باحث اقتصادي: التفاوت الصارخ في الدخل بسورية سببه عدم الإنصاف بتوزيعه واستيلاء فئة على القسم الأعظم منه

باحث اقتصادي: التفاوت الصارخ في الدخل بسورية سببه عدم الإنصاف بتوزيعه واستيلاء فئة على القسم الأعظم منه

بين الباحث وأستاذ الاقتصاد في جامعة دمشق، الدكتور رسلان خضور  لصحيفة "تشرين" المحلية أن  الاقتصاد السوري يواجه أنواعاً مختلفة من التحديات بعد أكثر من عشر سنوات من الحرب أبرزها التفاوت الصارخ في الدخل وهو أحد أهم الأسباب التي تجعل المواطنين أقل ثقة، وأن إحدى قنوات إعادة بناء الثقة هي الإنصاف في توزيع الدخول ­ إذ أدّت الحرب والحصار والإجراءات القسرية الأحادية الجانب إلى تزايد نسبة الفقر وتراجع حجم الطبقة الوسطى في سورية.

وبحسب ما نقلت الصحيفة عن خضور فليست الحرب وحدها السبب في ذلك، بل يكمن السبب في التوزيع، وفي كيفية استخدام ما هو متاح من موارد، مؤكداً أن المشكلة في توزيع الناتج المحلي الإجمالي ما بين الأرباح والأجور، وهناك تفاوت كبير في الدخل رغم قلته هناك فئة تستولي على القسم الأعظم، وهي إما تورده إلى الخارج أو تدخره ولا تستهلكه وهذا يحتاج إلى نوع من الإنصاف والعدالة بتوزيع الدخل.

وبين للصحيفة أن حصة الرواتب والأجور المتدنية بالناتج المحلي الإجمالي تتطلب تعديل السياسات المالية والنقدية ومشكلة توزيع الثروات، وفي السياسة الضريبية تخفيضها بشكل عام على الرواتب والأجور، والعمل على إصدار قرار زيادة الرواتب حيث لا نطلب أن يتناسب مع المستوى المعيشي لأن ذلك يحتاج إلى أرقام كبيرة.

وذكر خضور للصحيفة أن هناك شرائح عملت بتوازن بالرواتب فقط بالنسبة للعاملين في القطاع العام وهم نسبة ليست بقليلة أي أكثر من 1.2 مليون موظف أي من 3 إلى ٥ ملايين أسرة تقريباً.

وبين أن القول بعدم وجود موارد لزيادة الرواتب والأجور أقل ما يقال عنه إنه غير دقيق، فليست المشكلة في الموارد، بل المشكلة في كيفية توزيع الناتج المحلي والدخل القومي بين دخول العمل من جهة ودخول رأس المال (الأرباح، الفوائد، الإيجارات)، من جهة ثانية لنأخذ مثالاً توضيحيّاً وفق الآتي: سنفترض بكل بساطة أن سلعة ما، كان ثمنها 1000 ليرة سورية في عام 2010، وأصبح ثمنها الآن 100000 ليرة سورية، ماذا يمثل سعر السلعة المدفوع البالغ 1000 ليرة؟ عملياً يمثل ما يُدفع لمن أسهم في إنتاج هذه السلعة، أي الأجور والأرباح والفوائد والإيجارات والريوع. قبل الحرب كانت حصة الرواتب والأجور بحدود 300 ليرة من قيمة السلعة، (30% وهذه نسبة متدنية بالأساس)، والباقي يتوزع بين الأرباح والفوائد والأجور والريوع، وفي عام 2018 السلعة نفسها التي أصبح سعرها 10000 ليرة سورية يحصل العاملون بأجر من قيمتها على 20% كحدٍّ أقصى، أي ما يعادل 2000 ليرة، وتذهب الـ 8000 ليرة كأرباح وفوائد وإيجارات وريوع.
هذا يعني أن الحصة الحقيقية للعاملين بأجر من الناتج المحلي قد انخفضت بمقدار 50% وزادت بالمقابل حصة الأرباح والريوع، فإذا كان الناتج المحلي الإجمالي في عام 2010 بحدود 60 مليار دولار (ما يعادل 2835 مليار ليرة سورية – على أساس سعر صرف 47 ليرة للدولار)، فإن حصة الرواتب والأجور كانت بحدود 18 مليار دولار (ما يعادل 851 مليار ليرة سورية)، وحصة الأرباح وبقية مكونات الدخل بحدود 42 مليار دولار (ما يعادل 1974 مليار ليرة).

وإذا كان الناتج المحلي الإجمالي في عام 2018 يعادل 60% من ناتج 2010، أي بحدود 36 مليار دولار، فإن حصة الرواتب والأجور هي بحدود 7 مليارات دولار (ما يعادل 3240 مليار ليرة – على أساس سعر صرف 450 ليرة للدولار)، وحصة الربح وبقية مكونات الدخل هي 28.8 مليار دولار ( 12960 مليار ليرة). وإذا كانت حصة الأجور من دخل قومي تبلغ 16.000 مليار ليرة، هو 20% مثلاً، فهذا يعني أنَّ العاملين بأجر يحصلون على قوة شرائية تبلغ 3200 مليار ليرة، وتذهب 12800 مليار كأرباح وإيجارات وريوع وفوائد.

وشدد خضور خلال حديثه مع الصحيفة أن المشكلة ليست فقط بانخفاض الدخل القومي طوال سنوات الحرب، بل يكمن الجزء الأكبر من المشكلة في كيفية توزيعه، ومن يحصل بغير وجه حق على الحصة الأكبر.

وأضاف للصحيفة :  إنَّ الخلل اللاحق بالعاملين بأجر هي ليس خللاً يربك هؤلاء فقط، بل إرباك للنمو الاقتصادي في الأمدين المتوسط والطويل، وللمجتمع التكافلي وعلى رأس المال الاجتماعي، وعلى أمن المجتمع السوري، فخفض الأجور لن يؤدي إلى المزيد من الرفاهية بالتأكيد، بل إلى المزيد من البؤس للأغلبية العظمى من السكان، إضافة إلى ذلك، فإن انخفاض الأجور لم يعد ميزة جاذبة للاستثمار في زمن التطور التكنولوجي السريع، فانخفاض الأجور إلى مستويات متدنية يعني كفاءة أقل ومهارات أقل وإنتاجية أقل، وبالتالي يعني أرباحاً أقل في الأمدين المتوسط والطويل على المستوى الجزئي، ومعدلات نمو أقل على مستوى الاقتصاد الكلي".

صحيفة تشرين 

 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني