بشكل عام ومنها »البولي تينغ « المستخدمة في الري بالتنقيط و »البي في سي « المستخدمة في الصرف الصحي، بالإضافة إلى الأنابيب الخاصة لشركات الاتصالات الخاصة بالكبل الضوئي للإنترنت، واستمرينا بالعمل في المنشأة حتى عام 2013 لتتوقف نتيجة هجوم المسلحين على المنطقة لمدة سبع سنوات، وبعد تحريرها من قبل الجيش العربي السوري وتأهيل المنطقة كنا من أوائل الشركات التي رممت مصنعها وعدنا للعمل بكامل طاقتنا الإنتاجية منذ سنتين، كما افتتحت معمل جديد في نفس المنطقة بالشراكة مع رجل الأعمال سامر الدبس بكمية إنتاج يومي يبلغ 4 ونصف طن كما نعمل على افتتاح خطي إنتاج قريباً للأنابيب البلاستيكية التي من المتوقع أن الطلب كبير عليها في الأبنية خلال مرحلة إعادة الإعمار.

على اعتبار أن المواد الأولية الخاصة بصناعة البلاستيك مستوردة من خارج سورية كيف تأثرت بالحصار والعقوبات وتغييرات سعر الصرف؟

 من المعروف أن سورية تستهلك البلاستيك وتصدره بشكل كبير حتى قبل الأزمة حيث كان طريق اتستراد درعا يعج بالشاحنات التي تحمل المواد البلاستيكية لتصديرها للدول المجاورة وللأسف توقف هذا الطريق خلال الحرب والذي أثر بدوره أيضاً على وصول المواد الأولية الأساسية في صناعتنا عبر المنافذ الحدودية البرية التي أغلقت بالكامل هذا عدا عن تأثير التغير الكبير الذي طال سعر الصرف وتجاوزه سعره إلى 1000 ليرة سورية ووجود فجوة بين سعر المركزي والسوق السوداء كان له الأثر السلبي الأكبر ورفع سعر بيعنا للمواد وقلص من حركة البيع في السوق المحلية، وكان لهذا التغيير أثر في نقص اليد العاملة ونقص في الحصول على الفيول للكهرباء ومصاريف أخرى بحاجة ليغطيها الصناعي عبر رفع سعر منتجاته وإلا يصبح عمله بخسارة وهو ما لا يقبل به أي أحد منا.

 في المقابل وبعد مطالبتي مع العديد من الصناعيين بتحديد سعر الصرف للاستيراد أصدر المصرف المركزي قراراً كان له الأثر الإيجابي علينا حيث تم حصر الاستيراد من المركزي بمبلغ 700 ليرة سورية بالتالي منع التلاعب في الأسواق.

 ومع تحسن الأوضاع العامة في سورية قليلًا وإعادة فتح جميع المعابر الحدودية عادت حركة التصدير خاصة مع العراق بشكلها المعتاد، لتعود وتتقلص بشكل ملحوظ خوفاً بعد انتشار وباء كورونا العالمي الذي كان له أثر سلبي كبير بتراجع الاقتصاد العالمي فكيف الحال لدينا، وعليه يبقى اعتمادنا على السوق المحلي الذي يعد استهلاكه ضعيف نسبياً كون الناس تتجه أكثر نحو الأمور المعيشية رغم ذلك لا يزال لدينا ربح بالمعقول وبما يساعدنا على البقاء في السوق.

نتيجة عملك الطويل في إنتاج البلاستيك تم تعيينك كرئيس لجنة صناعة البلاستيك في غرفة صناعة دمشق وريفها ، ما هي مهامك؟

تم تشكيل هذه اللجنة منذ سنة ونصف بعد إجراء انتخابات غرفة صناعة دمشق وريفها وتم انتخابي ويتمثل عملي بالتواصل مع الصناعيين وعقد اجتماعات دورية والعمل على حل مشاكلهم التي تتمثل بما يخص قطاع البلاستيك بصعوبة تأمين المواد الأولية نتيجة العقوبات حيث نحاول إيجاد البدائل والاستيراد من الدول الصديقة، لكن هناك مواصفات معينة لا توجد لدى هذه الدول بالتالي اختلف عمل الكثيرين، ونعمل على حل هذه المشاكل قريباً.

