أوروبا تستعد لشتاء قاس دون الغاز الروسي

أوروبا تستعد لشتاء قاس دون الغاز الروسي

تحضير جوارب الصوف وخفض حرارة أجهزة التدفئة.. هكذا يتهيّأ الأوروبيون لفصل شتاء صعب ستكون خلاله واردات الغاز الروسي دون مستوياتها المعتادة، في واحدة من تبعات حرب أوكرانيا الأشد تأثيرا على حياتهم اليومية.


اقرأ المزيد: صحيفة ألمانية: شولتس فشل في إيجاد بديل للغاز الروسي

وسيتعيّن على سكان القارة التعلّم من تجربة أقرانهم في لاتفيا الذين اعتادوا منذ تموز/يوليو العيش دون الغاز الروسي، بعدما أوقفت موسكو ضخّه إلى الجمهورية السوفييتية السابقة المطلة على بحر البلطيق.

ويقول يونوس راتينيكس الذي يقطن مدينة ريزكني قرب الحدود مع روسيا «باتت أسعار الطاقة باهظة لدرجة اضطرتنا لقطع المياه الساخنة عبر أنبوب البلدية وتركيب سخّان مياه خاص بنا». وأوضح الرجل الذي يعمل في حرس الحدود أن «استخدام السخّان عندما نحتاج إليه، أقل كلفة من الحصول على المياه الساخنة بشكل دائم».

ورأى أن الناس يتوقعون من السياسيين مساعدتهم متى بدأت كلفة استهلاك الطاقة بالارتفاع، وعندما يحين موعد الانتخابات في تشرين الأول/أكتوبر «من الأفضل لهم أن يوفروا لنا التدفئة».

وخلال الأشهر الماضية، توقفت روسيا بالكامل عن ضخ الغاز إلى بلغاريا والدنمارك وفنلندا وهولندا وبولندا، وخفضت الكميات لدول أخرى بشكل كبير.

وستعلّق روسيا صادراتها من الغاز إلى ألمانيا عبر خط أنابيب «نورد ستريم1» لبضعة أيام أواخر الشهر الحالي، في ثاني توقف من نوعه خلال الصيف.

وعلى الرغم أن موسكو تعلّل هذا الاجراء بأعمال الصيانة، الا أن برلين سبق أن اتهمتها باستخدام موارد الطاقة كسلاح ضمن التوتر مع الغرب بسبب أوكرانيا.

وتراجعت كميات الغاز التي تم ضخّها عبر خط «نورد ستريم1» في تموز/يوليو الماضي بنسبة 70 في المئة عن الفترة نفسها لعام 2021.

وتتوجس حكومات أوروبية من فصل شتاء تبقى فيه أجهزة التدفئة المنزلية بلا حرارة، وتوقف المصانع دورة إنتاجها.
ويرى أطراف غربيون أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يستخدم موارد الطاقة كأداة في المواجهة مع الغرب الذي فرض عقوبات اقتصادية شديدة وشاملة ضد بلاده على خلفية حرب أوكرانيا منذ شباط/فبراير.

وأدى خفض تدفق الغاز إلى ارتفاع حاد في أسعاره، ما انعكس زيادة في أسعار الكهرباء نظرا لاعتماد العديد من محطات الإنتاج على هذه المادة لتوليد الطاقة. وما زاد الطين بلّة، ارتفاع أسعار النفط، على رغم أنها عاودت الانخفاض بعض الشيء في الآونة الأخيرة.

وكتب فاتح بيرول، المدير التنفيذي لـ»وكالة الطاقة الدولية» الشهر الماضي أن «العالم يشهد أزمة الطاقة العالمية الأولى فعليا في تاريخه». وأضاف «الوضع محفوف بالمخاطر خصوصا في أوروبا، مركز الاضطراب في سوق الطاقة».

ونظرا إلى أن الغاز الطبيعي محوري بالنسبة إلى دول عدة، خصوصا إلى ألمانيا التي تحتاج إليه لتشغيل صناعاتها الثقيلة، فهو نال استثناءً من العقوبات الأوروبية ضد روسيا.

