الطاقة الشمسية في سورية نعمة أم نقمة
سورية اليوم تواجه أزمة طاقة خانقة حيث لا تزيد ساعات التغذية اليومية عن ساعتين في بعض المناطق ولم تتمكن وزارة الكهرباء من تأمين التغذية الكهربائية للمنشآت الصناعية بشكل كامل.
أزمة الطاقة نجمت عن سلسلة من الأحداث التراكمية وقبل الازمة وبينما كان الجميع يحاول البحث عن المصادر البديلة للطاقة مدفوعين بضغط قوى خارجة عن سيطرة الإنسان أبرزها انخفاض إنتاج الوقود الاحفوري والازدياد الكبير لاستهلاك الطاقة في العالم والناجم عن النمو الاقتصادي الكبير كنا نعيش في نعيم رخص اسعار الطاقة وهذا ما اغفلنا عن مواجهة المشكلة قبل الازمة بشكل جدي!
بعد بداية الحرب في عام 2011، واجه قطاع الطاقة الكهربائية مشاكل كبيرة بداية من صعوبة تأمين مواد الطاقة اللازمة لتشغيل المحطات ووصولا إلى عمليات التخريب الإرهابية التي طالت منشآت هذا القطاع ورغم ذلك استمرت الحكومة بتأمين الكهرباء للمواطنين بمعدل وسطي 3 ساعات قطع مقابل 3 ساعات تشغيل مع تغير هذه النسبة في بعض الفترات وفقا للظروف.
اليوم ومع ازمة كهرباء خانقة قادت الى حالة شلل شبه كلي في مختلف مناحي الحياة برز استخدام الطاقة الشمسية SOLAR ENERGY كخيار من أكثر الخيارات المطروحة منطقية في سورية حيث يمكن سبر احتياجات المواطنين الناجمة عن تسخين الماء إضافة إلى التدفئة من خلال إقامة خزانات حرارية طويلة الأمد فصلية يتم شحنها في الصيف للاستفادة من الطاقة الشمسية وتفريغها في فصل الشتاء ويمكن استخدام هذا الأسلوب في سورية حيث تتمتع بقيم وفيرة لشدة الإشعاع الشمسي.
لكن دائما الشيطان يكمن في التفاصيل !
الحكومة السورية قامت بتأمين قروض ميسرة للمواطنين لتمويل هذا المشروع وبتقسيط طويل الأمد انطلاقا من فكرة انها يمكن أن تحقق أهداف اقتصادية جوهرية من خلال تخفيض استهلاك المازوت والفيول المستخدمين لتوليد الكهرباء والتدفئة إضافة إلى تخفيض وحدات التلوث الناجمة عن احتراق المازوت والفيول المستخدمين للتدفئة وتوليد الطاقة.ولكن ما الذي حصل؟
لم تسهم السياسة المتبعة بحل مشكلة الكهرباء
البعض حصل على القرض وتم استخدامه لأغراض اخرى او قام باستخدامه جزئيا.
اليوم الحل يحتاج تبني استراتيجية متكاملة تشمل الجميع فحتى من لا يستطيع تأمين المال يقدم سطح منزله او ارض وماشابه للوصول إلى مشروع متكامل, فمثلافي شهر فبراير/ شباط عام 2018 أطلقت وزارتا الكهرباء والتربية في سوريا مشروعا لتوليد الطاقة الكهربائية بالاعتماد على الطاقة الشمسية لمجمع مدارس محسن مخلوف في ضاحية قدسيا في ريف دمشق، باستطاعة 140 كيلوواط ساعي حيث انتج سنويا حوالي 230 ألف كيلو واط ساعي،ووفر حوالي 80 طنا من النفط المكافئ .
هنا بيت القصيد حيث يمكن لسكان حي متكامل من تثبيت ألواح شمسية لتوليد الطاقة الكهربائية بالحصول على قروض حكومية وتحديد كمية استهلاك لكل منزل تغطي الانارة والثلاجة والتلفاز ويتم صب الفائض لدى الشبكة العامة ومن ثم اجراء تقاص بين قيمة القسط والكهرباء المسلمة كما يمكن للدولة أن تقوم بإنشاء محطة تخزين كهرباء من الطاقة المتولدة عن الألواح الشمسية من منازل المواطين، عبر إيصال خط خاص لذلك، ومن ثم إعادة بيع هذه الطاقة لمواطنين آخرين وبسعر أقل. أي هنا يقوم المواطن ببيع الكهرباء الفائضة لديه للدولة، ومن ثم تقوم الدولة ببيعها للمواطنين الآخرين وبسعر جيد لهم".
وبهذه الطريقة يربح الجميع، المواطن، حيث تنخفض المدفوعات للكهرباء، بل ويصبح له دخل إضافي من بيع الكهرباء، والدولة التي لا تحتاج إلى توليد الطاقة الكهربائية بل فقط لبيعها.
وتعتبر اليابان من الدول الرائدة في توليد الكهرباء من خلال الطاقة الشمسية، وتقوم بتخصيص أماكن ضخمة لنشر اللوائح الشمسية وبناء محطات لتخزين الطاقة المتولدة منها حيث يمكن الاستفادة من التجربة اليابانية وحتى الالمانية.
اليوم هناك عدة حقائق يجب التسليم بها للوصول الى حل:
أولها ان الحكومة غير قادرة وتحت أي ظرف ان تعود بوضع الكهرباء الى ماكان عليه سابقا وهو ليس ضعفا منها ولكن نتيجة الازمات المتلاحقة التي ضربت البشرية كلها.
الحقيقة الثانية ان استراتيجية التعامل مع الطاقة الشمسية وفق المعمول به حاليا كقروض فردية واجراءات غير منسقة هي استراتيجية فاشلة بامتياز وستقود في النهاية الى هدر كبير في الموارد.
الحقيقة الثالثة لايمكن اهمال الفقراء ممن هم غير قادرين على الحصول على قرض او دفع قسط من استراتيجية الطاقة المتجددة وهنا يكمن جوهر النظام الاشتراكي.
الحل يكون باستراتيجية حكومية تعتمد على المعالجة منطقة منطقة انطلاقا من الثوابت السابقة والا ستتحول المعالجة الى نقمة في المستقبل القريب.