في ظل الحاجة والعجز.. طلب العون وطرق الأبواب لدفع تكاليف العلاج
المشهد - ميساء رزق
فتحت لها باب منزلي بعد طرق لطيف وخجول عليه، سيدة ستينية يطغى على محياها لبوس الفقر وتعب السنين.. وعلى استحياء وبعد إلحاح مني دخلت لترتاح بعد صعودها ثمانية طوابق لتصل منزلي.. بكسرة ودموع شرحت لي سبب طرقها الأبواب وسؤال المال وطلبه وهي العاجزة عن العمل لمرضها وسوء حالها، فحفيدها ابن الثمانية أشهر تعرض لحرق شديد في جميع أنحاء جسمه يستدعي العلاج المكثف والمكلف، وابنها براتبه الهزيل غير قادر على تلك التكاليف، لتندر على نفسها طلب المساعدة من أصحاب الخير علّ ما تُحصّله يسد جزءاً من مصاريف العلاج وتسند جرة ابنها ببعض العطايا.
لم أشك للحظة بصدق روايتها فدموعها ورجفان يديها أصدق من الكلام، وما تأففها عن تناول الطعام إلا دليل آخر يضاف لعفة روحها وصدقها.
ما صادفته اليوم لم يكن أول ولا آخر حالة أشهد عليها، فالأرصفة يفترشها العشرات من المرضى براشيتات وتقارير طبية -إن لم يكن كلها فجلّها- حقيقية يعجز أصحابها عن تأمين تكاليف طبابتهم المرتفعة، فالمشافي الحكومية تعالج وتطبب ولا تقدم الدواء المزمن والعلاجات المنزلية.
أسعار الطبابة والأدوية مرتفعة ومستحيلة التأمين على شريحة كبيرة من المرضى، وهذا مؤلم جداً ولكن الأكثر إيلاماً هو العجز المطلق عن الحصول عليها واضطرار الكثيرين للسؤال والتسول ومد اليد ليُعطوا أو يُمنعوا.
هامش.. لم نتطرق هنا ونناقش فكرة التسول (المهنة) لتحصيل المال السهل، بل تحدثنا عن حالة من حالات كثيرة لم تجد إلا هذا الباب لتأمين تكاليف علاجاتها وما أكثرها.