في المقابل، فرضت عقوبات متدرجة على النفط الذي تعد روسيا من أبرز مصدّريه، وحظر كامل لاستيراد لفحم الحجري منها.
وقال مات أوكسنفورد من وحدة «إيكونوميست انتليجنس يونيت» للاستخبارات الاقتصادية «نعتقد الآن أن كميات الغاز الروسي إلى أوروبا عبر نورد ستريم1 ستتراوح بين صفر و20 في المئة من الطاقة الاستيعابية (للخط) خلال الأشهر المقبلة».
وتوقع أن يؤدي ذلك إلى ركود اقتصادي في أوروبا خلال شتاء 2022-2023.

وأضاف «نظرا للبُنى التحتية الحالية المرتبطة بالغاز، لا يمكن لألمانيا تعويض خفض 80 في المئة من كمية الغاز الروسي دون تراجع حاد في الطلب، ما سيؤدي إلى ركود خلال الشتاء».

وأشار إلى أنه نظرا لمحورية دور ألمانيا في سلاسل الإمداد العالمية سينعكس الأمر سلباً على كل أوروبا.
وبدأت حكومات عدة، منها الألمانية والفرنسية، بدراسة أي طرف سيعاني في البداية: الشركات التجارية أو الأسر.

وسيطال التقشف في استهلاك الطاقة مختلف السكان. وسبق للاتحاد الأوروبي أن أبلغ الدول الأعضاء الـ27 بضرورة خفض استهلاك الغاز بنسبة 15 في المئة.

وبدأت إيطاليا هذا العام «عملية الترموستات» لخفض مستوى التدفئة والتبريد في المدارس والمباني العامة، قبل أن تقدم ألمانيا واسبانيا على خطوات مشابهة.

وركزت الحملة الألمانية خلال الصيف على خفض التبريد في وسائل النقل العام صيفاً وحضّ الناس على التزود بوسائل استحمام موفّرة للمياه. كما عدّلت مدن عدة درجات الحرارة في برك السباحة العامة وخفّضت الإنارة المدينية.

وبينما جمّدت فرنسا أسعار الغاز للأفراد، يتوقع أن تزيد الفواتير في ألمانيا بآلاف اليورو سنويا.

وفي ظل توقع فصل شتاء بارد، أفاد مركز خدمة السكان في ولاية شمال الراين فستفاليا الألمانية أن نشاطه في الفترة الراهنة هو الأعلى مستوى منذ تأسيسه قبل زهاء أربعين عاماً.

وأوضح المتحدث باسم المركز أودو سيفردينغ أن الكثيرين من الذين يتصلون بالمركز لطلب استفسارات يبدون خشيتهم من قطع الخدمات عنهم بحال عدم قدرتهم على سداد الفواتير.

وأشار إلى أن البعض يعتزمون تركيب ألواح الطاقة الشمسية لتصبح مصدرا للطاقة بدلاً من النفط والغاز، في حين يفكّر آخرون في الاعتماد على الفحم.

وعلى رغم دعوته السكان إلى الاستعداد لزيادة الفواتير من خلال وضع المال جانبا من الآن، أبدى سيفردينغ خشيته من أن «العديد من الأسر قد لا تتمكن من تغطية الأسعار المرتفعة للطاقة».

من جهتها، أعادت فرنسا إطلاق حملة لوقف الهدر في موارد الطاقة تم تطبيقها للمرة الأولى في السبعينات. وفرضت على المتاجر التي تستخدم أجهزة التبريد خلال الصيف إبقاء أبوابها مغلقة والا ستضطر لدفع غرامة مالية. كما أعادت حكومتها النظر في إغلاق محطة كهربائية تعمل بالفحم الحجري، على رغم انتقادات الناشطين البيئيين نظرا لأن التلوث الناتج عن الفحم يفوق غيره من مصادر الطاقة.

أ ف ب

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني