في ذكرى رحيل عرابه.. أسعد الوراق مرآة المجتمع السوري

في ذكرى رحيل عرابه.. أسعد الوراق مرآة المجتمع السوري

حسن يوسف فخور | المشهد 

تمر الذكرى الثانية لرحيل المخرج علاء الدين كوكش؛ أحد أبرز مخرجي الدراما السورية على مدى عقودٍ، أغنى المكتبة السورية بالعديد من الأعمال المهمة؛ كان وما يزال أبرزها "أسعد الوراق" عام 1975، والذي أعيد إنتاجه عام 2010 بإدارة المخرجة رشا شربتجي.


أسعد الشاب الدمشقي البسيط الذي نشأ في بيئةٍ فقيرةٍ فرضت عليه النمط الذي يُكمِل حياته، كما فرضت عليه مهنته التي يعتاش منها، وحدَّت من أحلامه وطموحاته؛ عربةٌ يجرها بدل البغل الذي لا يملك ثمنه _ذهاباً وإياباً_ بين وكالة الحبوب والمطحنة.

جُلَّ ما كان يحلم به أسعد هو أن يرمم غرفته؛ بيته الوحيد الذي ورثَهُ عن أهله، وامرأةٌ تحبه وأطفالٌ يحملون اسمه كما أغلب الرجال  في هذه البلاد إلا أنَّ الظروف كانت تعاكسه دائماً كسجنه بتهمة الإساءة إلى الحكومة؛ نتيجة صدم عربته لأحد رجال الشرطة في إحدى الأزقة الضيقة التي تُعتبَر نقطةَ التحول في حياته، ومحاكمته بتهمة قتل صديقه وعراب أحلامه "عدنان بك" ، و زواج خطيبته أثناء سجنه، ومن ثم زواجه بأختها المتسلطة التي يعجز عن إرضائها بشتى السبل.

ما إن تبدأ التجارب بصقل شخصية أسعد البسيطة، وتحويلها إلى شخصٍ متمردٍ قادرٍ على المواجهة، وفرض رغباته ورؤياه على بيئته حتى تكون زوجته أولى ضحايا هذه الانعطاف الجذري الذي أخفى صوتها؛ نتيجة غضبه، ذاك الانعطاف الذي ينتهي بتمرده على الاستعمار الفرنسي والتحاقه بالثوار في الجبل، ومن ثم استشهاده في باحة بيته بعد عودته لرؤية طفله الذي لم يستطع أن يعيش ليربيه على شهامته وطيبته التي لطالما تميز بها عن رجال مجتمعه فيها.

أسعد الوراق الشخصية الخيالية  التي كتبها الروائي صدقي اسماعيل في روايته "الله والفقر"، وحولها  الكاتب عبد العزيز هلال إلى عملٍ دراميٍ؛ بدأ الراحل هاني الروماني مسيرته به، وأنهى حياته أثناء تصوير مشاهده بنسخته الجديدة ما هي إلا إسقاطاتٌ على حال المجتمع السوري أثناء الاستعمار الفرنسي؛ الظرف الذي يُعيد نفسه بعد قرنٍ من الزمن على أبناء سورية البسطاء؛ لينسج لكل واحدٍ منهم حبكةً جديدةً في حياته؛ نتيجة الحرب التي عصفت البلاد على مدى عقدٍ ونيفٍ؛ تشابهت في معظمها مع نهاية أسعد باختلاف طريقة الموت النفسي والجسدي وتعدد أشكال الأخير،  ستبقى أيقونةً للمجتمع السوري البسيط الذي تعصف به الأزمات دون غيره وهو لا حول له ولا قوةً إلا أن يخاطب الحياة كما كان أسعد يخاطب زوجته المتسلطة التي عاد لها صوتها برحيل زوجها: "اصبري عليِّ شوي الله يوفقك".

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


آخر المقالات

استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر