تحلية مياه البحر في سورية خيار استراتيجي مستقبلا
عرف البشر تطويع مياه البحر لجعلها صالحة للشرب منذ قديم الأزل، إذ كان البحارة اليونانيون القدماء يقومون بغلي مياه البحر فيما عمد الرومان القدماء إلى استخدام أنابيب طينية لإزالة ملوحة مياه البحار.
اليوم العالم يواجه أزمة شح المياه". هي الاعنف عبر التاريخ مترافقة مع التغيرات المناخية . ورغم أن المياه تغطي حوالي 70% من سطح الأرض، ما يُقارب الـ 326 مليون تريليون جالون، إلا أن نسبة واحد بالمئة منها فقط صالحٌ للشرب، فيما تتعرض موارد المياه العذبة المحدودة لضغوط بشكل متزايد مع ارتفاع عدد سكان الكوكب وتوزيع المياه العذبة بشكل غير متساو وتكرار مواسم الجفاف الضارية جراء تفاقم ظاهرة التغير المناخي .
حتى اليوم عمليات التحلية لا تزال حكرا على الدول الغنية حيث أن أكثر من 90% من عمليات تحلية المياه تتم في بلدان ذات دخل متوسط أو مرتفع، رغم أنه يُتوقع أن تصبح البلدان الفقيرة مثل دول منطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا، "بؤرا ساخنة" لندرة المياه بحلول عام 2050.
سورية تعاني ازمة مياه كبيرة تفاقمت خلال السنوات الماضية وهي ناجمة عن شقين شق يتعلق بتأمين الطاقة لتشغيل محطات الضخ وشق يتعلق بالمياه وندرتها , ومن هذا المنطلق اعلنت الحكومة مشروع تحلية مياه البحر منذ العام 2020، ويهدف إلى مواجهة ظاهرة الجفاف وضمان توفير مصدر مائي داعم واحتياطي من خلال تحلية مياه البحر واستجرارها.
الهدف من المشروع هو تأمين مياه الشرب للمناطق الساحلية والوسطى والجنوبية، بالإضافة إلى تلبية احتياجات المنشآت الصناعية والسياحية من الماء.
ولكن حتى تاريخه لم يتم تنفيذه بعد، حيث تم بدء العمل عليه من قبل وزارة الموارد المائية بالتعاون مع شركة نمساوية متخصصة، لكن بسبب جائحة فيروس كورونا، تم تأخير المشروع.
لكن تأكيدات تشير إلى استمرار العمل في جمع البيانات والمعلومات اللازمة، مع الخطة لاستكمال المشروع خلال ثلاث سنوات.
اليوم هناك مقاربات تحكم استمرار العمل بالمشروع اولها تكلفته الباهظة جداً، حيث هناك مشاريع أخرى تحظى بأولوية أكبر. في ظل الحاجة إلى ضرورة استخدام التكاليف العالية للمشروع في مشاريع أخرى تؤثر بشكل مباشر على حياة الناس. ضمن الوضع المعيشي السئ جدا.
من جهة أخرى، يرى بعض المصادر أن المشروع لن يكون ناجحاً حتى لو تم تنفيذه، نظراً لاختلاف الطبيعة والخصائص الجغرافية والمناخية لكل منطقة.
جميع التبريرات لتأجيل المشروع مرفوضة لعدة أسباب أولها ان أن جميع الدراسات تشير إلى أن سوريا تعتبر منطقة جافة، مما يجعل من الضروري العمل على إيجاد حلول لتأمين المياه قبل أن يزداد التفاقم.
السبب الثاني مسألة الزراعة وفي ظل شح مياه الشرب يتم فرض قيود على مسألة الري خاصة في قنوات الجر اضافة لحجب بعض المحاصيل وهنا المشروع يمكن ان يشكل رافعة اقتصادية ولوجستية لبعض المزروعات الرئيسية.
السبب الثالث يكمن في امكانية استخدام المياه لتوليد الطاقة الكهربائية باستخدام طرق تقنية متنوعة ولو بكميات محدود لزيادة ساعات التغذية بالمياه للقرى النائية.
بالنسبة للتكاليف يمكن مشاركة القطاع الخاص باعتماد اسلوب التشاركية او الحصول على قرض ميسر من البلدان الصديقة او حتى السماح للقطاع الخاص الخوض به منفردا ضمن شروط معينة ومحددة.
بشكل عام، يعتبر التحدي الرئيسي في المرحلة القادمة حل مشكلة المياه التي تواجه العالم وضرورة التوجه إلى حلول فعّالة تحقق الأولويات وتحدّ من آثار الجفاف على السكان والبيئة.