لديك مهام ضمن لجنة إعادة إعمار المناطق الصناعية وبشكل خاص منطقة فضلون ماهو دورك وكيف وضعها اليوم وكيف ترى مستقبلها؟

نتيجة عملي ضمن غرفة صناعة دمشق وريفها تم تشكيل لجنة عن طريق الغرفة كصناعيين لإدارة منطقة فضلون المنكوبة حيث كان يوجد فيها أكثر من 2000 منشأة صناعية دمر معظمها ومنها معامل البلاستيك كون الصناعيين لم يستطيعوا سحب آلاتهم لكبر وثقل حجمها كما تم التعاون مع محافظة ريف دمشق والحكومة التي أشركتنا في تنظيم المنطقة وقمنا بوضع برنامج عمل، خاصة أنها تعد المنطقة الصناعية الأولى التي تم تقديم التسهيلات لها وهي من أقرب المناطق على العاصمة دمشق، كما تم تمديد كل البنى التحتية لها بشكل كامل لتسهيل عودة الصناعيين، وعليه يتمثل عملي كعضو في هذه اللجنة مساعدة الصناعيين بالحد الأقصى من استطاعتي ودعمهم لإعادة الإقلاع بمصانعهم مثل تسهيل حصول الصناعي على أوراقه الثبوتية التي احترقت في منشأته التي دمرت خلال الحرب عبر التنسيق مع غرفة الصناعة، كما نساعده على إعادة تشغيل المنشأة، ومنها ما تم تقديمه في منطقة القدم الصناعية التي عادت معظم الورش فيها من فترة قريبة عبر مساعدة الحرفيين كما أعادت الحكومة البنى التحتية لها وتتميز تلك المنطقة بتشغيلها لعدد كبير من اليد العاملة الحرفية الصغيرة والورشات الصغيرة مثل تصليح السيارات والخراطة والكهرباء والدهان التي تساعد بدورها المصانع الكبيرة وتقدم لها الدعم لقربها من فضلون.

تفعيل القروض الصناعية

هذا بالإضافة إلى دورنا في تفعيل القروض الصناعية وأصبح بإمكان الصناعي الذي لا يملك إمكانية تجديد معمله وترميمه أن يحصل على قرض، كما قمنا بالتوفيق بين الصناعيين مع بعضهم فهناك من لديه الأموال ومن لديه الخبرة فحاولنا قدر المستطاع الجمع بينهم كي يعملوا في منشأة واحدة والعودة للعمل والصناعة، واليوم كل ما يلزمنا كي ننهض ونعود للأفضل هو الاهتمام بالصناعة فكل ما أنتجنا وصدرنا للخارج أحضرنا قطع أجنبي للبلد والذي يساعد بدوره على دعم الليرة كي تكون أقوى وتعود إلى موقعها، خاصة أن المنتجات السورية كان لها الدور الأول بالتصدير لجميع الدول العربية والأوروبية كما كان هناك بعض الدول الأوروبية التي كانت تصنع لدينا وتضع علامتها وتعيد تصديرها، من هنا نرجو من الحكومة أن تعود لدعم التصدير وأن يكون هناك شراكة مع الصناعيين حتى في اتخاذ القرارات المتعلقة بتطوير الصناعة، وأن تفتتح أبوابها لسماع أوجاعنا.

 إنشاء حاضنة لتدريب كوادر جديدة

يضاف إلى مشاكل الصناعة كذلك مشاكل نقص الكوادر العمالية الخبيرة التي غادر أغلبها البلد وهو ما يعد من أهم أسباب تأخر عودة الكثير من المصانع للعمل، ونحاول اليوم عبر عمل هذه اللجان تعويض هذا النقص وكخطوة أولية قمنا بتوقيع اتفاقية مع اتحاد الحرفيين بإنشاء مدرسة حاضنة لتدريب الشباب ورفدهم بسوق العمل في المصانع السورية وتوزيعهم حسب اختصاصهم.

أما وضع الكهرباء فأصبح هذا العام أفضل حيث تم الاتفاق مع وزير الكهرباء زهير خربوطلي على أن تعامل المناطق الصناعية بشكل مختلف وأن يتم القطع عنها مرة في الأسبوع كي تبقى المصانع تعمل كون هناك أزمة في تأمين المازوت، ونحن بحاجة ليوم عمل إضافي لتسريع عملية الإنتاج التي تصب كلها في مصلحة البلد وتطويرها.

