دكتور في الاقتصاد للمشهد : المسائل المتعلقة بعمل وزارة حماية المستهلك أصبحت خاضعة لتسارع الأحداث وتراكمها وإمكانية علاجها دون الآمال على المدى القريب
ميس ابراهيم | المشهد
يرى الخبير الاقتصادي الدكتور محمد كوسا ان ما جاء في حديث وزير حماية المستهلك الأخير من انتقاد لوزارته ودعوته إلى اصلاحات بنيوية لمهامها الأساسية وصياغة منظومة ادراية واقتصادية جديدة هو طريقة حوار تتوافق مع التوجه الحكومي نحو خلق علاقات جديدة بين الحكومة والمجتمع وبناء نوع من التوافق على الاهداف والسياسات وانتاج الحلول بشكل تشاركي.
ويقول د.كوسا للمشهد : هذه المصارحة للوزير لؤي المنجد يمكن اعتبارها تعريفات أولية للواقع الذي تعمل به الوزارة بغض النظر عن قربها أو بعدها عن الاسس العلمية أو المعرفية في تشخيص الواقع وتحليله وقراءته وهو ما يقوم به أيضاً رئيس الحكومة وبعض الوزراء بتقديم الواقع وتوصيفه كما هو.
الخبير الاقتصادي اعتبر خلال حديث له مع المشهد ان المسائل التي تخص وزارة حماية المستهلك وما يخص العمل الحكومي بشكل عام وقضايا الشأن العام لاتظهر من خلال معطيات ثابتة أو اسباب محددة أو سياسات واضحة يمكن القيام بتحليلها ووضع العلاجات لها، بل باتت المسألة خاضعة لتسارع الاحداث وتراكمها واصبحت امكانية العلاج أو السيطرة دون الآمال في المدى القريب.
ويضيف د. كوسا : مثلاً التضخم ومعدلات الأسعار المرتفعة والمتسارعة ترتبط بمسائل متشابكة وجهات متعددة ومتداخلة مثل معدلات الانتاج ومستوى تدفقات سلاسل التوريد والمستوى العام للاستهلاك، بالإضافة إلى ارتباطها وتعلقها بشدة بمستوى الدخل والقدرة الشرائية وبمستويات التشغيل والبطالة والاستهلاك وتأمين مستلزمات الإنتاج والتعليم والخبرات البشرية والفنية والعامل التقني والفساد ودور القطاع الخاص وثقافته والموقع الاقتصادي للقطاع العام.
وبحسب راي الخبير فإن المسألة اليوم لاترتبط بوازرة معينة بل في عملية التناغم بوضع وتنسيق الحلول وترتيب الاولويات وتجنب التقصير او التضارب في الأهداف والمشاركة في وضع الحلول.
وحول مسألة تخلي الوزارة عن مسؤولية تسعير المواد يرى الدكتور كوسا أنه لا يمكن استبعاد مسألة "التسعير الحكومي" بشكل نهائي، ويوضح : الكثير من الاقتصادات الحديثة وخصوصاً البلدان التي تتعرض للأزمات لجأت إلى استخدامه في حالات كثيرة آخذة بعين الاعتبار الاوضاع الاقتصادية السائدة في بلدانهم حيث أن فكرة التسعير الحكومي لأسعار الخدمات الحكومية والخاصة في الصحة والتعليم أو المشتقات النفطية واسعار الطاقة بالمجمل قد تكون ضرورية في اوقات الازمات والحروب وفترات الانتقال الاقتصادي، فمسألة تسعير الخبز على سبيل المثال خط أحمر ضمن سياسات الدولة العليا وهي مسؤولية ومهمة حساسة لدى وزارة التجارة الداخلية كما هو حال الدعم الذي يعتبر من السياسات الفوق حكومية.
وبالعودة إلى حديث الوزير المنجد يرى الدكتور كوسا انه اغفل مهام حساسة مناطة بعمل الوزارة منها متابعة جودة المنتجات وتاريخ الصلاحية والصحة والسلامة ومتابعة ودراسة الأسواق والمواصفات القياسية والمنتجات المعدة للاستهلاك من قبل القطاع غير المنظم واختبار مطابقتها للقوانين وغيرها من حالات الفساد أو الترهل في العمل الإداري والتنظيمي للوزارة.
ويضيف د. كوسا : إذا كانت الأمور تسير بشكل جدي بالاتجاه الذي تحدث عنه الوزير فيما يخص التعديلات التشريعية الجذرية في قانون التجارة وقانون الشركات والقانون رقم /8/ حماية المستهلك وقانون الحماية الفكرية فهذا يعني تغييرا في العلاقات المتبادلة بين الوزارة والمجتمع أو بمعنى آخر اعادة تشكيل وهيكلة سلطات وزارة التجارة الداخلية، لكن المهم بحسب رأي كوسا أن يكون هذا التوجه مرتبط ومتاح فقط ضمن سياسات الدولة العليا والتوجيهات العامة لا أن يكون تراكماً جديداً على العقبات مع الاشارة إلى ان التعديلات الجذرية على القوانين المذكورة تعتبر سياسات فوق حكومية لأنها تتعلق بطريقة خلق الثروة والتي تعتبر صورة ومظهر لكل العلاقات المتبادلة بين الناس وبالنتيجة هذا التوجه مقبول إذا كان يعمل على التوافق مع التغير الحاصل في مستوى النظام الضروري اجتماعياً.
ويتابع الخبير الاقتصادي : إن تحديد الاولويات الاجتماعية مهمة الحكومة وفي العمل الحقيقي هناك حاجات اجتماعية تعتبرها السياسات العامة اهداف وحتى تدرك السياسات تطور الحاجات الاجتماعية بصورة واقعية يجب أن تتوفر فيها شروط لاتتحقق بالمعادلات الرياضية أو النموذجية أو القرارات الموقفية التي يفرضها الموقف بل يجب أن تتواجد حالة وعي كامل بالغايات وتعريف الواقع جيداً ويجب ان تعرف المواضيع وتقدم بصورة ذهنية مقنعة او بصورة بصرية واضحة لان تحديد الاولويات وترتيبها ليست وجهة نظر بل هي مسالة تدفع الحياة نحو الافضل في مواجهة كتلة من التراكمات القديمة المعيقة.