شركات التكنولوجيا العملاقة تحقق نسب استخدام قياسية مع انتشار فيروس كورونا
المشهد - شركات
يعيش الاقتصاد العالمي حالةً من الشلل بفعل تفشي فيروس كورونا، مع ارتفاع خطير في معدلات الانكماش وتضاؤل الإيرادات الإعلانية، غير أن عمالقة التكنولوجيا على رأسهم «غوغل» و»فيسبوك» و»أمازون» يحققون نسب استخدام قياسية
فبين الثلاثاء والخميس من هذا الأسبوع، ستنشر هذه المجموعات شأنها شأن «آبل» و»مايكروسوفت» نتائجها المالية للأشهر الثلاثة الأولى من العام والتي طبعتها التبدلات العالمية الناجمة عن وباء كورونا والأزمة الاقتصادية الناجمة عنه.
غير أن الخدمات التابعة لـ»فيسبوك»، الشبكة الاجتماعية الرائدة عالميا، تسجل إقبالا كبيرا إذ إن عدد الاتصالات التي تسجَّل عبر تطبيقي «واتساب» و»مسنجر» تضاعف منذ شهر ليسجل مستويات مشابهة لتلك المسجلة خلال احتفالات رأس السنة التي تشكل الذروة السنوية في العادة.
كما أن عدد الاتصالات عبر خدمة «تيمز» لمؤتمرات الفيديو التابعة لـ»مايكروسوفت» ارتفع بنسبة الف في المئة.
وفي ظل الارتفاع الكبير في معدلات البطالة، استحدثت «أمازون» 175 ألف وظيفة إضافية في الولايات المتحدة لمواجهة الازدياد الهائل في طلبات الشراء عبر الإنترنت منذ اعتماد مبدأ التباعد الاجتماعي.
أما «غوغل» و»آبل» فستطلقان أدوات جديدة، رقمية أو حقيقية، بينها ما يوفر خدمات أساسية مثل تتبع عمليات التواصل البشري لمكافحة تفشي فيروس كورونا.
مع تدابير الحجر المنزلي، استقطبت خدمات التجارة الإلكترونية عبر «أمازون» مستخدمين كثيرين حتى ممن لم تكن تستهويهم هذه الأنشطة. كما أن أشخاصا مُسِنّين بدأوا باستعمال ألعاب الفيديو. وحتى مناهضي شبكات التواصل الاجتماعي إضطروا إلى الاستعانة بها قسرا في ظل عدم وجود خيارات أخرى متاحة أمامهم للتواصل مع الأصدقاء.
ويقلد الأطفال أهاليهم، كل على شاشته خلال فترة العمل من المنزل. وأعاد كثير من العائلات الاشتراك بـشركة «نتفليكس» لبث الأفلام.
غير أن المشهد لدى كبرى شركات التكنولوجيا ليس ورديا تماما… فالإعلانات، وهي عصب الحرب لدى «غوغل» و»فيسبوك»، هي من أولى الميزانيات التي تقلصت في ظل الصعوبات التي تواجهها الشركات.
ويتعين على الشركات الرقمية توفير خدمة باتت أساسية مع موارد متضائلة. ويعمل موظفو الشركات من منازلهم أو حتى من مستودعات يصعب حمايتها من الفيروس.
ويسجَّل تأخر في إنتاج الأجهزة الإلكترونية (كالهواتف الذكية) والمضامين المخصصة لمنصات البث التدفقي (كالمسلسلات وألعاب الفيديو).
وتعاقبت المجموعات على إعلان تخفيض أو سحب التوقعات المالية لسنة 2020.
ويقول بوب أودونيل من «تك أناليسس ريسرتش» أن «أرقام الربع الأول لن تعكس ما يحصل حقيقة»، لافتا إلى أن «المشكلات لم تبدأ إلا في مارس. السؤال الحقيقي يتمحور حول الطلب خلال الربع الثاني».
نفوذ
وفي مؤشر إلى أن الأرقام الجيدة ليست دليل خير على الدوام، أعلنت «نتفليكس» هذا الأسبوع أرقاما قياسية في الاشتراكات الجديدة مع إبداء قدر كبير من الحذر والتشديد على أن ضبابية تلف الوضع المتوقع في باقي السنة.
وتحاذر الجهات المستفيدة من تدابير الحجر المنزلي إعطاء انطباع بالاستفادة من الأزمة الصحية، خصوصا في ظل صعوبة رصد العادات التي ستعمّر طويلا وتلك التي ستزول سريعا مع انقضاء الأزمة.
وتقول كارولينا ميلانيزي، من شركة «كرييتيف ستراتيجيز»، «حتى اللحظة تقدم هذه المنصات مثل زوم خدمة. لكن عندما سيعود بإمكاننا زيارة الأصدقاء لتناول العشاء، سنتوقف عن تمضية أوقات عبر مؤتمرات الفيديو. ولن يكون ذلك بلا ثمن».
مع ذلك، لا يسود قلق إزاء مستقبل كبرى شركات التكنولوجيا. ويوضح ديفيد سايدبوتوم، المحلل لدى شركة «فيوتشرسورس»، أن «كل القطاع المتصل بالإعلانات سيعاني، لكن لديه ما يكفي من المخزون للمقاومة».
وبصرف النظر عن الأزمة، تعتمد هذه المجموعات إستراتيجية هجومية.
فقد أطلقت «آبل» خدمتها الموسيقية الجديدة «آبل ميوزيك» في 52 بلدا جديدا مع 6 أشهر مجانية للمشتركين الجدد. كذلك أتاحت «غوغل» خدمتها «ستاديا» لألعاب الفيديو على الحوسبة السحابية مجانا لفترة شهرين.
كما أطلقت «فيسبوك» أخيرا تطبيقا لألعاب الفيديو بمنافسة مباشرة مع «تويتش» المملوكة لـ»أمازون» أو «ميكسر» التابعة لـ»مايكروسوفت»، فضلا عن منصة جديدة لاتصالات الفيديو تحمل اسم «مسنجر رومز» تتيح «الغوص» افتراضيا في غرفة جلوس الأصدقاء، لتكون منافسا لـ»زوم».
وتتنافس المجموعات في ما بينها على صعيد المسؤولية الاجتماعية، مع نشر بيانات حول حماية موظفيها والجهود المبذولة لمكافحة الأخبار الكاذبة المتصلة بوباء كورونا وهباتها للمنظمات الخيرية.
وتذهب «غوغل» و»آبل»، صاحبتا نظامي التشغيل الأكثر استخداما على الأجهزة المحمولة في العالم، إلى حد اقتراح إئتلاف غير مسبوق لتقديم تعقب رقمي للأفراد الذين اقتربوا من مصابين بالفيروس.
ويقول بوب أودونيل «هذا مذهل. قد يكون لها أثر حاسم على الكوكب برمّته. هذا يظهر قدرتها ونفوذها إذ لا حكومة في العالم يمكنها التأثير على هذا العدد من الناس في الوقت عينه».