انطلاقاً مما سبق ما الذي قدمته الحكومة بشكل فعلي لدعم الصناعيين على أرض الواقع، وكيف ترى القرارات الحكومية؟

في ظل الضرر الكبير الذي لحق بالمناطق الصناعية كان للحكومة دور في دعم تشغيل بعض المناطق عبر إعادة البنى التحتية من صرف صحي وكهرباء ومد طرقات ومياه شرب فقط، نحن نتمنى أن يكون الدعم أكبر لكن نعلم أن هناك أمور أهم وأكثر أولوية لديها خاصة أن هناك صناعيين لديهم خسائر بالمليارات، لكن هناك مناطق صناعية في ريف دمشق لا تزال بحاجة للبنى التحتية والاهتمام مثل تل كردي كما نأمل بتسريع عملية دعم الصناعيين لإعادة افتتاح معاملهم، والأهم تقديم التسهيلات وحل أمور التحويلات الخارجية والابتعاد عن الأمور الروتينية، فأنا كصناعي في حال توجهت للحصول على قرض لماذا يتم المماطلة لثلاثة أشهر للحصول عليه من الممكن تسهيل الأمور والحصول عليه خلال عشرة أيام على الأقل لما الممطالة والتأجيل، نحن بحاجة للنهوض بدعم الصناعة التي تعد أهم من التجارة، ودعم التصدير وكفى استيراد وخسارة.

وبالنسبة للقرارات التي صدرت خاصة في الفترة الأخيرة لا بأس بها لكنها بحاجة إلى مراجعة وتدقيق فيما يخص المستوردين ودعم الصناعة والتصدير بشكل أكبر.

 كم تحتاج الصناعة السورية لتعود لسابق عهدها وتنافس بمكانتها الدول الأخرى؟

الصناعة السورية من أشهر الصناعات العالمية الموجودة في جميع المجالات حتى من ناحية الجودة، وكنا قريبين من الصناعة الصينية فلم يكن هناك مادة أو آلة لم نكن نصنعها في مصانعنا، وحتى الدول العربية المجاورة تضررت كلها عندما تراجعت الصناعة السورية وفي حال عدنا للاعتماد على التصدير ودعم الصناعيين بالشكل المناسب والمفيد سوف تعود لسابق عهدها خلال خمس سنوات على الأقل.

 

ما المطلوب من الحكومة للنهوض بالصناعة السورية؟

كما يقال نحن الصناعيون »طماعون « نحن نحتاج اليوم إلى تشاركية مع الدولة وأن تأخذ بآرائنا فيما يخص قطاعنا، حيث يستطيع رئيس الحكومة أن يحدد مرة في الأسبوع أو الأسبوعين ويجلس في كل مرة مع صناعيين من اختصاص معين ويسمع مشاكلهم وأوجاعهم والعقبات التي تقف في طريق عملهم، فالحرب كانت قاسية على الجميع عندها أثق أن القرارات التي تخرج سوف تكون مناسبة للجميع وتساهم بالنهوض، فكل ما سرعنا في اتخاذ القرارات الجريئة والسريعة بما يناسب الخسائر كل ما شجعنا الصناعيين على العودة والإنتاج، بالتالي سيشكل دفعة للصناعين الذين غادروا سورية للعودة وإعادة افتتاح مصانعهم التي أغلقوها خلال السنوات السابقة، وهي دعوة أيضاً لمن غادر بأن الوقت قد حان لوقوفهم إلى جانب بلدهم.

كم تقدر خسائركم خلال الحرب وهل حصلتم على تعويض من المحافظة؟

تعرض معملي في منطقة فضلون الصناعية إلى أضرارا كبير تقدر بالملايين حيث تم تدمير جميع الآلات ومعظم حيطان المعمل والتي أدت بدورها إلى تلف كل المواد الأولية وقوالب صب البلاستيك، كما تم تدمير محولة الكهرباء التي وضعتها من أجل مواصلة العمل، وعند العودة للمنطقة قدرت المحافظة خسائرنا لكن لم نأخذها كونها كانت لا تتناسب مع حجم الدمار ولا تبلغ قيمتها % 1 من حاجتنا، وعدت لترميم المصنع واستيراد الأدوات على حسابي وافتتاحه والعمل من جديد وأفضل مما كان سابقاً، كما أن هناك آلات جديدة سوف تصل قريباً مختصة بصناعة الأنابيب التي يتم استخدامها ضمن المنازل لتمديد المياه الباردة والساخنة.

بالنسبة لمنطقة »فضلون « كم عدد المصانع التي أقلعت وهل أضيف لها فروع جديدة؟

 كان يوجد في منطقة فضلون 2400 منشاة مع منطقة القدم موزع منهم حوالي 1700 محلات قطاع حرفي صغير كلها تعرضت للتدمير بشكل كلي أو جزئي، عاد للعمل 500 منشاة مختلفة بين ألبسة وبلاستيك وغذاء، فيما كان هناك صناعيون لم يكن لديهم أموال تكفي كي يعيدوا افتتاح معاملهم فقمنا بالتنسيق مع الصناعيين خارج البلد لتأجير هذه المعامل، كان المهم ان نعيد من يرغب للعمل والإنتاج، فكنا في هذه اللجنة صلة الوصل بين الصناعي والحكومة.

 

 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


آخر المقالات

استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر