"عبد اللطيف وأنا" .. المخرج جود سعيد يطلق نادياً سينمائياً مستقلاً في دمشق ويحتفي بالكاتب عبد اللطيف عبد الحميد

"عبد اللطيف وأنا" .. المخرج جود سعيد يطلق نادياً سينمائياً مستقلاً في دمشق ويحتفي بالكاتب عبد اللطيف عبد الحميد

كتب المخرج جود سعيد:

"في زمنٍ يعدّ البعضُ نجاحه بانتشاره على السوشيال ميديا أو بازدياد عدد الستوريات التي تحتفي به أو تروّج لعمله، هناك في مكان آخر خارج الألواح الذكية والبروفايلات الغبية، هناك من صنعوا لنا ذاكرة ويصنعون..

عبد اللطيف عبد الحميد بضجره وبندوراته ورسائله ومطره الصاعد للأعلى، واحدٌ منهم.

أنا شخصياً ورغم استخدامي للسوشيال ميديا، أحتقرها ويضحكني من يعتبر أنها تصنع تغييراً وخلافه، أو مادة رأي عام، حسناً لماذا لا تفعل ذلك في انكلترة وفرنسا؟

لماذا الحديث عن السوشيال ميديا ههنا؟
لأن صاحب فيلمنا الأول في النادي، نجمٌ رغم صمته الدائم على السوشيال ميديا، فهو يراها كما يخبرني مساحة لعدم فقد المعارف والأصدقاء وفضاء للتسلية لقتل الملل.

في كل مرة أرى الضوء الأخضر بجانب اسمه، أداعبه؛
فقتوا؟ نمتوا؟
نضحك طويلاً ويأخذنا الحديث دوماً إلى السينما، إلى جوهرها بعيداً عن سينما السوشيال ميديا واللايكات والتريند.

القصة بدأت منذ أكثر من ثلاثين عاماً.
أذكر أن أول فيلم سوري شاهدته كان ليالي ابن آوى، يومها ذهبت حانقاً فقد سُلبت ليلة من عبث التسلية على البحر، لم تقبل والدتي تركي وحيداً لأن كل العائلة والأقرباء والأصدقاء وحتى الجيران في الشاليهات كانوا قد تجهّزوا للارتحال في موكب مهيب نحو صالة الكندي في اللاذقية وقد حجزوا أكثر من نصف مقاعد البلكون، أعتقد أننا تجاوزنا الأربعين شخصاً.
مع امتعاضي ، كوني الطفل الوحيد بسنواته الثماني أو أكثر قليلاً، صمت الحضور هبط الظلام وبدأ الفيلم…
ثم بدأت الدهشة؟ كيف استطاع هذا المخرج أن يُحضر من أراهم في القرية خلال عطلة الصيف إلى الشاشة؟!
لاشك أنه ساحر كمثل ذلك الذي جعل للبحر في مسبح أوغاريت شطاً أخر في عمق البحر (الرملة الشهيرة قبالة جول جمال وأوغاربت سابقاً)..
هذا العجوز في الفيلم أعرفهُ وتلك صديقة جدتي وذاك كجارنا الخسيس الذي يمنعنا من اعتلاء شجرة الجوز في فناء بيته!!!
خرجت وقت نسيت البحر ومطاردة السرطانات ومحاولات صيد السحالي وأنا أكرر أمام خالة أمي مالكة البحر كما كنت اعتقد؛ بدك بندورة؟ هاا؟ بدك بندورة؟؟
ذهبنا جميعاً لأكل الكنافة وبدأت النقاشات حول الفيلم، صار الجدل عالياً فمنهم من يعترض على لهجة أو بيئة ومنهم من يستشرس بالدفاع عن الحقيقة كما قال الطبيب أحد أولاد خالة أمي والذي كنت أعتبره أهم لاعب بينغ بونغ في اللاذقية، أما أنا فتخيلت لماذا لم يدهنوا رأس المذنب في الفيلم بالقطر بدل المربى بعد أن يأكلوا الكنافة؟
لم أعد أذكر من الذي جعل المدافعين ينتصرون بقوله أن هذا الفيلم فتح أبواباً كان يجب أن يزال عنها الصدأ منذ زمن ..

استيقظت في اليوم التالي وأنا مستمتع بحلم عظيم حيث كنت أقود مدحلة كما في الفيلم وأهرس كل سرطانات الشاطئ..

لم أعرف يومها أن الأيام ستقودني مراهقاً للاستهجان مع المستهجنين عن غياب القرية من صعود المطر، الفيلم الذي شاهدته لاحقاً أثناء دراستي للسينما ولأكتب عنه ضمن قراءة قدمتها لسينما عبد اللطيف، واحتقرت مراهقتي حينها، إذ أعتقد أن هذا الفيلم فيه بونويلية لم تخبرها السينما الناطقة بالعربية.
بعدها، افترشت أدراج سينما الشام، التي رحلت مع كثيرين من أحبة. لنشتمّ وليس نشاهد نسيم الروح، الفيلم الذي قدم الأستاذ بسام كوسا كما لم أراه قط، الفيلم الذي إن حضره ملك الموت لأجّل أعماله يومين أو ثلاثة لانشغاله بالحياة..
حسناً سأدرس السينما إذاً."

 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني