من حقي أن أفتح فمي!
-
المشهد - 2019/12/01
- 1429
المشهد بالشقلوب
قد يبدو العنوان غريباً ورهيباً ومريباً علينا نحن الشعب الذي لم يتعود أن يفتح فمه منذ الألف السابعة قبل الميلاد، ولا يتوقع أن يفتح فمه حتى الألف الخامسة بعد الميلاد أيضاً.
لكن اطمئن عزيزي المشاهد والمتابع والقارئ والسامع والحاسس بما يجري من حولك، فأنا لا أريد أبداً أن أتحدث عن الوضع في البلد، أو عن الوضع المعيشي الذي أصبح لا يطاق، أو أن الراتب لا سمح الله لا يكفي حتى نهاية النصف الأول من أول أيام الشهر.
ولا أريد لأي أحد أن يشك ولو لنصف في المئة بأني أريد أن أفتح فمي وأتكلم عن الفساد والمحسوبيات التي نخرت عظامنا قبل أن تنخر مفاصل هذا البلد المعطاء، لدرجة أنك لو أجريت معاملة من دون دفع المعلوم لأحسست أنك ستموت في اليوم التالي وهذه فقط إشارة على ذلك.
لا أريد لأي شخص أن تسول له نفسه وأن يعتقد أني أريد الحديث عن سعر الدولار الذي وصل سعره إلى أعلى من أطول برج لدينا ويقارب سعره برج إيفل الفرنسي، والذي يرفع أسعار كل شيء في سوريا كأنه "كريكو سيارة" ولكن هيدروليكي.
لا أريد لأي أحد أن يفكر ولو لثانية أنني أريد فتح فمي بالحديث عن الحكومة التي تعيش في كوكب آخر وليس فقط في واد آخر، أو أني أريد مثلا -لا سمح الله- الحديث عن عدم تفسير أي شيء لنا كمواطنين من قبل المسؤولين في بلدنا.
لا أرغب -وأعوذ بالله من ذلك- بالكلام عن حيتان المال في بلدنا الذين يتلاعبون بقوتنا كما يحلو لهم، أو عن أموالهم التي تخرج وتدخل عبر الحدود دون رقيب أو حسيب، أو عن الصفقات الخيالية التي تتم عبر المحسوبيات.
أريد فقط أن أفتح فمي -وهذا من حقي- لأن زوجتي أم بهيج لا تسمح لي بأن أتكلم أي كلمة أثناء مشاهدتها التلفاز، أو أثناء إلقائها لخطاب زوجي طويل عن الأزمة الزوجية بعد كل هذا العمر الطويل من الزواج السعيد والهانئ والمجيد والرغيد.
