بعد اجتيازها نصف طريق العودة.. هل تطبع حماس علاقتها كاملة مع دمشق ؟

بعد اجتيازها نصف طريق العودة.. هل تطبع حماس علاقتها كاملة مع دمشق ؟

نعيم ابراهيم | المشهد 

قبيل اغلاق حركة حماس مكاتبها في سورية والمغادرة إلى عواصم أخرى بعد انطلاقة ما سمي بـ"الربيع العربي" العام 2011 قال لي القيادي في الحركة السيد موسى أبو مرزوق خلال لقاء معه في دمشق " نحن سنغادر سورية و لكننا لن نجد بلدا يقدم لحماس ما قدمته القيادة السورية و الشعب السوري من دعم على الصعد كافة". 

وقبل زمن ليس بالبعيد عبر أبو مرزوق، عن أمله في أن تكون هناك الكثير من التغيرات التي تسمح فعلا باستئناف علاقات حركته مع دمشق، واصفا هذا الملف بالمعقد، وأضاف "الأساس في مثل هذه الأمور هو علاقتنا مع شعبنا الفلسطيني الموجود في سورية، وما سوى ذلك من العلاقات هي على الأجندة ونأمل أن تكون هناك تغيرات إيجابية في المستقبل".

وتكفي الاشارة هنا إلى أن سورية قدّمت الملاذ الآمن لرئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل بعد محاولة اغتياله في الأردن من قبل الموساد الإسرائيلي في العام 1997، بطلب من الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد جبريل، وتحوّلت إلى ملاذ آمن للقيادات السياسية والعسكرية للحركة ، وأكثر من ذلك، إلى درجة أن تكون ممرا ومصدرا للأسلحة المهرّبة إلى قطاع غزة، الذي أفشل العدوان الإسرائيلي في نهايات العام 2007 وبدايات العام 2008 وهذا الدعم بمختلف المجالات للحركة، أمّن استقرارها سياسيا وتطورها عسكريا، ولكن مع اندلاع "الربيع العربي" لم تتمكن حماس من ضبط مواقفها، وكثيرا ما تخبطت في تصريحاتها.

لقد انقسمت الحركة على نفسها بين تيارين أساسيين، الأول بقيادة خالد مشعل الذي أظهر أولوياته بالانتماء إلى حركة "الإخوان المسلمين" الساعية إلى السلطة بأي شكل من الأشكال، بالاصطفاف مع المشروع الأمريكي بعنوان التمكين ثم الانقلاب.

في المقابل، بقيت كتائب عز الدين القسام بأغلبيتها الساحقة في غزة، بقيادة رئيس أركان المقاومة محمد ضيف، إضافة إلى عضو المكتب السياسي في الحركة محمود الزهار، رافضين أي تدخل عسكري في سوريا، ومعتبرين أنَّ الأولوية للمقاومة، وليست للمشروع السياسي الذي سيذهب إلى الاستسلام لـ"إسرائيل" بعنوان التصالح والتسوية والسلم. واعتبروا أنه لا يمكن التفريط في محور المقاومة الذي استطاع تحقيق إنجازات متتابعة في لبنان وغزة والعراق والخروج منه، وأنَّ الأولوية للمقاومة، وليست لبناء سلطة هشة لا مقومات لوجودها وبقائها ضمن المشروع الأميركي.

اليوم تتزامن زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية إلى بيروت مع اتخاذ قيادة الحركة قرارا بالإجماع باستئناف العلاقات مع دمشق، بعد عشر سنوات من المقاطعة ، و بحديث عن زيارة قيادة الحركة إلى العاصمة السورية "عندما يتمّ التوصّل إلى اتّفاق كامل لإعادة العلاقات إلى طبيعتها بين الجانبين"، مع التأكيد أن هذا "لم يعد مستحيلاً، بل يمكن القول إنه بات قريباً، لكن ليس خلال أيام أو أسابيع" وفق مصادر في الحركة  حيث " يجري الترتيب تدريجيا لترجمة الجهود المبذولة إلى خطوات عملية على أرض الواقع".

ووفق مسؤول في الحركة، طلب عدم الكشف عن هويته، فإن "الطرفين عقدا لقاءات على مستويات قيادية عُليا لتحقيق ذلك"، في حين أكّدت مصادر أن "وساطة يقودها حزب الله والحرس الثوري الإيراني، منذ شهور، بين حركة حماس والدولة السورية، وصلت إلى مراحل إيجابية متقدّمة" . 

