مؤسس "منصة تأكد" السورية: معايير عملنا معتمدة وملزمة من الشبكة الدولية لتقصي الحقائق وشروط الانضمام تخضع لعملية تحقق سنوية

مؤسس "منصة تأكد" السورية: معايير عملنا معتمدة وملزمة من الشبكة الدولية لتقصي الحقائق وشروط الانضمام تخضع لعملية تحقق سنوية

تلعب منصة "تأكّد" دوراً كبيراً في إنقاذ الجمهور السوري من سيل الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة التي تنتشر كالنار في الهشيم بعد كل حدث أمني أو سياسي، والتي ازدادت وتيرتها بنسبة كبيرة منذ سقوط النظام السوري. وأصبحت هذه المنصة التي حازت عام 2022 "جائزة الحقيقة العالمية" عن فئة التحقيقات، ملجأ الكثير من السوريين الراغبين في التحقق من صحة بعض المعلومات أو مقاطع الفيديو المنتشرة،  وخصوصاً بعدما أثبتت حياديتها وعدم انحيازها إلى طرف ضد آخر.

جريدة "النهار" حاورت مؤسس المنصة الصحافي أحمد بريمو بشأن وظيفة هذه المنصة وأهدافها والمعايير التي تتبعها في عملها، بالإضافة إلى النتائج التي توصلت إليها بخصوص بعض الأحداث والقرارات التي شغلت الرأي العام في الآونة الأخيرة. هنا نص الحوار:

*ما هي منصة "تأكّد"، متى تأسست وكيف تطور نشاطها وإلى أين وصلت اليوم؟
- هي منصة سورية تأسست في مدينة حلب عام 2016. وكانت عبارة عن فكرة  يمكن وصفها بفكرة وليدة تجارب شخصية، لأني كمؤسس لهذه المنصة، تعرضت لعمليات اعتقال عديدة على أيدي النظام السوري وعملية اختطاف على أيدي تنظيم "داعش"، فكان السؤال الذي يراودني دائماً ما الذي يدفع الناس إلى دعم هؤلاء المجرمين، سواء أكان النظام أم "داعش"، وكان الجواب ببساطة هو التضليل الذي يساهم في غسل عقول الناس وإقناعهم بأن الخصم هو الشيطان المطلق والطرف الآخر هو الخير المطلق. هذا في الحقيقة كان أحد أسباب تأسيس المنصة، بالإضافة إلى الانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام البديل، وانتشار ظاهرة المحتوى الذي يصنعه المستخدم، كل هذه الظواهر ساهمت في تحويل المعلومة إلى ضحية، والحقيقة كانت الخاسر الأكبر.

*تؤدون دوراً كبيراً في تصحيح الكثير من المعلومات والأخبار التي يجري تداولها، ما هي أهم المعايير والآليات التي تتبعونها لتحقيق ذلك؟
- هي معايير معتمدة وملزمة من الشبكة الدولية لتقصي الحقائق التي تضم معتمدين من كل دول العالم. وشروط الانضمام إلى الشبكة تخضع لعملية تحقق سنوية. وأهم المعايير التي يجب الالتزام بها هي: الاستقلالية، الدقة، الوضوح، التوازن، الموضوعية، النزاهة والرصانة.
وهناك معايير أخرى مثل التزام المعلومات من دون الإدلاء بأي رأي. ونحن نقرّ بأننا قمنا ببعض التجاوزات إبان سقوط النظام إذ أخذنا نبدي رأينا في ما يتعلق بتوجيه رسائل إلى السلطة. على سبيل المثال عندما كثرت أعمال الانتقام ضد فئة من السوريين صرنا نوجه رسائل إلى السلطة بأن تقف عند مسؤولياتها وتلتزم حماية جميع السوريين، فنحن أخللنا بالمعيار السابق لكن كانت الضرورة ملحة وفعلنا ذلك من منطلق وطني ومن منطلق حرصنا على وحدة سوريا. وهناك العديد من المعايير الأخرى مثل تجنب إطلاق الأحكام واحترام الملكية الفكرية وتجنب الترويج للعنف.

*تحتل حمص اليوم أهمية كبيرة بسبب الضخ الإعلامي الذي يرافق الحملات الأمنية التي تقوم بها إدارة العمليات العسكرية، كيف تعاطيتم مع الموضوع وما هي أهم الأخبار التي نفيتم أو أكدتم حصولها في حمص؟
- محافظة حمص لها وضعية خاصة، لكن ليس فقط حمص، بل كل مناطق الساحل السوري، ودعنا نقول بصراحة المناطق التي يقيم فيها المكوّن العلوي، فكل هذه المناطق لها خصوصية، ويجب أن يتم التعامل معها بحذر، سواء على الصعيد الإعلامي أم الدولي. ويمكن القول إننا نشهد اليوم ما يمكن وصفه بعدم مهنية وعدم احترافية من السلطة الحالية التي تمثل الدولة السورية بخصوصية هذه المناطق. وكنا نأمل بأن يكون التعامل بسياق آخر وأسلوب مختلف، لكن للأسف هذا هو الواقع ونحن لا ننكر الواقع، وحين نسأل عبر الرسائل أو طلبات التحقق التي تردنا عن حقيقة فيديو يتضمن مشاهد إذلال أو اعتداء عنيف فإننا نؤكد بعد التحقق من الفيديو أنه صحيح، وإذا كان غير صحيح نقول إنه كذلك. لكن هناك أيضاً حالة من حالات تضليل الجمهور في ما يتعلق بالفيديوات الواردة من حمص تحديداً، وأنا هنا لا أبرر بل أوصّف. ومثال ذلك أننا رصدنا مقاطع يتم توثيقها على أنها تتضمن أعمال عنف طائفي ضد أشخاص فقط لأنهم من الطائفة العلوية، وهذا الأمر يكون فيه تضليل لأن بعض هذه المقاطع، رغم رفضنا لأي اعتداء من حيث المبدأ، يكون الضحية أو المعتدى عليه من الأشخاص المتورطين في الدم السوري. وعليه فإن وضع هذه الأعمال في خانة الاعتداءات الطائفية يعد من قبيل التضليل. ويجب أن يُقدم السياق بشكل كامل وواضح للجمهور، ويبقى أن موضوع التحقق مما إذا كان المعتدى عليه متورطاً في الدم أو غير متورط من اختصاص القضاء وليس من شأننا نحن كصحافيين لأنه يحتاج إلى جمع الشهادات وتقديم الأدلة وكثير من الأمور الأخرى.

* بالنسبة إلى موضوع تغيير المناهج، حدث لغط كبير بشأن تراجع الإدارة عنه، هل بإمكانكم إثبات هذا التراجع أو نفيه وما هي طبيعته وحدوده؟
- بالنسبة إلى موضوع تعديل المناهج فإن الإدارة لم تتراجع بحسب متابعتنا.

*بالنسبة إلى تعيين محسنة محيثاوي كأول امرأة في منصب محافظ لمحافظة السويداء، هل ثبت القرار عندكم؟
- لم يثبت قرار تعيين محسنة محيثاوي في منصب محافظ لمحافظة السويداء. وهذا أحد المآخذ أو لنسمّها أوجه التقصير التي تقوم بها السلطة الحالية. فهناك الكثير من القرارات التي تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي أو وسائل الإعلام الأخرى، لكن عند العودة إلى المعرّفات الرسمية أو الصفحات الرسمية لا نجد تلك القرارات. ونفي مثل هذه القرارات لا يمكن أن يكون دقيقاً لأنه حتى الآن هناك قرارات تصدر ولا يتم تعميمها أو نشرها للجمهور، ومسؤولية ذلك تقع على عاتق السلطة لأن عليها تفعيل وسائل الإعلام بشكل أفضل.

*هل يتطلب عملكم تقديم جهة ما طلباً للتأكد من خبر أو معلومة، أم تبادرون من تلقاء أنفسكم لتصحيح بعض المعلومات من دون طلب؟ وما هي أسباب اختياركم بعض المعلومات دون غيرها؟
- عملنا يقوم أساساً على رصد ما هو متداول أو مثير للجدل أو محط اهتمام الجمهور السوري، لكن بعد الانفجار الذي حصل بعد سقوط النظام في أعداد المتابعين، بتنا نستقبل حرفياً آلاف الرسائل يومياً من الجمهور على مدار الساعة. هذه الرسائل تحتوي على طلبات للتحقق أو التأكد من المعلومات، وهذا مؤشر إيجابي حقيقةً – من وجهة نظرنا- لأنه يدل على أن الناس بدأت تثق بمنصة "تأكد"، من جانب، ومن جانب آخر، على أن الناس أخذت تعي ضرورة التحقق من المعلومات والأخبار قبل المشاركة. ويمكننا القول إن أحد أهم الأمور السلبية التي لاحظناها في الأيام الأولى لسقوط النظام هو المشاركة العشوائية، فقط لمجرد المشاركة، من دون تمييز بينما هو صحيح وغير صحيح. أما اليوم فقد بدأنا نلاحظ وجود تفكير نقدي أكثر من الجمهور وكذلك زيادة الوعي بخطورة المعلومات المضللة، وهو ما انعكس على شكل زيادة الطلبات التي ترد إلينا. ونحن بالطبع غير قادرين على استيعاب كل هذا الكم الهائل من طلبات التحقق لذلك نتعامل معها وفق منهجية المنصة في تحديد المحتوى الذي سوف ننشر عنه أو نتابعه.

* ما هي النصائح التي يمكن أن تقدمها لرواد مواقع التواصل الاجتماعي من أجل عدم الانجرار وراء الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة؟

- ثمة نصائح كثيرة، ونحن ننشرها تباعاً في سياق عملنا، لأن عمل منصة "تأكد" لا يقتصر على تدقيق المعلومات وإنما أيضاً على نشر التربية الإعلامية أو التوعية الإعلامية. وقد أعددنا كتاباً من 230 صفحة تقريباً يتضمن جملة من النصائح والأدوات التقنية والصحافية التي تساعد على الوقاية من الوقوع في فخ التضليل. لكن النصيحة الأولى والأخيرة والتي يمكن أن تكون حصناً منيعاً يقي من الوقوع في فخ التضليل هو الشكّ. إذ فقط هو الشك الذي يمكن أن يكون صمام الأمان للشخص وللمجتمع.

النهار 

شارك برأيك .. لتكتمل الصورة


استطلاعات الرأي

يجب ان تختار خيار قبل ارسال التصويت
هل تعتقد أن الوقت قد حان لبدء تطبيق الدفع الإلكتروني في سوريا؟
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني
النتائج
نعم، حان الوقت لبدء تطبيقه وفرضه فوراً وهو ضروري للاقتصاد
لا، يجب إعداد بنية تحتية تقنية ومن ثم البدء بفرضه
لا، غير جاهزين بالوضع الراهن نهائياً لتطبيق الدفع الإلكتروني