التمرد، سلاح النجوم الفعال في وجه أنديتهم !!

التمرد، سلاح النجوم الفعال في وجه أنديتهم !!

خاص المشهد - كرم هيثم مخلوف

لا تكاد معركة الأندية الأوروبية في الدوريات المحلية و البطولات القارية تنتهي بشراستها، حتى تبدأ معركة جديدة لا تقل شراسةً عن سابقتها إنما من نوع آخر. معركة الانتقالات الصيفية للاعبين على وجه الخصوص، والشتوية بدرجة أقل. ولكن وفي حال طبق الاتحاد الأوروبي لكرة القدم فكرته الجديدة بالسماح للاعب المنتقل في (الميركاتو) الشتوي باللعب لناديه الجديد في بطولة الشامبيونز لييغ وإن كان قد لعب مع ناديه السابق في ذات البطولة، فعلينا الاستعداد منذ الآن لمشاهدة  ميركاتو حار جداً صيفاً وشتاءً.
 
الميركاتو:
 يطلق مصطلح الميركاتو (كلمة إيطالية) على فترة انتقالات اللاعبين بين الأندية في صفقات شراء أو إعارة، وهذه الفترة تعرف من قبل الفيفا باسم فترة القيد.
وهنالك فترتي انتقالات في كل عام، أو كما هو متعارف عليه ميركاتو صيفي وميركاتو شتوي، يختلف موعدهما ومدتهما حسب كل اتحاد وطني وما يتناسب مع جدول مسابقاته المحلية، وبحسب قوانين الفيفا فإن الميركاتو الصيفي يبدأ مع نهاية الموسم الكروي ويمتد حتى بداية الموسم التالي أو بعده بقليل على أن لا تتجاوز مدته الـ 12 أسبوعاً، أما الميركاتو الشتوي فيكون عادة في منتصف الموسم ومدته أربعة أسابيع فقط.
تنتظر الأندية فترتي الميركاتو لتعزيز صفوفها بلاعبين قادرين على معالجة نقاط ضعف الفريق وإضافة الزخم اللازم وفق أسس معينة تحددها سياسات النادي، كما أنها فرصة رائعة للتخلص من اللاعبين الغير ضروريين وتحقيق قدر جيد من الربح من خلال عملية بيعهم.
وفي المواسم الأخيرة ومع دخول المال بقوة لعالم كرة القدم، أصبحنا نشهد جنوناً حقيقياً في الميركاتو من خلال دفع أرقام فلكية في اللاعبين، مما حول كرة القدم إلى تجارة حقيقية، حيث أن بعض الأندية الصغيرة استغلت هذا العامل واتجهت حرفياً لسياسة تفريخ اللاعبين الصغار وبالتالي بيعهم بأسعار تفوق ما تم صرفه عليهم بأضعاف مضاعفة.
وأمام هذا الجنون الكبير، وجدت إدارات الأندية نفسها في موقف صعب في التعامل مع نجومها، فكل الأندية تهتم وتبحث عن نجوم اللعبة في أندية أخرى، وشائعات الانتقالات التي تربط اسم هذا اللاعب مع ذلك النادي لا تكاد تتوقف طيلة فترة الميركاتو وحتى قبل بدايته، ووسط هذا الجنون الذي أصاب عالم المستديرة لم تعد قصص الوفاء والولاء التي عادةً ما تستخدمها إدارات الأندية مع نجومها تجدي نفعاً. فأصبح كل لاعب يسعى لتحقيق حلمه باللعب لنادي كبير وبالتالي كسب المزيد من المال، وإن وقفت إدارة النادي في طريقه ورفضت التخلي عنه، فلهذا النجم سلاح جاهز ... سلاح التمرد.
 
قانون ( بوسمان ) وتمرد اللاعبين :
في عام 1990 قام اللاعب البلجيكي (جيان مارك بوسمان) بتقديم شكوى ضد ناديه المحلي الذي رفضت إدارته انتقاله لنادي فرنسي آخر بعد انتهاء عقده إلا في حال حصولها على مبلغ مالي معين !!
لم يدخر بوسمان جهداً في سبيل تحقيق حلمه وناضل طوال خمس سنوات داخل أروقة اليويفا ليحصل أخيراً على حكم قضائي يسمح له بالانتقال لذلك النادي الفرنسي دون دفع أي مقابل مادي لناديه البلجيكي.
ويُعد قانون بوسمان الذي صدر عام 1995 السبب الرئيسي فيما نشهده حالياً من حالات التمرد، حيث قلص هذا القانون من صلاحيات الأندية، ومنح في المقابل المزيد من الحرية للاعبين في التنقل من فريق إلى آخر حتى قبل انتهاء عقودهم بمجرد دفع الشرط الجزائي للنادي.
كما سمح ذلك القانون للاعبين بإمكانية التفاوض مع أي نادِ آخر وذلك قبل ستة أشهر من نهاية عقدهم ومن دون الرجوع لإدارات الأندية التي يلعبون فيها.
وفي حين تسعى الأندية جاهدةً للاحتفاظ بنجومها، نجد بأن اللاعبين لا يوفرون الفرصة في الانتقال لأندية أخرى مدفوعين بعوامل عديدة لعل أبرزها العامل المادي والسعي لتحقيق الألقاب وكسب المزيد من النجومية خلال مسيرتهم الاحترافية.
وعند عدم التوصل لاتفاق يقضي بالاستمرارية بين النادي واللاعب يحدث الشرخ بينهما، فيستغل اللاعب كل أساليب الضغط الممكنة لإجبار ناديه على السماح له بالرحيل وإن لم يفلح فلا بأس بالتمرد كحل أخير.
وتختلف أساليب التمرد بين لاعب وآخر حسب نجوميته بطبيعة الحال، ولكن الغالبية العظمى منهم يعملون على تحويل قضية تمردهم إلى قضية رأي عام مستغلين شغف الصحافة ووسائل الاعلام الرياضية بمثل هكذا أخبار، ويلجأ اللاعب المتمرد لرفض خوض المبارايات الاستعدادية ويتعمد مقاطعة تدريبات ناديه كوسيلة ضغط إضافية على إدارته، التي غالباً ما ترضخ لمطالب لاعبها المحمي حسب قانون بوسمان، وخشية خروجها خالية الوفاض في حال انتقال اللاعب بصيغة انتقال حر مع نهاية عقده.

أشهر حالات التمرد :
يعد الظاهرة البرازيلي رونالدو عراب المتمردين، فهو أول من أعلن حالة التمرد بين اللاعبين بعد صدور قانون بوسمان، كما أن لديه باع طويل في التمرد على الأندية التي لعب بها. فكانت بدايته الأولى مع نادي (آيندهوفن) الهولندي، عندما وجد نفسه أكبر من النادي ومن الدوري الهولندي، وأعلن رغبته في الانتقال لبرشلونة الاسباني، حينها قاومت إدارة آيندهوفن رغبة نجمها البرازيلي حتى رضخت أخيراً لمطلبه خشية رحيله مجاناً. وفي برشلونة عاد اللاعب نفسه ليعلن التمرد من جديد على ناديه مبرراً ذلك بعدم تلقيه التقدير المناسب من النادي عند تجديد عقده، لتصبح قضيته قضية رأي عام عالمية دفعت الفيفا للتدخل، مما اضطر إدارة نادي برشلونة بالسماح له بالانتقال لنادي (إنتر ميلان الإيطالي).
ولم يقتصر تمرده عند هذا الحد، فلجأ مجدداً للتمرد على إدارة الانتر للسماح له بالعودة مجدداً لإسبانيا ولكن إلى نادي ريال مدريد هذه المرة وكان له ما أراد في نهاية المطاف.
إذاً فإن رونالدو لم يكن بارعاً في أرضية الملعب فحسب، بل كان كذلك أيضاً في حالات التمرد التي استخدمها كوسيلة فعالة في تحقيق رغباته بالانتقال من فريق إلى آخر.
وعند الحديث عن ظاهرة التمرد لا بد من أن نتذكر العديد من الحالات التي كتب لها النجاح في النهاية، وكان آخرها تمرد حارس نادي تشيلسي السابق، البلجيكي (كورتوا) الذي انتقل هذا الموسم إلى نادي ريال مدريد الاسباني.
فالمواسم الأخيرة شهدت الكثير من حالات التمرد لنجوم الكرة العالمية، فمن تمرد نيمار البرازيلي على نادي برشلونة، إلى تمرد عثمان ديمبلي على ناديه السابق بوروسيا دورتموند الألماني، مروراً بتمرد البرازيلي كوتينيو على ليفربول، و تمرد النجم الحالي للمان سيتي الأرجنتيني أغويرو على أتلتيكو مدريد، وصولاً لتمرد اللاعب الإنكليزي رحيم سترلينغ على نادي ليفربول صاحب الفضل في صنع نجوميته وصقل موهبته.
بالمقابل فهنالك حالات تمرد لم يكتب لها النجاح لعل أبرزها حالة لاعب بايرن ميونخ الحالي، الفرنسي فرانك ريبيري الذي حاول التمرد على ناديه من خلال غيابه عن تدريبات الفريق لدفع إدارته بالسماح له بالرحيل إلى ريال مدريد، ولكن إدارة النادي الألماني تداركت الموقف وقامت بتفعيل بنود ووضع شروط تعجيزية في عقد اللاعب مما جعل مسألة انتقاله للدوري الاسباني شبه مستحيلة، ليرضخ اللاعب بعدها للأمر الواقع ويبقى ضمن أسوار القلعة البافارية حتى الآن.

و بالعودة للأب الروحي للمتمردين (بوسمان) الذي أطلق تصريحاً يعتبر فيه بأن كرة القدم قد تحولت إلى عمل تجاري بحت، وبأن اللاعبين باتوا يتقاضون أرقاماً فلكية ولا يحترمون عقودهم مع أنديتهم !!
يمكننا القول بأن تمرد الحارس البلجيكي  كورتوا لن يكون الأخير حكماً، وسنشهد في المستقبل الكثير والكثير من حالات التمرد لدى اللاعبين في ظل هيمنة المال على اللعبة الشعبية الأولى في العالم.

 

 


 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني

الأكثر مشاهدة هذا الشهر