حكومة على الأبواب ومواطنون مترقبون
مع إسدال الستار عن انتخابات مجلس الشعب الاخيرة في ظل تسارع للأحداث داخليا ودوليا بشكل يمكن ان يحمل في طياته اللمسات الاخيرة لنهاية الازمة السورية ينتظر السوريون اليوم حكومتهم الجديدة.
بحسب الدستور السوري، تُعدّ الحكومة الحالية حكومة تسيير أعمال "عند انتخاب مجلس شعب جديد" وفقاً للمادة 125 من الدستور. وتستمر على هذا الحال ريثما يصدر رئيس الجمهورية مرسوم تسمية الوزارة الجديدة،
فماذا يريد المواطن السوري من الحكومة الجديدة ؟
تفاقمت المصاعب الاقتصادية التي عاشها السوريون خلال السنتين الأخيرتين خصوصاً ويمكن تتبع التراجع المعيشي خصوصاً من مؤشر موازنة الدولة التي بلغت 35 ألف مليار ليرة سورية للعام الحالي، وبعجز يصل إلى 9.4 ألف مليار ليرة. وبحسب سعر الصرف في السوق الموازي، لا تتعدى تلك الموازنة 2.5 مليار دولار، أي أنّها أخفض من ميزانية عام 2023 البالغة 16.5 ألف مليار ليرة، أو ما يعادل 3.6 مليار دولار، بحسب سعر الصرف في حينه، ومقارنة بنحو 5.3 مليار دولار عام 2022، و6.8 مليار دولار عام 2021، و9.2 مليارات دولار عام 2020 ونظرة سريعة على مشهدية الوضع الحالي في سورية نبدأها من سياسات الدعم حيث بدأت الحكومة اتخاذ خطوات جريئة تأخرت لعدة سنوات باتجاه منح الدعم النقدي المباشر وهنا سيكون المواطن هو المراقب التمويني كونه سيتولى الانفاق الحكومي بشكل مباشر , اسعار الصرف شبه ثابتة منذ عدة اشهر وهو ما ساهم في تخفيف حدة التضخم الجارف كثيرا
الأسعار بالنسبة للسلع والمواد الأساسية شبه ثابتة خلال الشهرين الماضيين كون سعر الصرف ثابت باستثناء الاسعار والتعريفات التي ترفعها الحكومة ضمن سياسة ادارة الدعم الجديدة.
حالة من الجمود العقاري وأيضا جمود في سوق السيارات نتيجة حالة الترقب للمرحلة القادمة فتسارع الاحداث يوحي بانفراج قريب لا سيما بعد ان بدأت الدول الاوربية اعادة سفرائها بشكل تدريجي فعليا او تمهيديا, هذا من جهة ومن جهة ثانية يكثر الحديث عن سيارات كهربائية او مستعملة او مشاريع سكنية بتقسيط طويل الاجل .
إيرادات النفط أيضا لا تزال خارج الموازنة العامة نتيجة استمرار سيطرة قوات قسد والاحتلال الأمريكي على الحقول الرئيسية .
مشروع الإصلاح الإداري يتقدم بشكل جيد مع صدور العديد من قرارات الدمج والهيكليات لإعادة هيكلة القطاع العام بشكل يجعله قادرا على التكيف مع المتغيرات وينتقل من حالة الترهل التي عانى منها لسنوات طويلة .
الآن بعد كل ما سبق ما هي الخطوط العريضة التي ينتظرها المواطن من الحكومة القادمة :
ثمة ملفات كبيرة ينتظرها المواطن من الحكومة الجديدة تمس معيشته ، أبرزها مشروع تحويل الدعم الاجتماعي على سلع أساسية كالخبز والسكر والمازوت والغاز المنزلي إلى مبالغ مالية مباشرة توضع في حسابات مصرفية للعائلات المستفيدة من الدعم حتى اليوم، وهو التحدي الابرز للحكومة القادمة بحيث تتمكن من الوصول لنهاية المشوار بدون موجات تضخمية جارفة
موضوع اخر غاية في الاهمية وهو استنزاف المجتمع السوري من الكفاءات وهجرتها وخاصة الاطباء المهنيين وغيرهم تحت ضغط الظروف المعيشية. والتراجع الحاد الذي أصاب العملية التعليمية تبعاً للحرب ومغادرة آلاف الكوادر التعليمية والمهنية التي تحتاجها تلك العملية.
ايضا لابد من ان تعمل الحكومة على خلق مناخ يشجع دخول الاستثمارات والأموال الراغبة بالعمل في سوريا. وينطلق ذلك من مسلمة أن أي انتعاش اقتصادي لا بدّ أن ينطلق من مناخ جاذب أو غير طارد على الأقل، لدخول مستثمرين سوريين بالدرجة الأولى يعملون في مشاريع واعدة ضمن البنى التحتية.
ايضا يجب ان تضع الحكومة نصب عينيها إعادة إحياء الطبقة المتوسطة فهي عماد الاستقرار الاجتماعي في أية مجتمع وهنا يجب اعتماد منهج متوازن يؤدي لزيادة الرواتب والأجور وتحقيق استقرار الأسعار والمحافظة على مستويات منخفضة لأسعار الصرف وتوزيع الدخل القومي بطريقة اكثر عدالة بهدف إعادة التوازن الطبقي المنشود لحماية الاستقرار الاجتماعي في سورية
.أخيرا يجب ان نقول كلمة حق فالحكومة ليس بيدها عصا سحرية تحركها فتحل مشاكل المواطن السوري ولكن الحكومة القادمة قد تملك ما يشبه العصا السحرية ضمن مناخ انفراجات سياسية تلوح بالأفق عبر انفتاح عربي متزايد على سوريا توجته الرياض بإرسال سفير لها وإعادة حركة النقل الجوي السعودي والبحريني نحو دمشق، وتحرك روسي – عراقي نشط على مسار دمشق – أنقرة يبدو مشجعاً تبعاً للقاء مرتقب بين الجانبين، وتصريحات رفيعة المستوى كسرت كثيراً من الجمود في اتجاه تنشيط تفاوضٍ يُعيد علاقات البلدين، وينعكس، إذا ما نجح، بعمق انفراجات جدية في الأزمة التي تواجهها سوريا منذ عام 2011. كل هذا يشكل عناصر قوة للحكومة القادمة لكسب ثقة المواطن السوري وتحقيق تطلعاته المستقبلية.