السؤال الذي يفرض نفسه الان هو : ماذا يعني هذا الاختراق الإيجابي الذي طرأ على صعيد استعادة العلاقات بين حركة حماس  و الدولة السورية ، و"المشهد الجديد الذي ستُكتب فصوله في المرحلة المقبلة " بعد 10 سنوات من القطيعة بسبب أحداث "الربيع العربي "؟ .

يتساءل مراقبون : هل يعني ذلك أن قيادة حركة حماس عادت إلى رشدها و أن قناعة تامة ترسخت داخل الأطر الحمساوية المتعددة ( التنظيمية و السياسية و العسكرية ... الخ ) مفادها أن "الربيع العربي" لم يكن الا مؤامرة استهدفت تدمير البلاد و العباد في الوطن العربي ، و أن لا تضامن عربيا و لا عمل عربيا مشتركا و لا وحدة عربية ناجزة و في البداية و النهاية لا مقاومة حقيقية ضد المشروع الصهيوني الامريكي الرجعي  دون دعم سورية (قيادة و شعبا و جيشا ) .

في السياق من المعلوم أنه منذ العام  1999 اتخذت قيادة حركة حماس من دمشق مقراً لها، قبل أن تغادرها العام 2012 إثر اندلاع الحرب ضد سورية عبر سلسلة متتالية  من الاحداث  و اتخاذ الحركة موقفا عدائيا ضد الدولة السورية ساد اثره توتر وقطيعة رغم أن قيادة الحركة زعمت حرصها على الحفاظ على علاقات متوازنة مع جميع الأطراف العربية، بما يخدم القضية الفلسطينية و أن الحركة ليست طرفا في أي نزاع عربي داخلي، وأنها تقف على مسافة واحدة من الجميع.

غير أن ما جرى خلال العشرية السوداء أكد غير ذلك بقناعة كثيرين حيث مارست حماس دورا تخريبيا في الداخل السوري بقرار من حركة "الاخوان المسلمين" العالمية  و الدول المعادية من خلال دعم الفصائل الارهابية  و تبني مواقفها في تفكيك و تدمير الدولة السورية ( قيادة و شعبا و جيشا و مؤسسات و بنية تحتية ) تحت ذريعة تحقيق التعددية و الديمقراطية و الانتقال السلمي للسلطة و غير ذلك من الاهداف التآمرية القريبة و البعيدة التي خبرها الفلسطينيون و السوريون و كل العرب الا من ارتضى من الرسميات و اصحاب القرار  في الساحة العربية الارتماء الكلي في أحضان المشروع الصهيوني الامريكي الرجعي لارتباط مصالحه مع مصالح هذا المشروع . 

 يرى مراقبون ان على حركة حماس اتخاذ خطوة جريئة بتقديم اعتذار علني إلى الدولة السورية ( قيادة و شعبا و جيشا ) على ما ارتكبته من ممارسات عدائية  خلال العشرية السوداء و تعويض الاضرار التي لحقت بالسوريين و اللاجئين الفلسطينيين  على السواء و لا بأس بإلقاء التحية ابتداءً والردّ عليها بأحسن منها بين دمشق والحركة و إن لم يصدر عن دمشق رسمياً ما يؤكد حدوث اختراق نوعي على صعيد علاقتها بحماس ، لكن طلال ناجي، الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة ، سارع عندما كان أمينا عاما مساعدا للجبهة في وقت سابق إلى نقل تحية الرئيس بشار الأسد إلى مقاومي حماس والجهاد وكل الفصائل المقاومة في فلسطين، وذلك في أعقاب لقاء جمع الرئيس الأسد مع وفد من قادة القوى والفصائل الفلسطينية. 

لعل ما أكده ممثل حماس السابق في لبنان أسامة حمدان أن الحركة لديها رغبة برد التحية بأحسن منها. وقال حمدان إن "موقف الأسد الداعم للمقاومة ليس غريباً ولا مفاجئاً" وأضاف: "نحن نأمل أن تظل دمشق عاصمة للمقاومة وداعمة للحق الفلسطيني، ونحن نعتقد أن هذا الأمر لن يتغير وسيبقى دائماً".

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني